مقالات
المكتبُ الإعداديُّ في مدينة اللاذقـيَّة
وجَّه مديرُ معارف “حكومة اللاذقـيَّة” الأستاذ (مصطفى الزين) سؤالاً إلى عمِّه الشيخ (محمَّد عارف الصوفي) في 6 أيَّار 1932م عن زمن تأسيس “المدرسة الإعداديَّة” في اللاذقـيَّة، وكان جوابُ الشيخ [أحدُ مُدراءها ومُدرِّسيها] أنَّها تأسَّست في شهر نيسان من سنة 1308 ماليَّة، أي ما يُقابلُ شهر نيسان من عام 1892م.
كان التعليمُ في “الدولة العثمانـيَّة” يجري في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلاديّ وفق ثلاث مراحل:
1). المرحلة الابتدائيَّة.
2). المرحلة الرشديَّة (تُقابلُ المرحلة الإعداديَّة عندنا).
3). المرحلة الإعداديَّة (تُقابلُ المرحلة الثانويَّة عندنا).
ونقفُ في هذه الخُلاصة التاريخيَّة عند “مكتب اللاذقـيَّة الإعداديّ”.. فضمن مُقتنيات الأستاذ المرحوم (مصطفى الزين) وثيقةٌ مهمَّةٌ جدَّاً هي جدولٌ بالامتحان العموميِّ لذلك المكتب عن سنته الدراسيَّة 1330 – 1331هـ (1912 – 1913م)..
يضمُّ الجدولُ أسماء طلَّاب الصفوف الخمسة في المكتب، وأسماء مقرَّراتهم، ودرجاتهم، وترتيب الأوائل منهم، والملاحظات الخاصَّة بالراسبين، وفي نهايته تصديقُ المدير والأساتذة على ما ورد فيه.
أوَّلاً: طلبةُ الصفِّ الخامس:
صبحي بن محمَّد جود، مصطفى بن علي الزين، سعيد بن عبد الفتَّاح صاري، محمَّد بن محمود رويحة، أمين بن محمود رويحة، محمَّد علي بن محمَّد سعيد مرقص، صدِّيق بن إبراهيم صيداوي، جميل ابن الملازم خالد آغا، ضيَّا بن أحمد إسماعيل، جميل بن عبد القادر قـبَّاني، عبد القادر بن ناجي الصوفي، مكرم بن كمال الصوفي، سعد الدين ابن الملازم أحمد بك، جميل بن أحمد مصطفى جاويش، سعد الدين بن نظيف.
وحاز المركز الأوَّل: (أمين بن محمود رويحة) الذي سيغدو طبيباً وسياسيَّاً مغامراً ذائع الصيت.
ثانياً: طلبةُ الصفِّ الرابع:
حمدي بن عزيز هارون، جميل بن محمود عقيلي، خليل بن حسن الريِّس، سعيد بن عبد الوهَّاب سفلو، صدقي بن عبد الله صوفان، حسين ابن الملازم إبراهيم افندي، ضيَّا بن محمَّد الصوفي، سلامة بن عبد الله حلَّاق [سلامة سعيد]، مصطفى بن محمَّد عارف الصوفي، محمَّد علي بن علي شريقي، مصطفى ابن اليوزباشي يوسف آغا، وجيه بن مصطفى صاري، صبحي بن محمَّد جبلاوي، حمدي بن صالح كنيفاتي، عبد الرحمن بن أحمد حاجي إبراهيم، طاهر بن رجب آغا، حسيب بن سعد الله اليافي، عبد السلام بن عبد الله داية، مصطفى منير بن محمَّد مثبوت، عبد العزيز بن فارس داود، عمر بن عبد القادر نور الله.
وحاز المركز الأوَّل: (سعيد بن عبد الوهَّاب سفلو).
ثالثاً: طلبةُ الصفِّ الثالث:
طاهر بن بكر عالول، عبد الله بن عبد القادر وكيل، سليم بن محمَّد زربا، عبد الرحمن بن وهبي افندي، شفيق بن مصطفى صاري، مصطفى بن هاشم آغا، عبد الستَّار بن عزَّت قربة، محمَّد بن رشيد خزندار، أديب بن عبد الوهَّاب إمام، عز الدين بن طالب آغا، أحمد بن حسن داية، جلال بن أمين زريق، محمَّد يحيى بن مصطفى بستنجي.
وحاز المركز الأوَّل: (جلال بن أمين زريق) الذي سيغدو مُدرِّساً وإداريَّاً وشاعراً بارزاً.
