من الصحافة
صحيفة 1969 – الأتاسي يترأس المؤتمر القطري الرابع الاستثنائي للحزب
بدأت أعمال المؤتمر القطري الرابع الاستثنائي في مساء يوم العشرين من آذار 1969. وجاء المؤتمر هذا بعيد عملية انتحار عبد الكريم الجندي والحديث عن ضرورة محاسبة المتورطين في عملية سيطرة إسرائيل على أراضي سورية بعيد حرب عام 1967م مثل مصطفى شربا وممدوح عبارة الذين حماهم وزير الدفاع حافظ الأسد حينها من المحاسبة بحسب اتهامات بعض أعضاء القيادة القطرية حينها.
وبعد عشرة أيام من المناقشات والسجالات الحزبية في المؤتمر، انتخبت قيادة قطرية جديدة، كان فيها نفس أعضاء القيادة القطرية السابقة باستنثاء :
محمد عيد عشاوي الذي لم يرشح نفسه في المؤتمر، والتحق بعدها في منظمة العمل الفدائي في الأغور بالأردن.
عادل نعيسة الذي ايضا لم يرشح نفسه وتفرغ للعمل الحزبي في مكتب العمل الفدائي في القيادة القطرية.
أما الأعضاء الجدد فكانوا:
المحامي أحمد الشيخ قاسم و أنيس كنجو الدكتور في جامعة دمشق.
صحيفة الأنور نشرت في اليوم الأول تقريراً مطولاً عن أعمال اليوم الأول، ويستطيع القارئ ان يلمس بوضوح ان التقرير يدعم وجهة نظر الفريق حافظ الأسد ومجموعته بل نسب بعض بعض القضايا التي جرت بقرار من القيادة القطرية له، مثل عملية الإفراج عن المعتقلين.
نص التقرير كاملاً:
افتتح المؤتمر القطري الاستثنائي الرابع للبعث السوري اجتماعاته في المسرح العسكري بدمشق مساء أمس. وانتخب المؤتمر نور الدين الأتاسي رئيساً له.
كان الأتاسي قد وصل إلى دمشق قبل ظهر أمس قادماً من مسقط رأسه حمص حيث أقام منذ تردد أنباء استقالته قبل أسبوع.
حضر الجلسة الافتتاحية الفريق حافظ الأسد وزير الدفاع، واللواء مصطفى طلاس النائب الأول لوزير الدفاع ورئيس الأركان. وحضرها كذلك صلاح جديد وأنصاره وفي مقدمتهم يوسف زعين وإبراهيم ماخوس.
وسيبحث المؤتمر خلال اجتماعته في الخلاف بين الفريق حافظ أسد من جهة، وكتلة الأتاسي – جديد من جهة أخرى.
وكانت مصادر مطلعة في دمشق قد ذكرت أن أغلبية أعضاء المؤتمر البالغ عددهم 160 شخصاً، سيعلنون تأييدهم للفريق الأسد.
وقد حضر جلسة مساء أمس 158 عضواً، ولم يغيب سوى فايز الجاسم وزير الزراعة، وغازي ناصيف رئيس اتحاد العمال بسبب وجودهما خارج سوريا
وحضر جلسة المؤتمر أيضاً، عدد من المراقبين وأعضاء القيادة القومية للحزب وأعضاء المنظمات الشعبية، ويبلغ عددهم حوالي المائة. ولا يحق للذين يحضرون المؤتمر بصفة مراقبين أن يشتركوا في عملية التصويت.
حراسة مشددة من الشرطة العسكرية
وصرح اللواء مصطفى طلاس بأن المؤتمر انعقد في مبنى المسرح العسكري، بدلاً من المجلس الوطني، بسبب ضيق المكان. وقال أن مدة الانعقاد ليست محددة.
وقد عززت الحراسة من الشرطة العسكرية حول مبنى المسرح العسكري المجاور لوزارة الدفاع في ميدان ساحة الأمويين.
وسيقدم الفريق حافظ الأسد تقريراً إلى المؤتمر، كما أن القيادة القطرية ستقدم تقريراً آخر.
وكانت المصادر المطلعة قد ذكرت مساء أمس الأول، أنه يتوقع أن يقدم نور الدين الأتاسي وصلاح جديد وأنصارهما استقالتهم إلى المؤتمر.
الأسد يستقبل السفير السوفيتي
هذا، وأعلن في دمشق أمس ان الفريق حافظ الأسد استقبل قبل ظهر أمس، سفير الاتحاد السوفيتي في سوريا السيد نور الدين محي الدينوف. ولم يعلن شي عن تفاصيل هذه المقابلة.
