الفنان الفراتي يوسف الجاسم
لا تذكر الموسيقى في ديرالزور من دون ذكر الموسيقي يوسف الجاسم، ولد (أبو حياة) في العام 1928، و أصيب في طفولته بالجدري، مما أفقده البصر، ويروى أن شقيقه الأكبر ياسين الجاسم، عرضه على أمهر أطباء العينية في ديرالزور في ذلك الوقت، الدكتور رشاد الجاسم (اسم الكنية متشابه، لكن لا تربطهم صلة قرابة)، الذي فحصه و أكد إمكانية خضوعه لجراحة تحمل نسباً جيدة من القدرة على استعادة البصر، حيث أن العصب البصري لم يكن متأذياً، إلا أن القدر لم يسعف يوسف الجاسم كي يسترد بصره حيث توفي الطبيب في حادث سير، قبل إجراء العملية.
أظهر الشاب يوسف عشقاً للموسيقى منذ بداية حياته، كان مستمعاً جيداً، سمع الأغاني العربية و أغاني الفرات التراثية (عل لا لا) و (المولية)، إلا أن قرر المتابعة بالموسيقى، فكان الناي أول آلة حاول تعلم العزف عليها، فصنع ناياً بسيطاً و بدأ يعزف عليه، حيث لم تكن المعاهد الموسيقية شائعة كما هي اليوم، لكنه استفاد من الدروس و التوصيات التي زوده بها صالح نجار.
رحل يوسف الجاسم إلى حلب و طور موهبته على يد أستاذه الآخر بشير حلواني، و في دير الزور، تعرف على المطرب محمد أمين، الذي قدم لإحياء حفلة في سينما القاهرة الصيفي، فأسمعه أغنيته الأصلية (نور العيون يا شاغلني)، نصحه الفنان محمد أمين بتعلم العود، لأنه الأساس الذي سيصل من خلاله للموسيقى الشرقية.
استدعته إذاعة حلب للخضوع لفحص قبول كي يعمل في الإذاعة، بتوصية من أستاذه السابق بشير حلواني، فنجح في فحص القبول و قبل كمطرب في الإذاعة و اشترطوا عليه أن يغني أيضاً ضمن فرقة الموشحات، ليتعلم الصولفيج و الأسس النظرية و المقامات كي يتطور لاحقاً لمرحلة الغناء الفردي. أسس في العام 1958 مع الفنان ذياب مشهور فرقة الفنون في ديرالزور، وكان للفنان يوسف الجاسم، أو كما يسميه ذياب مشهور (يوسف الفراتي) فضل كبير في بدايات مشهور الفنية، الذي تتلمذ على يد أبي حياة. كما أسهم في البدايات الفنية للأستاذ أبراهيم العكيلي، الذي عمل لاحقاً كأستاذ موسيقي في مدارس ديرالزور، كما أسهم أبو حياة في تعليم العديد من الشباب و الشابات أصول العزف، حين عمل في فرع الشبيبة.
استطاع الفنان يوسف الجاسم إتقان العزف على آلة الكمان، حيث قدمت فرقة فنية و موسيقية للتمثيل و الغناء في دير الزور، على رأسهم الفنان السوري القدير سعدالدين بقدونس، و لم يكن معهم عازف للكمان، لذلك كانت فرصة للفنان يوسف الجاسم كي يظهر معهم كعازف للكمان، و من هنا واصل و واظب على عزف الكمان و تعلم المزيد عنه. ظهر لأول مرة كعازف كمان منفرد في ديرالزور في حفلة فنية أقيمت في نادي الطليعة، ليكون بذلك متقناً للعزف على ثلاث آلات (الناي، العود، الكمان)
توفي الفنان يوسف الجاسم في الأول من كانون الثاني عام 1996، و قد حظي بتكريم من قبل المركز الثقافي في ديرالزور قبل وفاته، و حين كرمت وزارة الثقافة السورية عام 2019 الفنان ذياب مشهور في احتفاليتها بيوم الثقافة، و التي استضافتها دار الأسد للثقافة و الفنون، أثنت في بروشور التعريف بالفنان الفراتي ذياب مشهور على بداياته الفنية التي كان للفنان يوسف الجاسم دوراً بارزاً فيها(1).
(1) د. أنس غازي، موقع التاريخ السوري المعاصر
انظر:
جواز سفر كريكور يوسف كركو مناشي للذهاب إلى القدس عام 1935
بطاقة ناجي غازي الحكم في الاتحاد السوري لكرة اليد
بطاقة دخول إلى محطة تل البيضا للنفط 1974- 1975
الفنان أيمن زيدان في الفيلم الروائي (الطحالب)