رابعاً: طلبةُ الصفِّ الثاني:
حقِّي بن أحمد شريتح، شفيق بن صادق افندي، مصطفى بن رفيق افندي، شاكر بن محمَّد الريِّس، محمَّد بن رشيد المفتي، نديم بن سعيد سعيد، أحمد بن يحيى شقيفة، أمين بن عبد الحميد حدَّاد، سامي بن محمَّد وليد، محمَّد علي بن عبد الرحيم نتيفة، حسن بن محمَّد أديب شريتح، سليم بن محمَّد أديب شريتح، فؤاد بن محمَّد سرَّاج، محمَّد بن عبد الله قوَّاف، عبد المجيد بن علي منزلجي، محيي الدين بن عبد الحميد جمل، مصطفى بن محمَّد عيسى، أحمد بن عبد الله خزندار، توفيق بن إسماعيل حمادة، منير بن محمَّد سعد الدين، حسن بن فارس عينتابلي، فارس بن عمر أبو كف، عز الدين بن صادق غريب، محمود بن مصطفى عليو.
وحاز المركز الأوَّل: (نديم بن سعيد سعيد).
خامساً: طلبةُ الصفِّ الأوَّل:
بدر الدين ابن اليوزباشي رشيد افندي، أحمد بن محمَّد شقيرة، رامز بن إبراهيم حبيب، شفيق بن عبد القادر شريتح، ماجد بن سعيد صفيَّة، أحمد بن علي ريبا، ضيَّا بن مصطفى شكري افندي، رفعت بن محمود راضي، محمود بن محمَّد هارون، حسن بن محمَّد منح؟، محمود بن سعيد سعيد، جميل ابن الملازم عبد القادر افندي، بدر الدين بن عبد الله حلَّاق [بدر سعيد]، بهاء الدين بن محيي الدين قـبَّاني، شفيق بن بديع الصوفي، فؤاد بن وجيه رويحة، حكمت بن أحمد أشرف، عادل بن راغب المولوي، صدِّيق بن محمَّد غريب، نديم بن عبد الحميد شيخ إبراهيم، مصطفى بن محمَّد عرب، جميل بن محمَّد قرة فاقي، حمزة بن عزَّت قربة، عادل بن محمَّد علي شومان، سامي بن بهاء الدين صالح، محمَّد علي بن صالح صبيح، عبد الحميد بن محمَّد راعي، حسن بن قول آغاسي علي افندي، عبد الرحمن بن رشيد المفتي، عادل بن محمود الصوفي، أمين بن محمَّد راعي، حسين بن يوسف خبَّازة، محسن بن عبد الغني بدران.
وحاز المركز الأوَّل: (أحمد بن محمَّد شقيرة).
وقد أشرف على الامتحان مُديرُ المكتب آنذاك: (جعفر ؟).. ومن الأساتذة الذين تذكرهم الوثيقة:
مادَّةُ القرآن الكريم والعلوم الدينيَّة والعربيَّة: نائبُ لواء اللاذقـيَّة (مصطفى نظيف بن عبد الجليل)، ومُفتي لواء اللاذقـيَّة (عبد القادر مُنلا جامي)، والشيخ (محمَّد عارف الصوفي).
مادَّةُ الأخلاق والقوانين والاقتصاد: مديرُ المكتب الإعداديّ (جعفر ؟)، ومحاسبُ لواء اللاذقـيَّة (إسماعيل أديب)، ورئيسُ محكمة الجزاء، و(نجيب شهاب) من أعضاء محكمة اللواء.
مادَّةُ التاريخ والجغرافيا: معاونُ المدَّعي العموميّ (محمَّد رأفت)، واليوزباشي (محمَّد مراد بن إسماعيل)، و(صالح بن حسن).
مادَّةُ العلوم الرياضيَّة والرسم وحُسن الخط: مُهندسُ لواء اللاذقـيَّة (محمود ؟)، وبكباشي الرديف (أحمد جودت بن إبراهيم)، ومديرُ البنك سابقاً (أشرف ؟).
مادَّةُ اللغة التركيَّة: مأمورُ الدفتر الخاقانيّ (عمر الفاروق بن عثمان)، ومديرُ البريد والتلغراف، وكاتبُ الأوقاف (مصطفى الزين).
مادَّةُ اللغة الفرنسيَّة: (أحمد شكري) و(توفيق مرقص).
مادَّةُ العلوم الطبيعيَّة: مفتِّشُ معارف لواء اللاذقـيَّة (محمود نديم زين العابدين).
اللافتُ للنظر أنَّ الوثيقة تخلو من اسم أيِّ طالبٍ “مسيحيٍّ” من “لواء اللاذقـيَّة”.. وتُقدِّمُ لنا ذكرياتُ المؤرِّخ والوزير اللاذقيّ (يوسف بن يعقوب الحكيم 1879 – 1979م) تفسيراً لذلك، فقد كتب في الجزء الأوَّل من ذكرياته:
((حين أتممتُ دروسي في المدرسة الأميركيَّة، افتُتح المكتبُ الإعداديُّ الحكوميُّ، عقب افتتاح معهد أخوَّة المدارس المسيحيَّة الفرنسيّ، الذي أقبل عليه الطلبة المسيحيُّون. على أنَّ المرحوم والدي لم يتردَّد، لإتمام دراستي وشقيقي الأمين، في اختيار المكتب الإعداديّ، حيث يجري التدريسُ في جميع الصفوف باللغة التركيَّة لغة الدولة الرسميَّة ويُوظَّفُ خرِّيجوها في دوائر الحكومة. وكنتُ أنا وشقيقي المسيحيَّين الاثنين مع مئتين وخمسين طالباً مُسلماً كما يكونُ الإخوة مع بعضهم البعض.
