من الصحافة
صحيفة 1949- الجمعية التأسيسية تنتخب هاشم الأتاسي رئيساً
عقدت الجمعية التأسيسية جلسة في يوم الأربعاء الرابع عشر من كانون الأول 1949م لإقرار تعديل بعض مواد الدستور المؤقت وانتخاب هاشم الأتاسي رئيساً مؤقتاً للدولة.
صحيفة ألف باء نشرت خبراً حول المداولات واقرار تعديل المواد وانتخاب رئيس الدولة.
عنوان الخبر:
الجمعية التأسيسية تنتخب فخامة السيد هاشم الأتاسي رئيساً مؤقتاً للدولة وتقر دستوراً مؤقتاً يتضمن إعطاء صلاحيات التنفيذ والتشريع عدا عقد الاتفاقات الخارجية إلى الحكومة خلال ثلاثة أشهر.
نص الخبر:
افتتحت جلسة المجلس النيابي مساء أمس في الساعة الرابعة والدقيقة الأربعين وقد لوحظ أن السيد فيضي الأتاسي وزير المعارف قد جلس بين النواب ولم يحضر أحد من الوزراء، وبعد أن تلا أمين السر خلاصة الجلسة الماضية تكلم السيد هاني السباعي مقرر لجنة الدستور المؤقت فقال: أن المشروع الذي قدم وسحبته الحكومة قد تبناه العجلاني ولما كانت الضرورة تقضي ألا تبقى البلاد فوضى دون رئيس ولا حكومة فإنني أرى أن يعمد المجلس الكريم الذي صدق على المادة الأولى وطوى المادة الثانية بعد تعديل، ولم يصوت على الثالثة التي قررت اللجنة أرجاء البحث فيها أرى أن يعيد المجلس إذا أراد المادة الثالثة إلى اللجنة ليمكن ايرادها بالشكل الذي يريده.
ثم تكلم دولة السيد حسن الحكيم فقال: ان شخصية هاشم بك الأتاسي لم تعد موضع بحث، ولكن شخصيته شيء والمبدأ شيء آخر، اننا نتمتع بجميع الصلاحيات وعليه فمن حقنا عليه أن يحترم رغبة الجمعية فلا يسلبها حقلها ليتمتع به هو وحكومته التي لا نعرف عنها شيئاً ولا ما اذا كان مجلسكم الكريم سيمنحها ثقته، وأرى أنه لم يعد من مجال لبحث المشروع بأية طريقة من الطرق لاسيما بعد أن سحبته الحكومة وان ترك صلاحية التشريع معناه تحكيم الديكتاتورية التي كانت المعارضة تحاربها.
وهنا قال الرئيس رشدي الكيخيا أنه يترتب علينا جميعاً أن نعالج أمور البلاد بسرعة وأن نجد في هذا الوقت العصيب مخرجاً للأزمة لكي تصبح البلاد في حالة الاستقرار، وعلينا أن نؤكد عن رغبتنا في الحرص على مصلحة البلاد، فنضع دستوراً مؤقتاً لمعالجة حالة مؤقتة، ولهذا فقد اقترح السيد السباعي إعادة مشروع الدستور إلى اللجنة، كما أن السيد العجلاني أبدى مثل هذه الرغبة. وطرح في التصويت الاقتراح فنال الأكثرية وعلى الأثر طلب الرئيس اجتماع اللجنة فوراً ورفع الجلسة.
