رسالة عبد الحكيم عامر إلى جمال عبد الناصر حول الوضع الداخلي في سورية في أيلول عام 1961
عزيزي الرئيس جمال،
تحياتي لك وحشتنا جداً أرجو أن يكون عبد الحيد الآن في خير صحة.
أرسلت لكم صلاح نصر وربما قابلكم ومعه النقط الخاصة بسوريا. وقد فكرت في الموضوع كثيراً نتيجة لما لمسته هنا. فأولاً الحزبيين والذين أخذت منهم الأموال، تركوا موضوعات التأميم وحديثهم في نظام الحكم، وكيف ستصبح دمشق مدينة صغيرة أو قرية مع أن لها تاريخ كبير. هؤلاء كان يمكن معالجتهم بالحزم، ولكن الوزراء قطعاً “العسكريين” غير مرتاحين لهذا الوضع، ولهم بطانات يتكلمون معها أو يستمعون إليها بروح إقليمية صرفة، وكذلك بالنسبة لمكاتب الإتحاد القومي، لأن مصالحهم الشخصية أيضاً مرتبطة بعبد الحميد، ويخشون فقدان الامتيازات المالية التي يتمتعون بها، ينطبق ذلك على الأجهزة الأخرى كالأمن وغيرها.
يلقى كل ذلك صدى في نفوس الناس من الناحية العاطفية، وفي رأيي أن بعض المسؤولين يجدها فرصة لإظهار غيرته على سوريا، والنفس البشرية كما تعرفها تخضع للملق من جهة ومن جهة أخرى تحب كسباً بما في أعين الناس.
وقد ذهبت للجامعة اليوم “يوم الجامعة”، وقد كان شعور الناس طيباً للغاية، ولكن لم يكن بالإندفاع السابق لأنهم قطعاً في حيرة مما يسمعوا.
وأنا في رأيي أن الحل الحاسم لهذا – ويكون ذلك قبل اجتماع مجلس الوزراء- أن يصدر تصريحاً أو أنه تقرر منكم أن الحكومة تقيم في دمشق “سوريا” ثلاثة أشهر على الأقل في كل عام، وهذا في رأيي يقضى على كل ما قبل من جهة، وسيفرح الناس بقراركم ويعتبرونه تفهماً لهم دون أن يطلبوا.
ومن جهة أخرى فإن المسؤولين وغير المسؤولين سيذوبوا نتيجة لهذا القرار، كما أن وجود الحكومة فترة في الإقليم سيكون لها أثر كبير في تفهم وزراء الإقليم الجنوبي لمطالب الشمال، وسيجعل احتكاكهم بالناس يومياً وهذا له فائدة كبيرة، وسينصرف الناس إليهم في كل ما يطلبوا لحسن معاملتهم.
ومن جهة أخرى، فأنت عملياً تحضر عيد الوحدة في فبراير وتظل شهراً أو أكثر في الإقليم، فليس هناك ضرر من وجود الحكومة ابتداء من عيد الوحدة في شهران آخران، بعد ذلك إذا شئت الإقامة كان بها، وإن لم تشأ فليعمل أحد نواب الرئيس وهم والحمد لله كثيرين بالنيابة عنكم، ويكون على إتصال دائما بكم في القاهرة.
الأمر الثاني هو اختصاصات الوزراء وكيف ستعمل الوزارات التي بها أكثر من وزير، ولكن الأهم من ذلك أن يفهم الناس صراحة أن الوزراء لن ينقطعوا عن الإقليمين، كما أن الحكم المحلي بسلطاته الممنوحة بموجب القانون سيحل كثير من مشاكل المواطنين في محافظاتهم، ولن يحتاجوا كثيراً لمراجعة الوزارات.
الأمر الثالث: هو اطمئنان الناس على ما لديهم حالياً من مال سائل أو من أبنية، لأن كل منهم يخشى على بنيته من التأميم أو على تجارته الصغيرة أو صناعته الصغيرة من التأميم، ونتيجة لذلك وقفت حركة العمل.
الأمر الرابع: توحيد النقد… ففي انتظار توحيد النقد وهم يخشون أن يوحد الجنية بالنسبة لليرة بسعر غير التعامل بها، فالتجار يحاولون عدم بيع بضاعتهم انتظاراً لهذه القرارات، حتى لا يخسروا فيها إذا ما استبدل النقد وكانت عندهم ليرات بدلاً من بضائع.
اعتقادي أن مرحلة الوحدة دخلت في دور حاسم ولاشك أنه في صالح الوحدة، ولكن علينا في اعتقادي تمكينها إلى الأبد بمعالجة هذه النقط.
ولكن الموضوع الأول الخاص بإقامة الحكومة أعتقد سيهزم كل شيئ.
وتقبل تحياتي وأرجو لك التوفيق وإلى اللقاء
أخيك عبد الحكيم عامر
إذا قررتم إعلان شي من ذلك، فأرجو أن يتم قبل اجتماع الحكومة، أي يكون على الأكثر في صحف صباح 26، حتى لا يدعوا أنهم تسببوا في ذلك.
لم أتكم مع أحد في هذا الموضوع سوى كمال حسين وهو بخير ويهديكم السلام.
هناك ابتداء محاولة تجميع في الجيش وأعلم تفاصيلها وحسمها أمر سهل، ولكن كل شي سليم في الجيش 100% ولكن أخشى أن تمتد إليهم هذه الدعوة الإقليمية.
الحالة في العمال جيدة للغاية
عبد الحكيم عامر
اقرأ:
جمال عبد الناصر و شكري القوتلي بالاجتماع الأول في محادثات الوحدة 1958 (1)
شكري القوتلي ووزراء في حكومة العسلي في القاهرة قبيل الوحدة (2)
شكري القوتلي ومجموعة من الضباط في الاجتماع الأول بالقاهرة قبيل الوحدة (1)
جمال عبد الناصر يستقبل فارس الخوري بمطار الماظة عام 1955
جمال عبد الناصر في السويداء بمناسبة العيد الثانى للوحدة عام 1960م (5)
جمال عبد الناصر في السويداء بمناسبة العيد الثانى للوحدة عام 1960م (4)
جمال عبد الناصر في السويداء بمناسبة العيد الثانى للوحدة عام 1960م (3)
جمال عبد الناصر في السويداء بمناسبة العيد الثانى للوحدة عام 1960م (2)
جمال عبد الناصر في السويداء بمناسبة العيد الثانى للوحدة عام 1960م (1)
تلاميذ في استقبال جمال عبد الناصر أثناء زيارته إلى السويداء 1960