وثائق سوريا

من الأرشيف العثماني 1911- عريضة للصدارة العظمى من مدير المدرسة العلمية الأدبية في حمص

قصة أخرى من جهاد أهل حمص لتحصيل العلم .. عريضة للصدارة العظمى من مدير المدرسة العلمية الأدبية

من الأرشيف العثماني الرسمي , عريضة من مدير المدرسة العلمية الأدبية محمد علي النملي إلى الصدارة العظمى مباشرةً عام 1910 , يتكلّم فيه عن العجز المالي الذي تعاني منه المدرسة كونها مدرسة خصوصية و ليست تابعة للحكومة , و قد كانت هنالك محاولات في السنة التي سبقت العريضة لربط المدرسة بالسلطان عبدالحميد و تسميتها بالمدرسة الحميدية ولكن تم خلع السلطان بعد فترة قصيرة .

و المشكلة التي واجهت المكتب في هذه الفترة أنه كان خصوصيًا و لم يكن تحت رعاية الدولة , و لذلك كان يتم رفض تقديم أي تخصيصات من وزارة المعارف .


إلى جناب الصدارة العظمى

خلاصة : مسألة حياة أو موت بالنسبة للمكتب ( المدرسة ) , أرجو منكم , مسترحمًا , قراءته من البداية و إيجاد حل في أسرع وقت لتدارك الموقف .

هذا معروض تابعكم / خادمكم العاجز

قبل خمس سنين , تم إنشاء مكتب ” العلمية الأدبية ” في قصبة حمص بولاية سورية من قبل كومسيون / هيئة تضمّ أهل المعرفة و العلم و بعض وجوه المدينة , ليتضمن مراحل الإبتدائية و الرشدية و الإعدادية بنظام ليلي و نهاري دون التفريق بين جنس الطلبة أو مذهبهم و لتضمّ عموم الأطفال العثمانيين . و في ظرف مدة وجيزة اكتسب المكتب شهرة واسعة في جميع أنحاء ولاية سورية بعد إظهار كفاءته العلمية و بدأت أفواج الطلبة من طرابلس و حماة و دمشق بالقدوم إلى مكتبنا , و لكن المبالغ المحصّلة من قبل الطلاب لم تكن كافية لسدّ حاجة المكتب السنوية و المقدّرة بألف ليرة , و منذ أربع سنين ترتّب على المكتب عجز سنوي بمقدار ثمانين ليرة .

و بعد عدم قدرة هيئة المؤسسين على سد العجز إستأذن أغلب أعضاء الهيئة ممن أرادوا من عملهم هذا الجزاء المادي وليس المعنوي , استأذنوا و انسحبوا من الهيئة , و بهذه الحالة تبقّى في الهيئة 8 أشخاص من أصل 25 , و قد أكّد الباقون عدم قدرتهم المادية على دفع بارة واحد حتى , و قبل هذا بشهر حينما أظهر الصندوق المالي للمكتب عدم إمكانية دفع أجار المبنى / الخانة المخصصة للمكتب و المقدّر بـ 8000 قرش , و قد وصل بنا الحال إلى درجة كنا فيها على وشك إغلاق أبواب المكتب و تسريح الطلاب , طلبنا من أعضاء الهيئة المنسحبين ( و كانوا لا يزالون ضمن الهيئة ) إعانة ولو بعدّة قروش لإنقاذ المكتب من الإغلاق و لكن لم نجد منهم أي ردّ نبيل .

بل على العكس , زادوا الحال سوءًا حينما أبدوا رغبتهم بطرح أغراض المكتب و أثاثه للبيع في المزاد العلني و كانت قيمته تقدّر بثلاثمئة ليرة ,و التلهّف على المادة كان مقروءًا في جباههم و وجوههم.

و لله الحمد فقد استطعنا حينها دفع أجار المبنى على دفعات قليلة بعد أن أبدى صاحب الخانة الرضى تجاه هذا الأمر , واستطعنا إنقاذ المكتب من الخطر بشكل مؤقت , و لكن بعد فترة من الزمن عاد هذا الكابوس و أيقنا أن المكتب سيتم إغلاقه بنسبة مئة في المئة بعد أن تفاقمت المشاكل المادية إلى حد خطير .

في الحقيقة من الممكن إبعاد سحابة الإفلاس التي توشك على حرق مكتبنا بصواعقها , بطريقتين ؛

الأولى هي رفع أجرة الطلبة لدينا , والثانية من خلال معونة من نظارة المعارف الجليلة .

وبالنسبة للطريقة الأولى فالأهالي هنا لم يعتادوا صرف الكثير من المال لتعليم أولادهم , أو بالأحرى ليس لدى القسم الأعظم منهم ما يكفي لذلك , و سوف يؤدي رفع الأسعار إلى التعجيل بإنهاء المكتب حيث سيقوم أغلبهم بسحب أطفاله .

أما بالنسبة للحل المنجي , هو الحل الثاني ؛

فما أن المكاتب هي مصدر شمس المعرفة التي تضمن نشوء و نماء شجرة المشروطية , و نظارة المعارف الجليلة تشجع سَدَنة العلم بتخصيص معاش لمدرّسي اللغة التركية في المدارس الخصوصية حتى , و التي تؤسسها الطوائف في مختلف الممالك العثمانية مسلمة و غير مسلمة ,

في هذه الحالة أعرض طلبات مكتبنا الذي لم يمدد يد الحاجة حتى الآن لأي أحد و بأي شكل من الأشكال , و الآن و قد وقع في هذه الورطة , أنا مطمئن أن نظارة المعارف الجليلة التي تتعهد بحماية التعليم أمام الأمة و الضمير , ستنقذ مكتبنا عن طريق تخصيص معاش بمقدار 500 قرش شهريًا على الأقل لمدرّسي اللغة التركية في مكتبنا , و الذين يقومون بعمل مكمّل وممتاز في تدريسهم اللغة التركية بقواعدها و إملاءها و أدبياتها .

أقدم طلبي هذا مع التوسل و الإسترحام لإنقاذ مكتبنا من وحش الهلاك المحقق بسدّ العجز السنوي البالغ 8000 قرش , إما عن طريق تخصيصات سنوية بمقدار 8000 قرش , أو عن طريق تخصيص معاش لمعلّمي اللغة التركية بمبلغ 700 قرش شهريًا.

هذا الطلب مرفوع إلى وكالة الصدارة ذات الجناب السامي , التي هي ألمع نجوم المعرفة الساطعة في سماء المشروطية و أشدّها بريقًا في عقد حب الوطن , للمسارعة بإنقاذ المكتب مما يحصل له أمام مرأى الله و الأمة و من عذاب الضمير أما المسؤولية المعنوية فيما قد يحصل مستقبلًا , لمدّ مرساة السلامة قبل السقوط في دوّامة العدم لمكتبنا و طاقمنا المجهّز للتصدّي لأكبر عدوّ من بين أعداءنا , و هو الجهل .

و في النهاية الأمر و القرار لحضرة ولي الأمر .

1 كانون الثاني .1326

مدير المدرسة العلمية الأدبية الأعدادية الخصوصية الكائنة في قصبة حمص بولاية سورية .

محمد علي


اقرأ:

من الأرشيف العثماني 1877 -كتاب شكر من أهالي حمص إلى السلطان عبد الحميد الثاني

من الأرشيف العثماني 1914- رسالة مدير المدرسة العلمية في حمص إلى نظارة المعارف

من الأرشيف العثماني 1910- عريضة للصدارة العظمى من مدير المدرسة العلمية الأدبية في حمص

المصدر
أرشيف الدولة العثمانية الرسمي - استنبول

فارس الأتاسي

بكالوريوس في الهندسة المعمارية، باحث وكاتب في التاريخ السوري بالحقبة العثمانية [email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى