وثائق سوريا
من الأرشيف العثماني 1886 – المخططات المعمارية لدار الحكومة (السرايا الجديدة) بمدينة حمص
من الأرشيف العثماني الرسمي(1) المخطط المعماري لواجهة مبنى الحكومة أو السرايا الجديدة بحمص التي تم إنشاؤها في سنة 1886/1304 وهدمها في عام 1951، مرفقًا به مساقط الطابق الأول والثاني، و هي تصميم و تنفيذ المهندس الرئيس في حمص محمد أنيس أفندي بن حسين آغا،
و حسب الوثائق الملحقة تم إنشاء المبنى في موقع مناسب للغاية بالنسبة للمدينة والمخططات الحديثة لشوارعها، بتكلفة وصلت إلى 363320 قرش عثماني، وتم عرضه على دائرة الهندسة في أمانة المدينة للتأكد من موافقته للمعايير الفنية المعمارية، حيث أن دوائر الحكومة في العصر الحميدي كانت تخضع لرقابة هندسية من ناحية التصميم، والتصاميم المعمارية لتلك الأبنية كانت مزيج بين الأنماط الأوروبية الحديثة والنمط العثماني/الوطني الذي بدأ بالظهور في أوائل العصر الحميدي (وهو مستمدّ من العمارة العثمانية الكلاسيكية) وتتميز به جميع الأبنية الحكومية في أنحاء السلطنة العثمانية وصولًا إلى أصغر قرية، وهي من سمات المركزية التي سعى السلطان عبد الحميد لفرضها. وكان ما يميّز المباني الحكومية في أي مدينة عثمانية هو أنها كانت مبنية من المواد المتوفرة في المنطقة وفيها لمسة من العمارة المحلية، وفي حالة سرايا حمص فقد تميّزت بالحجر الأسود، مع تواجد الحجر الأبيض في الزوايا، وهي لمسات محليّة بامتياز.
وقد شيّدت السرايا وسط الشارع الجديد، شارع السرايا فيما بعد (القوتلي حاليًا). وهي مؤلفة من جناحين الجنوبي والشمالي، يتألف الجناح الجنوبي من طابق أرضي فيه غرف مُحيطة بفسحة مكشوفة ومشيّدة بعقد مُقبب ومُتصالب، والجناح الشمالي مؤلف من طابقين، يعلوه سقف قرميدي من خمسة مقاطع مدبّبة، يتقدّم المقطع الأول عن الثاني بمقدار متر واحد، والثالث عن الرابع، وكذلك الخامس.
أما واجهتها الشرقية والغربية فهي مؤلفة من ثلاثة مقاطع على النحو المذكور، وهي مشيّدة بالحجارة البازلتية المحليّة المصقولة، أما نوافذها فهي من الحجارة البيضاء المصقولة بسواكف مُقوسنة وبارزة ومجنّحة، ويتطابق قطع أقواس وأجنحة نوافذ الطابق الأول عن الطابق العلوي، وكذلك الركائز الجانبية شُيّدت بالحجارة البيضاء المصقولة والبارزة قليلًا، كما يفصل الطابق الأول عن الطابق الثاني مدماك من الحجر الأبيض الذي يحيط بكافة جهات المبنى، وكذلك الأمر في الطابق الثاني، ويُضاف إليه مدماك يتناوب فيه الحجر الأبيض والأسود ويعلوه مدماك من الحجر الأبيض له أفاريز بارزة ويستدير بالبناء.
ويحيط بها سور قليل الإرتفاع من الحجر البازلتي المحلّي والمصقول يعلوه شبكة من القضبان الحديدية المتشابكة بأشكال فنية، ولها مدخل رئيسي واسع شُيّد بالحجر الأبيض المصقول وبساكف يتناسب مع النوافذ وبشكل فنّي جميل، ويعلو مدخلها الرئيسي ( الجنوبي ) اللوحة التأسيسية والطغراء الحميدية، و قد أرّخ هذا البناء الشيخ نجم الدين الأتاسي بقوله :
صبح السعادة قد توقّد وانجلا.. أم برج عزٍ للعدالة أُصَلا
أم ذاك بيت الحكم يشرق من سنا.. عبدالحميد إمامنا ملك الملا
يزهو بطالع ناشد باشا الذي.. أهدى لسوريا الفخارالأجزلا
قد شاده الشهم البرازي ذو العلا.. محمود باشا من حوى شرفًا علا
أيّد أيا غوثاه في تاريخه.. ملك الملا عبدالحميد الأفضلا
ســـــــــ 1304 ـــنة 90 102 169 934 ( حساب أبجد )
ويطلّ الطابق العلوي من الداخل بأروقة لها أقواس مدبّبة من حجر أسود ورخام متناوب ومصقولة بإتقان، ومحمولة على أعمدة رخامية متوّجة تطلّ على فسحة سماوية يتوسطها بركة ماء رخامية جميلة.
ولم يُكتب لدار الحكومة البقاء طويلًا، فقد أُزيلت على أيدي أبناء المدينة سنة 1370/1951 بعد بناء دار الحكومة الحالية إلى الغرب من السرايا الجديدة، دون النظر إلى جمالية هذا البناء وفنّه المعماري الفريد في مدينة حمص، بعد خلاف طويل عندما تقرّر أن يكون البناء خاصًا بالميتم الإسلامي،وفيما بعد تعذّر اقتسام المبنى بين الميتم الإسلامي والأرثوذكسي والهلال الأحمر الذي طالب بحصته كذلك، وعندما ضاقت بهم الحلول فكان من حكمتهم البالغة هو هدم السرايا الجديدة وتشييد مبنى حديث يُناسب الأطراف المتنازعة.
وفي سنة 1318/1900 بُنيت السرايا الجديدة في دمشق بفنّ معماري مماثل لسرايا مدينة حمص، وهي ما تزال قائمة ويشغلها وزارة الداخلية(2).
المصادر:
(1) الأرشيف العثماني الرسمي – وثيقة رقم ŞD.2276/8
(2) “مدينة حمص، و أوائل المهندسين في ظل الخلافة العثمانية”، ص151، محمد غازي حسين آغا.
اقرأ:
من الأرشيف العثماني 1889- عريضة من أهل حمص للصدارة العظمى لإبقاء القائمقام إحسان بك
من الأرشيف العثماني 1908 – ترميم تكية الطريقة السعدية بحمص من مال السلطان عبدالحميد
الشيخ محمد علي ابن الشيخ محمد حافظ المعاز
من الأرشيف العثماني 1903 – مكافأة أعضاء هيئة إنشاءات مسجد خالد بن الوليد
من الأرشيف العثماني 1877 -كتاب شكر من أهالي حمص إلى السلطان عبد الحميد الثاني
من الأرشيف العثماني 1895- تكليف كامل بك دوامة بتمثيل السلطنة في مؤتمر الجغرافيا
من الأرشيف العثماني 1914- رسالة مدير المدرسة العلمية في حمص إلى نظارة المعارف
من الأرشيف العثماني 1910- عريضة للصدارة العظمى من مدير المدرسة العلمية الأدبية في حمص