امتدت الدولة العثمانية في ثلاث قارات أوربا وآسيا وإفريقيا ، وحمت خلال هذه الفترة جميع الجاليات والطوائف التي كانت تحت رعايتها.
وفي ظلال قوانين الاصلاحات التي قضت بالمساواة بين رعايا السلطنة.
حظي اليهود بمراكز حساسة فيها.
أصدرت السلطات العثمانية بتاريخ 21 آذار عام 1865م نظاماً خاصا بالطائفه الموسوية ، وبقي هذا النظام مطبقا في بلاد الشام إلى ما بعد خروج العثمانيين.
وكان لكل مجموعة حاخام أكبر يعيّن بمرسوم من المركز. كان لكل مجموعة حاخام وكنيس ومدرسة ومعلم ومحكمة ومقبرة ومستشفى وصحيفة.
– حظي اليهود في ظل الخلافة الإسلامية العثمانية باهتمام كبير من التشريعات التي تكفل لهم حقوقهم، ويتضح هذا في محاولات السلطان مصطفى الثالث الإصلاحية (1757-1789) ومرسوم السلطان عبد الحميد الصادر يوم 3 / تشرين الثاني 1839 ومرسومه الصادر عام 1856.
– وتكاد المصادر المختلفة تجمع على أن اليهود قد تمتعوا بجميع حقوقهم وحرياتهم وأن علاقاتهم مع المسلمين كانت طيبة للغاية، وأنهم لم يشهدوا ذلك “الڤيتو” الذي شهده إخوانهم في الغرب.
– سن العثمانيون نظاما خاصا للطائفة الموسوية عرف بنظام الحاخام خانة، وورثت اغلب الدول العربية هذا النظام الذي أعطى اليهود حيزاً كبيراً من الحرية في شتى مجالات الحياة ، أعطى هذا النظام الطائفة اليهودية شخصية مستقلة وخصها بامتيازات قانونية ومالية، و سمح لليهود بحرية اختيار رؤسائهم الروحيين، وفرض الضرائب، وحل الخلافات فيما بينهم، وكانت المحكمة اليهودية تحكم بينهم حسب الشريعة اليهودية. ولم يحدث أدنى تدخل بالأموال التي تجمع لمؤسساتهم الخيرية والتعليمية، وتمتعت مدارسهم الطائفية باستقلال ثقافي وذاتي . وكان الحاخام باش هو ممثل اليهود في كل أمر أمام الحكومة. و ظل يُعمل في نظام الحاخام خانة في الدول العربية ومنها سورية إلى ما بعد دخول المستعمر الفرنسي وزمن الحكم الوطني ..
يهود سوريا:
لابد من ذكر التجمعات الموسوية في سوريا حيث قطنت نية وبدأ بصنع أولى انجازاته وبحكمته وعمق ذكائه استطاع أن يجلب محبي هذا النوع من العمل وعندما كثر الطلب على أعماله الفنية الرائعة صار يشرف على عمال عدة منهم والد زوجته لتلبية رغبة المشتريين بتسليم البضاعة في الوقت المناسب .
تزوج وبعد أربعة سنين سافر إلى فرنسا بمنحة ممثلا جناح الصناعات اليدوية السورية في معرض فرنسي وكان الأول عليهم.
وبعد عودته افتتح مشغلا كبيرا لعرض تحفه الفنية فيه تحت اسم بازار أمية في منطقة يمكن للجميع رؤيتها.
لم يكن صيون حرفيا فحسب بل كان رساماً ومصمماً ومزخرفاً وحرفياً ومن ثلاثنيات القرن المنصرم ذاع صيت منتجاته لجماليتها وحسن صنعها وعليه ظهر النصيري مع كبار أرباب الحرف وأصبح المتسوقون يطلبون انتاجه بالذات.
لم يكن صيون شخصاً عادياً بل كانت شخضيته استثنائية في كل موقع تواجد فيه, حتى بات مدرسة خرجت جيلاً صنع أجمل القطع الفنية كثيفة الرسوم عالية الصنع والجودة والجمال, كان تلامذته نسخة عنه كل حسب استيعابه لفكر معلمه الذي أعطاهم أصغر تفاصيل المهنة التي ستكون مورد رزقهم طيلة حياتهم .
ونظرا لكرمه كان يتفقد ذوي الحاجة فيرسل لهم المال دون أن يعلموا من أرسله لم يكن يتقيد بالدين بل تقيد بحاجة الإنسان وإن كان لا يعرفه وعندما اشتهر بعطفه على كل محتاج أطلق عليه اسم أبو الدراويش فلم يكن المال غايته الأساسية بل كان يعطي بصمت حتى لايجرح شعور الأسر المتواضعة ماليا ;أما في بيته فقد تعلم أبنائه الحلم والهدوء وعمق التفكير والروح الجميلة التي رافقته طيلة حياته ومنهم موريس الذي أخذ اسرار الحرفة عن ابيه الذي كان لا يبخل على من يعمل بالحرفة ذاتها.
خرج صيون من الحياة عام1977م ومعه ذخيرة من صالح الأعمال التي ستدخله مع الصالحين وفي يوم دفنه خرج ورائه عدد غفير من ملل مختلفة وأقاموا الصلاة عليه كل حسب طائفته غاب صيون ولكن ذكره الطيب احتفظت به ذاكرة مدينته دمشق التي ولد فيها فأعطته المكان الذي ترعرع فيه وهو بالتالي أعطاها الجمال من خلال طيب أخلاقه ووفائه وحسن سيرته وتعامله مع كل من عرفه.
قال فيه:الحاج حنا فرح من مواليد دمشق 1895 : تعلمت الحرفة عن والدي, وكان صيون نصيري معروفاً بين أرباب الحرف بتواضعه, وجما ل إنتاجه, كان مدرسة تخرج منها كثر تعلموا مراحل العمل من صيون نفسه, فبرعوا بنتاجهم.
ليقول حفيد حاج حنا كان حنا جد لوالدتي, ولطالما ذكر اسم صيون علي أنه ارتقى بالحرفة إلى الكمال , ليأخذ مكانه بين المبدعين.