وثائق سوريا
رسالة حسني الزعيم إلى المغتربين السوريين بمناسبة عيد الفطر عام 1949
وجه المشير حسني الزعيم رئيس الجمهورية رسالة إلى المغتربين السوريين بمناسبة عيد الفطر عام 1949م.
الرسالة بثت عبر إذاعة دمشق، وأبلغت إلى مختلف المفوضيات السورية، وفيما يلي نص هذه الرسالة السامية:
أيها النازحون السوريون، يا صقور أمية تحت كل كل كوكب سلام الله عليكم، وسلام الأمة التي أطلعتكم مفخرة من مفاخرها.
إن حكومة الإنقلاب تدرك تمام الإدراك تمام الإدراك ما يغمر قلوبكم من المحبة والإعزاز كلما ذكرت لكم بلادكم، وأمجادها، وتعرف تمام المعرفة مدى الحزن الذي يساوركم عند سماعكم أخبار المخازي التي جرها علينا وعليكم العهد البائد البغيض، وهي تعتز بمآثركم المشكورة وتباهي بتضحياتكم المقدورة، في سبيل بلادكم التي تتطلع إليكم من وراء البحار بكل إكبار وفخار .
أيها الاخوان والأبناء النازحون:
لقد تألم الجيش السوري الباسل النبيل من الحالة السيئة التي وصلت إليها البلاد من جراء ضعف سياسة العهد الماضي، في الحقلين الداخلي والخارجي، ومن ظهور دولة غريبة عنا قامت إلى جانبنا، تهدد كياننا بخطر مداهم، وعندئذ رأى هذا الجيش الفتي المؤلف من اخوانكم ورفاقكم أن يضع حداً للميوعة السياسية في الداخل وللمهزلة الصهيونية في الخارج، فوثب وثبته الموفقة، فكان الإنقلاب الذي ظهر البلاد من مخازي الإقطاعية والمحسوبية ورد العدو الذي كان يهدد كيان الأمة باستعماره وتوسعه، وهكذا أراد الجيش الذي اتشرف بتسلم قيادته، وهكذا أردت، وأراد كل رفاق الساعة الأولى، كما تريد الحكومة الجديدة التي أولتني شرف رياستها أردنا جميعاً أن تكون سورية بلاداً مستقلة حرة، تنفض عنها غبار الأوهام وخرافات القرون الوسطى فكان لنا ما أردنا، وهي هي بلادكم سوريا الجديدة، تأخذ بالمعرفة والعلم والرقي والحضارة وتخلع الخنوع والجمود، فتعطي العالم من نعم الفكر مقابل ما تأخذ منه من نعم وخيرات. نعاهدكم كما عاهدنا اخوانكم.
أيها الأخوان الأعزاء:
إن بلادكم أرادت أن تنهض إلى التطور والتقدم والرقي كدأبها في ماضيها الطويل الحافل بالمحامد والأمجاد، ولن تتراجع بعد اليوم عن السير في ركب المدينة الصحيحة والديمقراطية الحرة.
وإنا نعاهدكم كما عاهدنا الأمة وأنفسنا على أنه لن يكون بعد اليوم في سوريا غير العدل والمساواة، ولن يسود فيها إلا الحب والاخاء، وسيظل مجتمعنا مندفعاً في الطريق الواسعة نحو الرقي والعلاء مع الاحتفاظ بالفاضل الصالح من عاداتنا وتقاليدنا وآدابنا.
إن اخوانكم هنا جاهدوا وضحوا طويلاً، وأعطوا وبذلوا كثيراً، وقد كان ذلك منهم في سبيل السيادة والاستقلال، وهم لن يرضوا إلا إذا تظل صفحة الجهاد والنضال صفحة نقية بيضاء، خليقة بماضي امتكم المجيد.
وإن الشعب السوري الأبي، الذي رفض بإباء وشمم، ظلم المستعمرين، واستبداد المستثمرين، لن يرضى إلا مكانة المجد مكانة.
ولئن أهمل أمركم طويلاً ،فإنا لن ننساكم، ولن نهملكم بعد اليوم، وليس لنا أمنية أعز من أن نراكم، وقد حزمتم أمركم على العودة إلى وطنكم لتستثمروا خيراته، وتنعموا فيه بالحرية، والأمن والكرامة.
عاشت سورية، عشتم لها، ودامت سيدة عزيزة مستقلة(1).
(1) صحيفة ألف باء، العدد 8073، الصادر في الثلاثين من تموز عام 1949م.
انظر:
مراسيم وقرارات نور الدين الأتاسي
انظر ايضاً:
وثائق وبيانات سورية 1900 – 2000