الأدب والروايات في سوريةدراسات وترجمات
الأدب المسرحي في سورية
كانت معظم الأندية والفرق في سورية، سواء الجوالة منها ام الثابتة باستثناء فرقة القباني الذي غادر إلى القاهرة،كانت تعتمد اعتماداً أساسياً في انتاجها على النصوص المترجمة أو المحرفة، ولم تكن تسهم فعلاً بتأسيس حركة تأليف مسرحي عربي في سورية بالمعنى السليم، ولم تكن مهيأة أصلاً لمثل هذه المهمة. فهي أندية وفرق فقيرة كانت تتعرض للإفلاس بين الفينة والفينة، وتبوء بغضب السلطة ببعض المشاهد البسيطة التي يكتبها بعض المتحمسين.
ولم يكن نشاطها يعدو جملة من النصوص المترجمة مثل روميو وجولييت – شهداء الغرام- جنفياف.. الخ. واستمر الأمر بعد الاستقلال عام 1945م.
بعد الإستقلال كما كان في السابق، فلم تسع الحكومة إلى تشكيل فرقة مسرحية رسمية، وبقيت الأندية تتابع نشاطها العادي. ومن الطبيعي والحالة هذه أن تنشط القصة والشعر في الخمسينيات وبداية الستينيات أكثر من نشاط المسرحية.
يقول علي عقلة عرسان أنه لم يكن الأديب ليجد المحرض الذي يدفعه لأن يكتب المسرح.. فلا المسرح موجود، ولا الفرق قائمة، وليس هناك تراث من التأليف المسرحي العربي انغرست جذوره في صلب التكوين الثقافي والأدبي للكاتب كي يدفعه إلى متابعة الخلق والتجديد في مجال المسرح.
فالمسرحية كما هو معروف، ليست من فنون الأدب العربي الأصيلة الراسخة المتطورة. ولا يعنينا هنا الدخول بتفصيلات عن الأسباب التي دعت إلى ذلك، ولكن الواقع يشير إلى جدب التراث الأدبي العربي في هذا النوع من الإنتاج كما يشير إلى فقدان المسرحية المتكاملة، أي كأدب وفن على مستوى التنفيذ والاتصال بالجماهير.
وقبل بداية الستينيات كان معظم الكتاب والأدباء يتجهون إلى القصة والشعر والدراسة، ولم تكن المسرحية تحظى باهتمام نفر كثير من الكتاب والأدباء، وبالتالي كان الإنتاج الأدبي المسرحي محدوداً في فترة الخمسينيات مثل: خليل هنداوي، ومصطفى الحلاج.
أما فترة فترة الستينيات فاستقطبت الحركة المسرحية عدداً من الكتاب انتزعت بعضهم من مجلات القصة والشعر والدراسة منهم: علي كنعان، ومحمد الماغوط، ووليد اخلاصي، وعلي الجندي، واسكندر لوقا، وصدقي إسماعيل، ومراد السباعي، ووليد مدفعي. وبذلك زادت دائرة الاهتمام بالمسرح والكتابة له وكسبت الحركة المسرحية طاقات جديدة بالإضافة إلى الطاقات التي اكتسبتها أصلاً. بالإضافة إلى هذه الطاقات جميعاً، اتجه كتاب وأدباء جدد إلى المسرح مباشرة ممن برزوا في فترة الستينيات ومنهم: سعد الله ونوس، وغسان ماهر الجزائري وغيرهم.
ومن الأسباب التي دعت إلى هذا التحول نحو المسرح والاهتمام به والكتابة له لوجدنا جملة من الأسباب أهمها:
– إحدث وزارة الثقافة وإنشاء فرقة مسرحية رسمية في القطر ترعاها الدولة وتنفق عليها وتخطط لها هي فرقة المسرح القومي، ومما أبرز حاجة هذه الفرقة للنص المحلي وجعلها تبحث عنه وتعتبره أحد مبررات وجودها الرئيسية.
– تقديم مواسم مسرحية ثابتة ومتنوعة الأمر الذي لفت نظر الأديب العربي إلى دور المسرح وجماهيريته وفعاليته، وربطه أيضاُ بحركة التأليف المسرحي العالمية ووضعه أمامها في مواجهة تحريض على الإنتاج واثبات الذات.
– تشجيع الدولة لحركة التأليف المسرحي وشعور الكتاب بوجود سوق لهذا النوع من الأدب.
– انعكاس نشاط حركة التأليف المسرحي في القطر العربي المصري على كتاب القطر.
– نمو النشاط المسرحي بصورة عامة وارتفاع سويته الفنية ومستوى زيادة الجماهيرية له(1).
وقد عالج الكتاب المسرحيون مواضيع مختلفة تتناول أوجه الحياة الاجتماعية والسياسية وغدت حركة التأليف المسرحي في الآونة الأخيرة من أكثر مظاهر الحياة الأدبية والفكرية تعبيراً عن الواقع وعن تطلعات الجماهير ومشاكلها.
(1) عرسان (علي عقلة)، الأدب المسرحي في سورية، العدد 104 الصادر في الأول من تشرين الأول عام 1970م.