وبعد إتمام الدراسة الإعداديَّة، كنتُ أنا وشقيقي في مقدَّمة الخرِّيجين مع رفاقنا الثلاثة السادة صدِّيق بن مصطفى آغا هارون وراجي ابن الحاج قاسم الشوَّاف وهاشم بن إبراهيم الجرَّاح، وذلك سنة 1899. ولابدَّ لي في هذا المقام من سرد الحوادث والملاحظات الآتية:
أ – استدعى مُطرانُ اللاذقـيَّة والدي مُحاولاً إقناعه بنقل ولديه إلى المدرسة الأرثوذكسيَّة، مُحتجَّاً بإهمال المكتب الإعداديِّ تدريس التعليم المسيحيِّ، مع أنَّه يُدرِّسُ العلوم الدينيَّة الإسلاميَّة، فأكَّد والدي لسيادة المُطران بأنَّ ولديه قد أتمَّا دروسهما الدينيَّة في المنزل الوالديّ، فلا خوف عليهما من هذه الناحية.
ب – كان معظمُ المُدرِّسين من خيرة الأساتذة، فيهم العربيُّ والتركيُّ والمدنيُّ والعسكريُّ واللاذقيُّ والدمشقيُّ، وأكبرهم أستاذُ اللغة العربيَّة العلَّامة الحاج محمَّد صالح الصوفي. أمَّا المُديرون، فكانوا من خرِّيجي جامعة العلوم والفنون في العاصمة وممَّن سبقت لهم الخبرة في الإدارة والتعليم.
ج – كنَّا أنا وأخي مُخيَّرين عند إلقاء درس العلوم الدينيَّة على رفاقنا في الصفِّ، بين أن نبقى فيه مُنصرفين إلى إتمام فروضنا وبين قضاء هذا الوقت في غرفةٍ أخرى. فاخترنا الشقَّ الأوَّل، ولمَّا ظهر في آخر السنة أنَّنا حفظنا دون أدنى عناءٍ الدروس الدينيَّة التي كان يُلقيها الأستاذُ العالمُ الفاضلُ الرفيعُ التهذيب الشيخُ عارف الصوفي، تقدَّمنا للامتحان فيها فأعطانا المميِّزون أعلى علامات النجاح دون معرفة هويَّتنا. ولكنَّ مدير المكتب، الذي كان حاضراً، حال دون تسجيل نجاحنا، حرصاً منه على عدم إفساح مجال الانتقاد للذين حالوا، لمجرَّد تعصُّبهم، دون تعليم أبنائهم لغة الدولة في المكتب الحكوميّ.
د – يرجعُ فضلُ تفوُّقنا في دروسنا الإعداديَّة إلى سبق إتمامنا دراسة معظمها في المدرسة الأميركيَّة، فلم يبق علينا سوى الاجتهاد في تعلُّم التركيَّة وإتقانها وقد وفِّقنا إلى ذلك بفضل عناية الأساتذة.
ه – وزِّعت الشهادات الإعداديَّة والجوائز على مُستحقِّيها من الطلَّاب في بهو دار الحكومة برئاسة المتصرِّف وحضور رؤساء الدوائر وأعيان المدينة، تنشيطاً لأوَّل خرِّيجي المدرسة الحكوميَّة وتشجيعاً للقائمين على أمورها وسائر المواطنين)).
الجديرُ بالذكر أنَّ موقع المكتب الإعداديّ كان في حي (القلعة) إلى الشرق من جامع الوزير الحاج سليمان باشا العظم (الجامع الجديد) ثمَّ انتقل في 24 تشرين الثاني 1914م إلى (دير الفرير الفرنسيّ) حسبما يذكرُ المؤرِّخُ اللاذقيُّ (محمَّد رشيد الصوفي 1842 – 1929م) في يوميَّاته المخطوطة.
*الصورة: شهادةُ المكتب الإعداديّ الخاصَّة بـ (مصطفى الزين)..
اقرأ:
اللاذقية 1907 – عقدُ بيع دار الخواجة (بندلي عيش) في حي الشيخ ضاهر
مضر كنعان: إفتاءُ اللاذقيَّة بين عامي 1689 – 1978م
زيارة خالد العظم رئيس الحكومة إلى اللاذقية في شباط 1950
اللاذقية 1907 – عقدُ بيع دار الخواجة (بندلي عيش) في حي الشيخ ضاهر