وكان الفريق الأسد قد قابل في وقت سابق من هذا الاسبوع سفراء كل من بلغاريا والمجر وبولندا في دمشق.
ونشرت معلومات في القاهرة أمس، عن الوضع في سوريا بمناسبة انعقاد الدورة الاستثنائية لمؤتمر حزب البعث السوري.
قالت هذه المعلومات ان المؤتمر يعقد وسط حالة من الصراع والتوتر الشديدين بين طرفي النزاع الأساسيين في الحكم الآن، وذلك نتيجة لتطورات وقعت في الأسبوع الحالي من الأزمة التي بدأت قبل عيد الأضحى.
وذكرت ” الأهرام” التي أوردت هذه المعلومات، أنه من المقرر أن يبحث المؤتمر الذي يضم 160 عضواً الخلاف الناشب داخل الحزب منذ وضع الفريق حافظ أسد وزير الدفاع سلطاته لحسم النزاع، ولكن هناك من يرون أن المؤتمر لن يكون خاتمة المطاف خصوصاً بالنسبة لموقف بعض الجماعات فيه.
أسباب التوتر
وأضافت: أن التوتر الشديد يعود إلى عدة عوامل، وكان التوتر قد بلغ ذروته يوم الخميس عندما قدم الدكتور نور الدين الأتاسي استقالته إلى أعضاء القيادة القطرية طالباً اعفاءه من منصبيه الحكوميين كرئيس للدولة ورئيس لمجلس الوزراء.
وأهم هذه العوامل:
أولاً – أن الفريق ححافظ الأسد قد سار قدماً في خطوات عملية من أجل الوصول إلى اتفاقية تنسيق عسكرية أوثق مع العراق وسوريا، وهي الاتفاقية التي يتوقع الجميع أن يتم اعلانها يوم 25 القادم، وذلك بعد أن يلتقي بالا للقيادة القطرية التي اعتبرت الاتفاقية اجتهاداً خاصاً بوزير الدفاع خرج به عن نطاق الخط العام الذي كانت قد رسمته القيادة القطرية كاستراتيجية سياسية وعسكرية شاملة لسوريا خلال المؤتمر القطري الرابع الذي عقد في تشرين الثاني الماضي.
ثانياً- ان النزاع بدأ بين الطرفين حول الصحافة بعدما بدأت جريدة “البعث” و”الثورة” – 4 آلاف نسخة- عمليات غمز في مقالاتها الافتتاحية استهدفت بعض الساسة وفي مقدمتهم حافظ أسد.
ثالثاً- اتهام كل من الطرفين للاخر بأنه يسعى إلى توسيع هذا الخلاف وذلك عن طريق “تسريب” وجهة نظره في الطرف الآخر.
رابعاً – الانقسام الخفي الذي بدأ في القيادة القطرية من حول شعار ” مقاومة الحزب” وهو الشعار الذي يتحمس له كثيراً محمد عيد عشاوي وزير الخارجية السابق، الذي يرى أن الحزب لا ينبغي أن يظل مكتوف اليدين ازاء محاولات الفريق أسد، وأنه من الضروري ان يبدأ الحزب مقاومة سليمة وايجابية حتى ولو وصل الأمر إلى حد القتال في الشوارع، في سبيل تأكيد سلطة الحزب.
ومع أن جهوداً كثيرة قد بذلت لاقناع الدكتور نور الدين الأتاسي بالعودة من بلدته حمص التي سافر اليها بعد استقالته، ومع أن كثيراً من أعضاء القيادة القطرية أعلنوا أن الدكتور الأتاسي سيعود إلى دمشق خلال اليومين الماضيين، الا أنه قرر ان يحضر اليها مع افتتاح المؤتمر القطري المدعو للبحث في الخلاف.
خرق اتفاق تجميد الخلاف
ولكن ظروف التوتر والصراع لم تتوقف عند هذا الحد، وإنما تحركت الحوادث شوطاً آخر خلال هذا الأسبوع واعتبر الفريق أسد ان ما صدر عن الصحافة السورية خلال هذه الفترة تلميحاً كان بايعاز من القيادة القطرية، وانها بذلك قد خرقت شرط الاتفاق الذي كان قد عقد بين الطرفين، وكان ينص على تجميد الخلاف حتى انعقاد المؤتمر.
وقد حلل الفريق أسد نتيجة لذلك، من مجموعة التنازلات التي كان قد قدمها خلال زيارة الدكتور حسن صبري الخولي، وزير الشباب الجزائري لتهيئة الموقف، وهي التنازلات التي كانت تقضي بأن يسحب كل الاجراءات التي كان قد اتخذها خارج نطاق الحزب والتي أهمها:
أولاً – رفع قوات الجيش من الأماكن الحساسة كالاذاعةوالتلفزيون والبرق.