تقرير لجنة الدستور المؤقت:
ثم استؤنفت الجلسة في الساعة الخامسة والنصف وتلا أمين السر تقرير اللجنة المكلفة بدراسة المواد الدستورية المؤقتة، وهذا نصه:
دولة رئيس المجلس النيابي الموقر،
عقدت اللجنة المكلفة بدراسة المواد الدستورية المؤقتة إجتماعها برئاسة السيد حكمة الحراكي، ومقررها السيد هاني السباعي وحضور أعضائها السادة:
شاكر العاص، رزق الله انطاكي، عبد الوهاب حومد، رئيس الملقي، منير العجلاني، أنور إبراهيم باشا، جميل العبد الله، مصطفى السباعي، وغياب السيد محمد خير الحريري، وبحثت في مشروع الدستور المؤقت فأقرت المادة الأولى وفقاً لما أقرتها الجمعية في جلستها أمس. أما المادة الثانية فقد رأت اللجنة الموافقة على طيها تلبية لرغبة أعضاء الجمعية في أن تبقى الحكومة مسؤولة أمام الجمعية. أما المادة الثالثة فقد أقرت اللجنة بمخالفة السيد منير العجلاني واستنكاف السيد رئيف الملقي إعطاء الحكومة صلاحيات التشريع على أن يقتصر ذلك على الأمور الداخلية وأن لا تتجاوز هذه الصلاحية مدة ثلاثة أشهر وقد تلي في اللجنة اقتراح من السيد رئيف الملقي على أن تعتبر هذه المواد نافذة إعتباراً من تاريخ إقرارها من الجمعية وعلى ذلك فاللجنة توصي الجمعية الكريمة بالموافقة على رأيها هذا وإقرار المواد التالية ودمتم.
دمشق 14 – 12 – 1949
المقرر
هاني السباعي
رئيس اللجنة
حكمة الحراكي
المادة الأولى – ينتخب المجلس التأسيسي بأكثرية أعضائه المطلقة وإن لم تحصل على فبأكثريتهم النسبية في المرة الثانية رئيساً للدولة يتمتع إلى ان يتم وضع الدستور بالحقوق والصلاحيات المنوط برئيس الجمهورية في الدستور القديم.
المادة الثانية- يمارس رئيس الدولة بمعونة مجلس الوزراء صلاحيات التشريع باستثناء الاتفاقات الخارجية وصلاحيات التنفيذ وفقاً للأحكام النافذة منذ 15 آب 1949 إلى أن يسن الدستور ويوضع موضع التنفيذ على أن لا يتجاوز ذلك ثلاثة أشهر.
المادة الثالثة – تعتبر هذه المواد الدستورية المؤقتة نافذة فور اقرارها.
وهنا تكلم الدكتور منير العجلاني قائلاً: على خلاف العادة أرى أن دولة الرئيس يبدو مسروراً فرحاً لما تلمس من آرائكم وأظن أن السيد فيضي الأتاسي قد “اغبر” أمس فيا حبذا لو بقي في مقعد الوزراء وهو مسرور فرح، فالأمور ستمشي كما يريد ويشتهي ولئن كان هو مسرور مرة فنحن سنكون مسرورين إن شاء الله مرتين، ولا بأس أن تسمحوا لي بادلاء بعض الملاحظات على المشروع المقدم وأرجو أن لا تنكمش لها أية شخصية.
لقد نسب إلينا تبنى هذا المشروع، وأنا رجل مسلم مؤمن لا أرى التبني وهو أن يدعى الولد إلى غير أبيه، أما المادة الثالثة فلست اباها ولا أخاها ولا تربطني بها أية صلة.
وقال لعلكم تتساءلون في إقرار المادة الثالثة مع أنها هينة لينة ضرب لها أجل فهي لن تطول أكثر من ثلاثة أشهر واستثني منها شيئ واحد هو الاتفافات الخارجية.
لقد خالفت لأن الأشهر لا تقدم في نظري ولا تؤخر، فأنا أمام مبدأ، ولقد أذكر أن الخليفة عمر بن الخطاب كان يقول لو فقد عقال بعير في أقصى الجزيرة لكان عمر مسؤولاً عنه، وأنا اعتبر نفسي مسؤولاً عن أية مخالفة استمرت شهراً أو يوماً أو دقيقة، هذا رأيي ولست ألزم أحد به.
حبذا لو حذفت هذه الكلمة لأن دولة تحترم نفسها لا تعقد إتفاقاً مع حكومة، وهذه أميركا عندما تعاقدت مع حسني الزعيم طلبت أن يستفتى الشعب في هذه الاتفاقات، إذ لا تستطيع الدول أن تطمئن إلى الاتفافات إلا عندما يقرها المجلس ولهذا فإن الاستفتاء لم يغير شيئاً من فزعنا وكم كنت أتمنى أن تتألف الحكومة الجديدة وتطلب أشياء لا أن تطلب الحكومة الحالية أشياء قد لا تريدها الحكومة المقبلة وأن يقال لكم انصرفوا بعد دقائق ثم عودوا بعد مدة للنظر في أمر الدستور.
إنني لا أطلب وزارة وانهم ارادوا الأكثرية بينما أردنا الاجماع ولكن أرادوا أن يحرجونا فشعرنا بشئ من الانقباش ومن الأولى أن يحترم تفكيرنا وقيمتنا ولوكنا أقلية..
إننا لسنا مأجورين ولا مباعين، ونحن نعطي ثقتنا ونبايع ولهذا وجدت في نفسي كثيراً من الحرج لا لأني احترم هاشم الأتاسي وفيضي الأتاسي وعدنان الأتاسي وكل فرد من أسرة الأتاسي فأنا احترم رئيس الدولة..
وهنا قاطعه رئيس الجمعية وطلب إليه عدم ذكر الأسماء فقال العجلاني لعلي قد اخطأت.. انما أذكرها كلمة صريحة لقد تحرجت من إعطاء حق التشريع للأسباب الذي ذكرتها.
وبعد ذلك قال الرئيس والآن يتلو أمين السر المادة الأولى فقام السيد جلال السيد واحتج على عدم السماح له بالكلام فعرض الرئيس قضية المثابرة على المناقشة على التصويت فرفضت، وهنا التفت الرئيس إلى السيد وقال له يجب عليك أن تسحب احتجاجك بعد هذا.
وبعد أن تكلم السادة حامد الخوجة وهاني السباعي وسعيد إسحق عرضت المواد على التصويت فأقرت ثم عرض المشروع برمته فوافق عليه 73 صوتاً وخالفه 32 صوتاً.
انتخاب رئيس الدولة
وعندما أعلن رئيس الجمعية ضرورة انتخاب الرئيس وفقاً للمادة الأولى من الدستور المؤقت اقترح الدكتور العجلاني رفع الجلسة مدة بسيطة ليكون انتخاب الرئيس في جلسة مخصوصة.
وبعد 15 دقيقة استؤنفت الجلسة من جديد وجمع صندوقان أصوات المقترعين فنال كل من السادة هاشم الأتاسي 89 صوتاً وعدنان الأتاسي 5 أصوات، فيضي الأتاسي صوتاً واحداً، هايل سرور صوتان، رشدي الكيخيا صوتان، وظهرت تسع أوراق بيضاء.
وهنا أعلن الرئيس الكيخيا أن السيد هاشم الأتاسي قد أصبح رئيساً للدولة المؤقتة وأنه يرفع باسم المجلس لفخامة الرئيس أجمل التهاني لازدهار البلاد وعزتها في عهده فهو رجل ناضل وجاهد في سبيل أمته فإذا قمنا بانتخابه فنكون قد أدينا بعض الدين الذي له على هذه البلاد. وإنني سأقدم التهاني لفخامته حالاً، وسأتوجه برفقة أعضاء مكتب المجلس لتقديم التهاني مباشرة.
ثم تكلم السيد عبد الحسيب رسلان فالدكتور العجلاني الذي طلب تأليف لجنة لوضع صيغة اليمين التي يؤديها الرئيس المؤقت أمام المجلس فقال الرئيس اعتقد من واجبنا أن نقسم اليمين أولاً واقترح قنبر أن توضع الصيغة في الجلسة القادمة.
وقال حومد أن اليمين الدستورية السابقة كافية ثم أيد دولة البرازي اقتراح العجلاني، وقال أن اللجنة تنظر في اقتراح حومد أيضاً.
ثم انتخب رئيس الجمعية السادة حسني البرازي وحسن الحكيم وزكي الخطيب لجنة لوضع اليمين الدستورية.
وطلب السيدان عبد السلام حيدر وحكمت الحراكي تبني النظام الداخلي السابق للجمعية التأسيسية ثم رفعت الجلسة إلى الساعة الرابعة بعد ظهر يوم السبت.
الجمعية تهنئ رئيس الدولة
وهذا وعند ارفضاض الجلسة توجه دولة السيد رشدي الكيخيا مع أعضاء مكتب المجلس وبعض النواب لتقديم التهاني لفخامة السيد هاشم الأتاسي كما زاره عطوفة اللواء سامي الحناوي وبعض ضباط الجيش، وقد غصت دار فخامة الرئيس بالمهنئين.