بطاقات بحث
الأمراض في سورية خلال الحرب العالمية الأولى
انتشر وباء التيفوس والكوليرا في مختلف أنحاء سورية خلال الحرب العالمية الأولى.
وفتك مرض التيفوس في حلب في أواخر 1914 بالسكان، وخاصة الفقراء فتكاً ذريعاً، وبلغت ضحاياه الألاف، وكان يموت كل يوم من 200 – 300 شخص.
وذكر أن عدد سكان حماة في نهاية الحرب العالمية الأولى صار لا يتجاوز العشرين ألفاً، فقد فرغت المنازل الكثيرة من أهلها بسبب الجوع والأمراض.
وكثيراً ما كان الناس الجياع يخطفون أكياس المارة التي تحوي شيئاً من الطعام. كانت المجاعة تجتاح حماة خلال الحرب العالمية الأولى، وفي الطريق شاهدت امرأة تقطع اللحم من جيفة متفسخة وحولها أطفالها الصغار يتضورون جوعاً ويبكون. كانت تلك المشاهد مألوفة في ذلك الحين، كما كان موت الناس على الطرقات من الجوع والمرض أمراً عادياً، حيث كانت الجثث تجمع “بالطنابر” وتنقل إلى ظاهر مدينة حماة ليدفن العشرات في قبر واحد، وكان طرق أبواب المنازل وصراخ الشحاذين: “جواعانين .. من مال الله” لا ينقطع لا ليلاً ولا نهاراً.
كان الجوع ومرض التفئيد والكوليرا والجدري منجلاً يحصد الناس، وكانت أعشاب البرية في الربيع مرعى للناس والبهائم معاً، وكانت الدولة العثمانية حينها توزع الخبز في خان تسميه” المطعم” ويسميه الفقراء الجائعون “المطعن” لأنه كان مباءة لانتشار الأمراض، بالإضافة إلى أن التوزيع كان نذراً يسيراً، وبالرجاء والالتماس)(1).
وزاد الأمر سوءاً، انتشار الكوليرا في سورية أيضاً، وخاصة في حلب وبين الجنود.
وقد وصف أحد الضباط الألمان بأنها أي الكوليرا تقاتل ثلاث جيوش، بسبب انتشارها الواسع. ولقد استحضر الألمان ثلاثمائة ألف إبرة، وأجرى اختبارها في المخابر الجرثومية، وأخذ هؤلاء الألمان في سورية يغلون الماء، أما الأتراك والسكان فلم يفعلوا ذلك، وكانت الديزانترية والملاريا، من مكملات الحالة الصحية الفاسدة، التي سادت سورية في تلك الفترة.
في هذا الجو البائس، أخذت تصل إلى سورية، جموع المهاجرين الأرمن من الأناضول، ووصلوا الى حلب أولاً قبل ان ينتقلوا إلى دمشق التي نشروا فيها التيفوس الذي حملوه من الأناضول وحلب.
(1) المجاعة والأمراض في حماة خلال الحرب العالمية الأولى
(2) سلطان (علي)، تاريخ سورية، 1908- 1918 نهاية الحكم التركي، صـ 352- 367