ثانياً – رفع الرقابة التي كان قد بدأها على الاذاعة.
ثالثاً- إعادة قوات الأمن الداخلي إلى نطاق وزارة الداخلية وكان قد ضمها إلى وزارة الدفاع.
وخلال الأسبوع الماضي كان واضحاً أن الفريق أسد يمد سيطرته إلى عدد من المؤسسات المدنية في مقدمتها الصحاف، اذ كانت جريدة “البعث” الناطقة بلسان الحزب، قد كتبت في افتتاحية لها يوم الأحد الماضي مقالاً اعتبره وزير الدفاع تريضاً به، وتسرب خبر المقال إلى وزارة الدفاع التي صادرت أعداد الجريدة صباح يوم الاثنين في الخامسة صباحاً.
وصباح اليوم التالي أصدر رئيس تحرير جريدة “الثورة” المتحدثة بلسان الحكومة، ورئيس تحرير جريدة “البعث” بياناً أعلنا فيه انهما سيتوقفان عن اصدار الصحيفتين ودعيا محرري الجريدتين – 50 شخضاً- إلى الانصراف، ونصحاهم بالغياب عن دمشق. وحتى ليلة الاثنين كان واضحاً ان الجريدتين لن تمثلا للطبع غير أن الفريق أسد استدعى عدداً من المحريين وأصدر قراراً بوقف رئيس التحرير، وصدرت الجريدتان صباح اليوم التالي (الاثنين) تحملان افتتاحيات ذات مغزى جديد وبذلك مد الفريق سيطرته إلى الصحافة التي كانت القيادة القطرية قد اختارتها كميدان أول تبدأ منه مشروعها الخاص “بالمقاومة السلبية”.
الإفراج عن المعتقلين السياسيين
وخلال هذا الأسبوع ايضاً بدأ الفريق أسد في الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين الذي كان قد تم اعتقالهم في المزة فيما بين 23 شباط والأزمة الأخيرة، وبالفعل فلقد أفرج عن جميع المعتقلين السياسيين وكان اخرهم عدد من جماعة أكرم الحوراني أبرزهم عبد الغني قنوت.
كذلك أصدر الفريق أسد قراراً بوضع المؤسسات العامة ومن بينها المجلس الوطني الذي سيكون مكاناً للمؤتمر، تحت حراسة الشرطة العسكرية لتتولى هي أعمال الحراسة بدلاً من قوى الأمن العام. وبذلك عاد الجيش ثانية ليحرس الأجهزة والمؤسسات الحساسة كالتلفزيون والإذاعة ومبنى البرق والهاتف. حتى مقال الحزب وضعت تحت حراسة البوليس الحربي سواء فروع الحزب او مقره الرئيسي أو قيادته القطرية الواقعة خارج مدينة دمشق على طريق المزة.
وفي ظل هذه التطورات الجديدة سوف يعقد المؤتمر الاستثنائي. وحتى الآن فإن انصار الفريق أسد يؤكدون ان وزير الدفاع سيحصل على أغلبية الثلثين دون كبير معاناة، وأن في حكم المؤكد أنه من مجموع الأصوات البالغ عددها 160 صوتاً سيفوز بعدد من الأصوات يصل إلى 110 وأن ذلك سزف يهئ له قيادة جديدة يكون له فيها الأغلبية.
ولكن هناك من يرى أن مؤتمر الحزب نفسه لن يكون خاتمة الخلاف وأن الموقف قد ينطوي على احتمالات أخرى.
اقرأ:
صحيفة الأهرام 1970 .. إعفاء الأتاسي وعزل صلاح جديد
صحيفة الأهرام 1970 .. أنباء عن وزارة سورية الجديدة .. والأتاسي إلى ليبيا
سورية 1969 – الإفراج عن معتقلين سياسيين بينهم جمال الأتاسي وعبد الغني قنوت
زيارة أعضاء من قيادة البعث إلى المعسكر الانتاجي لاتحاد الطلبة في كسب 1968
صحيفة الأهرام 1970 .. صمت تام في دمشق ازاء تطورات سورية
بلاغ يوسف زعين حول دراسة أوضاع مساهمي الشركات الصناعية المؤممة
صحيفة عام 1998: وفاة وزير الخارجية السوري الأسبق غرقاً في الفرات
للإطلاع على تسلسل أحداث التاريخ السوري المعاصر بحسب الأيام
انظر أيضاً :
أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات