مقالات
سامر الموسى: أيلول الأسود عام 1970
سامر الموسى: التاريخ السوري المعاصر
لم تكد تهدأ عاصفة حرب حزيران 67 حتى اندفع سيل من اللاجئين الفلسطينيين الى دول الجوار وخاصة إلى الأردن بحكم الجغرافية وصلة النسب وكانت الفصائل الفلسطينية تتخذ من الضفة الشرقية مقراًِ وممراً لهجماتها على القوات الإسرائيلية التي تحتل الضفة الغربية.
لكن النفوذ الفلسطيني المسلح لم يبدأ بالظهور على الساحة الأردنية إلا بعد معركة الكرامة وهي بلدة صغيرة تقع قرب جسر الملك حسين حيث تصدت قوات من حركة فتح كبرى الفصائل الفلسطينية لقوة إسرائيلية حاولت الهجوم على مخيمات للتدريب تابعة لها وكبدتها خسائر فادحة بالأفراد والعتاد وأجبرتها على الانسحاب وشاركها في ذلك قوات من الجيش الأردني مما كان له أكبر الأثر في ازدياد شعبية الفصائل الفلسطينية في الأردن ودول الجوار وخاصة فتح وكانت بداية الظهور السياسي للزعيم الفلسطيني ياسر عرفات حيث كان يتولى مسؤولية جهاز الأمن داخل حركة فتح.
ازداد حجم ودور المنظمات الفلسطينية في الأردن، ورفعت تلك المنظمات الشعار المشهور إن تحرير فلسطين يبدأ من عمان وبدأت تشكل عامل قلق أردني وإقليمي.
حاول الملك حسين استيعاب تلك الجماعات وخصوصا ان الأردن بات بلداً يشكل فيه الفلسطينيون نسبة كبيرة جداً من السكان، وفي البداية استجاب لبعض مطالبهم.
لكن بعد سلسلة خطف الطائرات بين 6 و9 أيلول وخروج مظاهرات تنادي بسقوط عبد الناصر والملك حسين بعد أن وافقت مصر والأردن على مشروع روجرز ل السلام وقبول قرار الأمم المتحدة 242 كان يبدو أن هذه الفصائل تجاوزت الخطوط الحمراء فكان أن قرر الملك المواجهة معهم وشكل حكومة عسكرية عين فيها حابس المجالي قائدا أعلى للقوات المسلحة وعزل اللواء مشهور حديثة المقرب من الفلسطينيين وأعلنت هذه الحكومة الأحكام العرفية وكان واضحا أن الجيش الأردني قرر إنهاء الوجود الفلسطيني المسلح على أراضيه لكنه في البداية وزيادة في التمويه وإعطاء الوقت لتركيز المدفعية في الأماكن الحساسة قرر المشير المجالي إرسال وفد للتفاوض مع ياسر عرفات الذي كانت انتخب في المجلس الوطني الفلسطيني رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1969 لكن عرفات ارسل له محمود عباس (الرئيس الحالي) للتفاوض بشروط تعجيزية منها إقالة الحكومة وانسحاب القوات الأردنية من عمان وتسليح قوات الأمن بالعصي فقط فتظاهر المجالي بالقبول وعندما اكتملت الخطة جوهر بدأت القوات الأردنية بقصف المخيمات الفلسطينية في عمان بالمدفعية الثقيلة قصفا عنيفاً تصدت لها الفضائل الفلسطينية بضراوة عندما حاولت اقتحام المخيمات فكان أن وقع عدد كبير من الضحايا من الطرفين وعندما أشتد القتال نتيجة القصف الكثيف بدأت الأمور تميل للجانب الأردني هرب قادة الفصائل الفلسطينية تاركين المدنيين العزل لمصيرهم المحتوم.
التدخل العسكري السوري
اختلفت الروايات حول من أعطى الأمر من الجانب السوري لدخول قوات عسكرية لمساعدة الفصائل الفلسطينية وإنقاذها لكن الثابت أن جلسة للقيادة القطرية لحزب البعث أقرت التدخل العسكري بوجود وزير الدفاع حافظ الأسد عضو القيادة القطرية ومن المرجح أنه أتى نتيجة مزايدات بين جناحي القيادة القطرية ويذكر الأخضر الإبراهيمي في مقابلة له أن رئيس الدولة نور الدين الأتاسي قال له عندما جاء دمشق لحل القضية” إذهب إلى حافظ الأسد فهو المسؤول عن كل شيء ولا تناقش معي قضايا جدية”.
أتى الدخول السوري بثلاثة ألوية واحد منها مدرع ولواء من جيش التحرير الفلسطيني كان قسم منها بقيادة النقيب محمد طارق الخضراء الذي توفي مؤخراً أما القوات السورية فكانت بقيادة اللواء محمود باغ ويقول باتريك سيل أن تلك القوات كان يشرف على دخولها وزير الدفاع حافظ الأسد من غرفة عملياته في نادي الضباط في درعا القريب من الحدود الأردنية وسيطرت تلك القوات على مدينة اربد قبل أن تتصدى لها القوات الأردنية وخاصة اللواء أربعين.
كما ان ضياء الحق الرئيس الباكستاني الأسبق تولى تقديم الدعم والخبرة للقوات الأردنية لكن حصل ما لم يكن ل الحسبان عندما لم تشارك الطائرات الحربية السورية في ذلك الهجوم السوري واضعاً علامة استفهام كبيرة على الموقف الحقيقي ل وزير الدفاع حافظ الأسد والذي كان حماسه لمنظمة التحرير الفلسطينية قد فتر كما أن صراعه مع رجل الحزب القوي صلاح جديد قد بدأ يميل لصالحه ف أثر الانسحاب من المشهد تاركا صلاح جديد في مواجهة مع الدول الكبرى التي ازعجها التدخل السوري ويقول الأسد في خطاب له أمام المؤتمر القومي العاشر الذي عقد بعد مدة من تلك الأحداث انه لم يشارك سلاح الجو خوفاً من سقوط النظام الحاكم في دمشق حيث شارك الطيران الإسرائيلي في قصف القوات السورية بالتعاون مع سلاح الجو الملكي الذي كان يقود طائراته طيارون محترفون فكان ذلك سبباً في توقف الهجوم السوري وتراجعه بعد تحطم أغلب عتاده وتشرذم قواته وفرار قسم منها ويقول باتريك سيل أن الأسد هو من أعطى الأمر بالانسحاب.
تدخلت جامعة الدول العربية لفض الاشتباك بين الجيش الأردني والفصائل الفلسطينية من جهة وبينه وبين القوات السورية من جهة أخرى عبر وفد قاده الباهي الأدغم وزير خارجية تونس أدى في النهاية إلى قمة عربية في القاهرة عملت على المصالحة بين الملك حسين وياسر عرفات توفي في اليوم الأخير منها جمال عبد الناصر لتنتهي مرحلة وتبدأ مرحلة جديدة في المنطقة عنوانها العريض الهيمنة السعودية على المنطقة.
انظر:
وثيقة تخرج ناجي جميل من دورة فني طيران في بريطانيا عام 1955
النقيب أحمد عنتر جلوساً وإلى يساره وقوفاً النقيب ناجي جميل
ناجي جميل وأحمد عنتر في السبعينيات
بطاقة بريدية باسم اديب الشيشكلي
انظر ايضاً: