You dont have javascript enabled! Please enable it!
بطاقات بحث

“السنديكا” وتجارة التبغ في اللاذقية عام 1902

ارتبط عام 1902 بحادثة شهيرة في اللاذقية وهي السنة التي انخفضت فيها اسعار التبغ بشكل جنوني على عكس السنة التي سبقتها، ما دعا الأهالي إلى إطلاق تسمية “السنة المجنونة” على عام 1902م.

في هذه السنة كانت بدايات تأسيس نقابة التبغ في اللاذقية، كما لفتت حوادث تلك السنة أنظار الشركة الإنكليزية لأهمية تأسيس مكتب لها في اللاذقية لشراء وتمويل زراعة التبغ.

يوسف الحكيم  الوزير والقاضي يتحدث عن هذه السنة في كتابه :” سورية والعهد العثماني”، ويذكر تفاصيل مهمة جرت فيها.

فيما يلي ما ذكره الحكيم:


(قبل حصر الدولة العثمانية التبغ والتنباك، كان تجار اللاذقية، حتى أواخر القرن التاسع عشر، يصدرون التبغ إلى مصر، وكان أهم هؤلاء التجار من آل فيتالي وحبيشي.

وبعد تأسيس إدارة الحصر واحتكارها التبغ العروف بشك النبت، المخصص للاستهلاك الداخلي بعد مزجه بتبغ صمسون والروملي، ترك للتجار حرية تصدير التبغ المسمى “أبو ريجه” لاكتسابه الرائحة الزكية من الدخان المتصاعد من حرق اغصان أشجار العزر الكثيرة في جبال قضائي صهيون وجبلة. فكان هذا الحاصل من التبغ يصدر بعد ترتيبه في طروده إلى إنكلترا، حيث يمزج في المصانع بتبغ الغليون بنسبة لا تتجاوز العشرة بالمئة. وكان أهم تجار هذا النوع من التبغ هم سعادة ونصري وشومان، ثم التحق بهم حمادة، فظلوا يجنون من تجارتهم هذه ارباحاً معتدلة تضمن نشاطهم وتمويلهم زرع هذا الصنف سنة 1902 بأنباء وردتهم من عملائهم البريطانيين بارتفاع أسعار الكميات الموجودة في المستودعات ارتفاعاً لم يسبق له مثيل. فبلغت ارباحهم في تلك السنة عشرة أضعاف المعتاد في السنين السابقة، مما زاد في نشاطهم ودفع بهم إلى الإكثار من السلف إلى كبار المزارعين الجبليين والسماسرة لضمان وفرة الموسم المقبل.

تنبه إلى هذا النشاط صغار التجار والمتمولين، فأخذوا بدورهم يقدمون  معظم ما لديهم من أموال سلفاً للمزارعين والسماسرة اقتداء بكبار التجار، مما دعا هؤلاء إلى جمع الكلمة وتأسيس نظام “السنديكا” – النقابة- بين جميع الراغبين في تجارة التبغ، حذراً من التفرقة التي تؤدي إلى التزاحم فسقوط الأسعار في الأسواق المرسلة اليها، أي في انكلترا دون سواها.

وفضل كثرة عرض السلف وتكاثر عدد تجار هذا النوع من التبغ وزيادة زراعته، ظهرت بوادر الرخاء وسعة العيش بين الزعماء والزراع والسماسرة، وكلهم من القرى الجبلية. فأخذوا يفدون إلى المدينة ويرتادون فنادقها ومقاهيها وملاهيها ويبذلون المال بسخاء ويقتنون أحسن أنواث الأثاث لتجهيز منازلهم في الجبل.

ولم يكتف كبراؤهم بمصنوعات اللاذقية، فأوصوا على أفضل منها من موجود مصانع بيروت، فذلت تصرفاتهم على استعداهم لتقبل الحضارة الحديثة ورفع مستوى المعيشة عند سنوح الفرصة.

ولما حان موسم قطف التبغ وتدخينه وترتيبه، تعاظمت الآمال بنجاحه على غرار الموسم السابق وتم تصديره كالمعتاد إلى إنكلترا وبدأ الانتظار وطال ارتقاب النتيجة المبتغاة، وبدت الحاجة الى المال للتلسيف على الموسم المقبل، حتى فوجئ اركان “السنديكا” بنبأ سقوط الأسعار في إنكلترا سقوطاً مريعاً نظراً إلى زيادة التبغ الوارد على حاجة المعامل والاستهلاك زيادة كبرى كان نصيبها الكساد في المستودعات. فدب الزعر في نفوس صغار التجار وضعف الاعتبار المالي وبرزت حاجة المزارع لتأمين معيشته، ولم ينج من هذه الكارثة سوى قلة من التجار ولم يدخلوا السنديكا وأسرعوا في تصدير بضاعتهم وتصريفها بأسعار جيدة.

أما الباقون من تجار وزراع، فدب اليأس الى قلوبهم مدهوشين من هذا الانقلاب السريع بين الارتفاع البارز في أسعار الموسم السابق والكساد المريع في موسم السنة التي عقبته، فسموها “السنة المجنونة”.

كانت الشركة البريطانية “تروست امبريال” أكبر عميل بين عملاء تجار التبغ، تملك أعظم معامل التبغ على اختلاف أنواعه في انكلترا. فلما رأت المكاسب التي يجنيها هؤلاء التجار بواسطتها، نزلت إلى ميدان مزاحمتهم، ففتحت مكتباً لها في اللاذقية لتسليف المزارعين وشراء حاصلاتهم من التبغ.

وكثر عدد هؤلاء بعد أن بدأت معامل الولايات المتحدة الأميركية من تبغ “أبو ريحه” ما تحتاجه لمزجه مع باقي الأصناف، ثم أخذ رواج هذا الصنف في كل من انكلترا وأميركا ولاسيما في الثانية يتأرجح بين المد والجزر، تبعاً لمقتضيات اقتصادية).


(1) الحكيم (يوسف)، سورية والعهد العثماني، دار النهار، الطبعة الرابعة، صـ 96


للإطلاع على تسلسل أحداث التاريخ السوري المعاصر  بحسب الأيام

انظر أيضاً :

أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات

سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى