وثائق سوريا
بيان وزير الداخلية عدنان دباغ حول حادثة مدرسة المدفعية 1979
بيان وزير الداخلية عدنان دباغ حول حادثة مدرسة المدفعية التي جرت في السادس عشر من حزيران عام 1979م.
نص البيان:
(لقد وقفت سورية الموقف القومي الصلب من جميع المخططات التي استهدفت تصفية القضية الفلسطينية مثلما استهدفت وجود أمتنا العربية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، وقالت سورية بصوت عال لا.. لتصفية القضية الفلسطينية على حساب المشردين من أبناء فلسطين وعلى حساب التضحيات الكبيرة التي قدمتها الأمة العربية فداء لقضية فلسطين عبر ثلاثين عاماً من تاريخها المعاصر..
لقد وقفت سورية العربية الموقف الذي يمثل إرادة الشعب والأمة في رفضها لمسيرة الغدر والخيانة التي سار بها السادات تنفيذاً لأهداف الصهيونية والإمبريالية في المنطقة العربية على الوقوف في وجهها، ووقف الأشقاء العرب يدعمون موقف قطرنا ويعلنون تضامنهم معنا في رفض الهزيمة والاستسلام وفي التصدي لعزل السادات وحلفه الاستعماري الصهيوني الجديد.
يا أبناء شعبنا العظيم
لقد كنا ندرك ونحن نقف هذا الموقف القومي أن الولايات المتحدة الأميركية وأن الصهيونية وعملاءها سيبذلون أقصى جهودهم لإضعاف سورية العربية، وبالتالي لإجهاض صمودها وتصديها لمخططاتهم وأهدافهم التوسعية في الأرض العربية، وفتشوا عن عملائهم في المنطقة وعن أسلحتهم القديمة فيها فوجدوا في تنظيم جماعة الإخوان المسلمين ضالتهم.
هذه الجماعة التي كانت جماهير شعبنا قد هزمتها منذ ربع قرن في سورية وفي مصر عبد الناصر وفي غيرها من أقطار الوطن العربي.
هذه الجماعة التي انطلقت تبعيتها من العمالة البريطانية إلى العمالة للولايات المتحدة الأميركية مثل كل العملاء الآخرين الذين انتقلوا بالتبعية وبالاستسلام والتسليم إلى الاستعمار الجديد في الأرض العربية بعد الحرب العالمية الثانية، وتصاعد نفوذ الولايات المتحدة الأميركية.
منذ ربع قرن انتهت تنظيمات الاخوان المسلمين إلى شراذم وبؤر صغيرة تافهة لا قيمة لها بعد المد العربي القومي التحرري وبعد الانتصارات التي حققتها الجماهير العربية في سورية وفي بعض الدول العربية الأخرى.
وجاءت حرب تشرين فأيقظت الأعداء على قوة الأمة العربية وعلى تصميمها على انتزاع حقوقها وتحقيق أهدافها فبعثوا هذه الجماعة من جديد وأعادوا تلاحمها ودعمها لتكون رصيداً مناسباً يعمل لخلق المناخ المواتي لمخطط تصفية القضية الفلسطينية ومواجهة حركة التحرر العربية المتصاعدة.
ووجدت عصابة الإخوان المسلمين هذه أن قوة القطر العربي السوري لا تكمن في امكانياته وفي دعم الأمة العربية له وفي تضامن قوى الحق والعدل معه فحسب، بل تكمن أولاً وقبل كل شيء في شعب هذا القطر.
في الشعب العظيم الكريم الشجاع في الوحدة الوطنية الفولاذية لشعبنا والتي كانت وراء انتصارنا في تشرين ووراء انتصارنا في الوقوف جبهة صلبة في وجه مخطط التآمر على الأمة العربية والقضية الفلسطينية.
لقد تحرك هؤلاء بعد اتفاقية سيناء مباشرة وتصاعدت أعمالهم الإجرامية بعد زيارة السادات للقدس ثم بعد توقيع اتفاقيات الذل والعار مع العدو الصهيونية.
وبدأوا بمسلسل الاغتيالات في بعض المدن السورية في حلب وفي حماة وفي دمشق.
وكان من ضحاياهم مواطنون أبرياء يعملون في شتى الأعمال الوظيفية وفي مؤسسات الدولة المختلفة وكانت آخر جريمة لهم تلك التي حدثت في مدرسة المدفعية في حلب.
لقد تمكنوا من شراء عنصر من عناصر القوات المسلحة هو النقيب إبراهيم يوسف من مواليد – تادف- إحدى قرى محافظة حلب، واستخدموا وجوده في المدرسة ونفوذه في يوم كان فيه هو الضابط المناوب في المدرسة.
واستطاع مساء يوم السبت الواقع في السادس عشر من هذا الشهر أن يدخل إلى المدرسة عدداً من المجرمين من جماعة الإخوان المسلمين ويدعو الطلاب الضباط إلى اجتماع عاجل يعقد في الندوة، وعندما هرعوا من مهاجعهم تنفيذاً لأمره وأصبحوا في قاعة الندوة الطلابية أمر أعوانه من المجرمين الذين أدخلهم من خارج المدرسة بفتح النار على الطلاب الشباب العزل في القاعة المغلقة وذلك بالرشاشات وبالقنابل اليدوية وسقط خلال دقائق معدودات اثنان وثلاثين شهيداً وأربعة وخمسون جريحاً.
هل يمكن أن نتصور أن هؤلاء الذين قتلوا فتياناً في ريعان الشباب يتدربون ليذهبوا بعد قليل إلى خنادق القتال ويتصدوا للعدوان الإسرائيلي ويستشهدوا برصاص العدو دفاعاً عن أرض وطننا الطاهرة وعن كرامة أمتنا.
هل يمكن أن نتصور أن هؤلاء المجرمين مواطنون في وطننا.
هل يمكن أن نتصور أن هؤلاء يرتبطون بهذا الوطن بأضعف الروابط التي يمكن أن تربط أي إنسان بوطنه.
هل يمكن أن نتصور أن عملاً كهذا العمل يمكن أن يكون إلا خدمة لإسرائيل ولكل أعداء أمتنا.
أيها الأخوة المواطنون
لقد استطاع شعبنا أن يحافظ على ذاته وقيمه وأن يحرر وطنه من الاستعمار العثماني ثم من الاستعمار الفرنسي بسبب تمسكه بوطنه وعروبته ولولا ذلك لكان مستحيلاً ان تكون سورية هي سورية اليوم فهل يعتقد العملاء من جماعة الإخوان المسلمين أننا سنتخلى عن القيم والمبادئ التي تمسك بها شعبنا قروناً طويلة واستطاع عن طريقها أن يحقق حريته واستقلاله وآمنه في وطنه.
إن شعبنا الذي نشأ عبر أجياله المتتالية على خلق الصدق والمحبة والوفاء والوطنية واحتقار الخيانة والغدر سيظل أميناً على مثله مخلصاً لقيمه.
وتمشياً مع أخلاق شعبنا وصلابته الوطنية والقومية وحرصاً على مصالحه نقرر أن نضرب هذه العصابة بعنف لأن مصلحة الشعب السوري ومصلحة مجموع المواطنين تفرض علينا أن نلاحق هؤلاء الذين يريدون ضرب وحدتنا الوطنية تنفيذاً لأوامر تأتيهم من خارج الوطن.
إننا إذ نشكر الأخوة المواطنين الذين آبدوا كل تعاون مع الجهات المختصة فإننا نطلب إلى الجميع إعلام هذه الجهات بأية معلومات تساعد على كشفهم وتحول دون متابعة نشاطهم المشبوهة وتساعد على محاسبتهم طبقاً للقانون، وبما يخدم المصلحة الوطنية العليا.
إن شعبنا الذي كان عبر تاريخه الطويل يتمسك بقيمه الأخلاقية والوطنية والقومية سيبقى كذلك ينظر باحتقار إلى كل أعمال الغدر وسيضرب بشدة كل المجرمين الخارجين على قيمه الروحية والأخلاقية والوطنية ممن يستهدفون تخريب هذا البلد الصامد والمرابط وتقويض أمن شعبنا الطيب النبيل.
باسمكم أيها الأخوة المواطنون سنضرب بشدة ودون هوادة وسنصفي هذا التنظيم العميل ولقد أعطيت التعليمات والأوامر لجميع الجهات المعنية لملاحقة أعضائه أينما كانوا وحيثما حلوا).
المراجع والهوامش:
(1). صحيفة الثورة - دمشق، العدد الصادر في يوم السبت 23 حزيران عام 1979
المراجع والهوامش:
(1). صحيفة الثورة - دمشق، العدد الصادر في يوم السبت 23 حزيران عام 1979