وثائق سوريا
كلمة فاتح المدرس نقيب الفنون الجميلة في حفل تأبين أحمد مادون عام 1983
ألقى فاتح المدرس نقيب الفنون الجميلة كلمة النقابة في حفل تأبين الفنان الراحل أحمد مادون الذي أقيم بمناسبة مرور أربعين يوما على وفاته – يوم الأحد السادس والعشرين من حزيران عام 1983 في المركز الثقافي العربي بدمشق.
أحمد مادون ابتسامة وريشة
قلت لأحمد عندما عاد من هجرته القصيرة الى اليابان
-ماذا أحضرت معك ؟ ماذا تعلمت هناك ؟
ابتسم بخجل وأطرق ثم نظر في عيني وقال :
-الابتسامة .
-الابتسامة؟
-نعم تعلمت أن أبتسم . علموني ان ابتسم .
قلت له
-الابتسامة ليست غريبة عن وجهك الرضي.
-…..سكت
ثم قال :
-أحضرت معي مجموعة من الريش ، ريش الرسم اليابانية .
-هل تحب أن تعيش هناك
– أحب تدمر . قال
كان هذا أكثر من خمسة عشر عاما.
كنا نلتقي كثيرا في مرسمي فس شارع أحمد مريود-في القبو ، وكنا في حوار دائم وحول موضوع واحد ، كيف نستطيع أن نفهم الضوء ، وما معنى الخطوط التي تشكل موضوع الرسوم ، وكان يصر على أن الفن التشكيلي في سورية هو واجب قومي من ذات الفنان التشكيلي السوري ، وأن العرب من أعمق الشعوب فهما للإنسان .
قلت له كيف توصلت الى ذلك.
-من تدمر ، تدمر العربية . اذا استطعت فهم تدمر فاني سأكون سعيدا
-هل هناك فنان سعيد حقا؟
-إذا كرس كل وجوده لعمله
وكرس أحمد كل وجوده وقواه لعمله كفنان التزم بفن قومه ، وخلال سنين قليلة أنتج أعمالا ذات تصور ذاتي طاهر عن “روح تدمر” وكسبت حضارتنا الفنية في سوريا . فنانا حقيقيا ملتزما بالمنظور الحضاري لوطنه في مجال الإبداع الفني .
هل كان أحمد سعيدا حقا؟
هل استطاع كسر حاجز الغربة التي يعيشها الفنان في هذا العالم ؟
عندما سمعت بنبأ مقتله في الحادث . بكيت . بكيت خوفا على وطني .
-ذهب أحمد وترك لي ابتسامته أراها بين آن وآن في لوحاته . ويملأ قلبي الحزن .. كان بمقدور أحمد أن يعطي كثيرا لوطنه . وان ما أعطانا إياه اشارة الى الينبوع العظيم في ذات الفنان العربي السوري .
فاتح المدرس
نقيب الفنون الجميلة