شهادات ومذكرات
جلال السيد: ميشيل عفلق يتحدث عن صلاح البيطار
جرت عدة لقاءات واجتماعات بين مؤسسي حزب البعث قبيل إعلانه، وحول تلك الاجتماعات يتحدث جلال السيد عن تفاصيل وأحدث جرت في تلك الفترة، منها العلاقة ما بين صلاح الدين البيطار وميشيل عفلق.
فيما يلي ما كتبه جلال السيد صلاح البيطار والاجتماعات التي جرت بينهم قبيل تأسيس الحزب:
(بعدما عمقت العلاقة الفكرية والخلقية بيني وبين السيد ميشيل عفلق سألته عما اذا كان يوجد في دمشق شركاء لنا في هذه الاتجاهات فقال نعم: ان لي زميلاً هو الأستاذ صلاح الدين البيطار، وهو اليوم غائب عن دمشق، اذ أنه سيقضي في بيروت بعض الوقت ثم يعود إلى دمشق.
ومضى السيد عفلق يقول: “ان الاستاذ البيطار شريكي في كل هذه الأفكار، وهو شاب متواضع بتصف بالإيثار والتسامح، وكثيراً ما تنسب أفكاره الشخصية اليّ وتعرف عني بين طلابنا ورفاقنا، وهو لا يتضجر ولا يعترض ولا يحتج ولا يصحح نسبة هذه الأفكار ولا يقول أنها أفكاره. وهو مخلص في مشاعره القومية فضلاً عن أنه ذو فكر صائب ونظر ثاقب. وكنت أنا أيضاً قد سمعت شيئاً عن الأستاذ البيطار ولكن هذه الأوصاف قد زادتني شوقاً إلى لقياه. وما مر طويل زمن حتى عاد السيد البيطار من بيروت والتقينا فكان وصف السيد عفلق له صحيحاً.
ولم يلبث السيد البيطار أن أصبح ثالثنا في المنهج والتفكير وسائر النظرات، وتسارعت المودة في ما بيننا نحن الثلاثة واستحكمت حلقات الثقة مما سيأتي بيان ذلك في المكان الخاص من هذا الكتاب.
وفي خلال عام 1942م، ولا أذكر تاريخ اليوم والشهر، قال السيد عفلق، مادمنا متفقين إلى هذا الحدّ، ومادمنا قررنا أن الأحزاب السياسية في هذا البلد لا تستطيع في تركيبها الراهن أن تقوم بالواجبات القومية والوطنية، ومادمنا مؤمنين بضرورة ايجاد تكتل من نوع جديد يحمل على عاتقه عبء القضية القومية على طراز أفضل مما نرى، فما قولك بتأسيس حزب جديد نكون نحن نواته والمشرفين على تنظيمه.
فأجبته بالإيجاب بلا تردد ولا أعمال نظر، لأن الفكرة كانت مختمرة عندي من قبل وكنت أبحث عن العناصر الشريكة في هذا البناء الذي تصورته ضرورياً لهذا الوطن.
فسألني عن الاسم الذي يجب ان يعُطى لهذا الحزب في حال قيامه، فقلت له ان الوقت متسع لاختيار الاسم. على ان الاسم يجب ان يكون عنواناً كاملاً لمهمة الحزب ومعبراً عن مقاصده الكبرى.
وقد وافق على هذه الملاحظة، وبعد اجتماعات أخرى اتفقنا على أن يكون اسم الحزب “البعث العربي”. ومن المفيد ان يعرف القارئ ان الاجتماعات لم تكن بيننا متباعدة او متباطئة، فقد نجتمع في اليوم الواحد مرتين او ثلاث مرات.
لذلك كان البحث سريعاً ولا يستغرق اوقاتاً طويلة. ولاختيار هذا الاسم جرت بحوث سنذكر بعضاً منها اتماماً للفائدة وتصحيحاً لما علق في بعض الاذهان من وقائع وخلاف ما ذكرت).
اقرأ: