ولدت آمال (أسمهان) فهد الأطرش في عام 1912 على متن باخرة كانت تقل عائلتها من تركيا إلى سورية.
توفي والدها عام 1924م، واضطرت والدتها علياء المنذر إلى مغادرة السويداء وتوجهت مع أولادها آمال وفهد إلى مصر.
تذكر علياء المنذر أنها خشيت على أبنائها الوقوع كرهائن بين أيدي الفرنسيين، لذا اختارت الانتقال إلى القاهرة وأقامت في حي الفجالة حيث صار عليها تدبر أمور حياتها، وهي المرأة الجميلة التي تمتلك صوتاً صادحاً، فاضطرت الى تصنيع “البراقيع” للنساء المصريات، وفي الوقت نفسه فتحت باب دارها للفنانين والمطربين الجدد (1).
ظهرت مواهب أسمهان الغنائية والفنية باكراً، فقد كانت تغني في البيت والمدرسة مرددة أغاني أم كلثوم ومرددة أغاني محمد عبد الوهاب وشقيقها فريد.
في أحد الأيام استقبل فريد في المنزل (وكان وقتها في بداية حياته الفنية) الملحن داود حسني أحد كبار الموسيقيين في مصر، فسمع الأطرش تغني في غرفتها فطلب إحضارها وسألها أن تغني من جديد، فغنت وأعجببصوتها، ولما انتهت قال لها “كنت أتعهد تدريب فتاة تشبهك جمالاً وصوتاً توفيت قبل أن تشتهر لذلك أحب أن أدعوك باسمها أسمهان” وهكذا أصبح اسم آمال الفني أسمهان.
شاركت أسمهان شقيقها فريد الأطرش، الغناء في صالة ماري منصور في القاهرة، عام 1931، ثمّ دخلت عالم السينما في فيلمين هما: “انتصار الشباب” عام 1941، و”غرام وانتقام” عام 1944، إضافةً إلى مشاركتها في أوبريت مجنون ليلى في فيلم “يوم سعيد” عام 1940.
ولحّن فريد لشقيقته أغاني فيلميها، وأغنية “ليالي الأنس في فيينا”و”يا حبيبي تعالى الحقني”.
تزوّجت أسمهان من ابن عمّها الأمير حسن الأطرش عام 1933، وانتقلت معه إلى الحياة في جبل العرب حيث موطنها.
أسمهان التي رزقت بابنةً وحيدةً هي كاميليا، قرّرت الانفصال عن زوجها بعد 6 سنوات، لتعود إلى مصر، حيث الفنّ والأضواء، وهناك التقت بالمخرج المصري أحمد بدرخان، الذي تزوّجها عام 1941 عرفياً، لأنّ مصر كانت تحرّم على أبنائها الزواج من الأجنبيات إلّا بعد الحصول على موافقة وزارتي العدل والداخلية، فكان عدم حصولها على الجنسية سبباً في الطلاق المبكّر من الزوج الجديد. وبين الزواجين، تعرّفت أسمهان على الصحفي المصري محمد التابعي، ومن ثمّ جمعتهما الخطوبة التي تمّت عام 1940 وفُسخت في العام ذاته.
يقول التابعي في كتابه: أسمهان تروي قصّتها: «أول مرة رأيتها فيها كانت في صالة ماري منصور في شارع عماد الدين، وكانت فتاة نحيلة رقيقة في ثوب أسود، وكانت تغنى وهى ساهمة الطرف، تنظر أمامها ولا تلتفت يمينًا أو يسارًا، وكان هذا في عام 1931».
زواجها الأخير كان من المذيع أحمد سالم الذي تعرّف عليها خلال زيارته القدس، وطلب منها الزواج ووافقت، غيرَ أنّ هذا الزواج كسابقيه، انتهى عاجلاً بعد شجارٍ أطلق خلاله سالم النار على أسمهان، دون أن تصاب بأذى.
توفيت أسمهان في الرابع عشر من تموز 1944م، عندما كانت في طريق سفرها إلى منطقة رأس البر وكانت برفقتها وصيفتها ماري قلادة، حيث قيل أن السيارة التي كان يقودها سائق انحرفت وسقطت في إحدى الترع، لتموت أسمهان ووصيفتها غرقاً، فيما نجا السائق الذي ظلّ غائباً ولم يعرف أحد عنه شيء.
الناقد والمؤرخ السينمائي طارق الشناوي قال عن ما أشيع حول مصرعها فيما إن كان مدبراً أو قدرياً: “إنّ أغلب الاحتمالات في مصرعها أنّه كان مدبراً، وأنّ الشبهات دارت حول المخابرات البريطانية والألمانية، خاصة بعد ما أشيع أنها تورطت في نشاط مخابراتي خلال الحرب العالمية الثانية، ولعل ما يعزز هذا الاعتقاد هو مقتل السائق الذي كان يقود عربتها بعد نجاته من الغرق في الحادثة، ولو عاشت أسمهان لظلّت المنافس الأقوى الذي يزاحم أم كلثوم”.
وطالت الاتّهامات _عند من قال إنّها قُتلت_، شقيقها الأكبر فؤاد، والملك فاروق الذي قيل إنّه أراد التخلّص منها بأوامر من الملكة نازلي بعد تردّد شائعات عن وجود علاقة بين أسمهان وأحمد حسنين باشا وزوجها أحمد سالم والمخابرات البريطانية.
كما طالت الاتّهامات أمّ كلثوم كوكب الشرق باعتبار أسمهان منافس قويّ لها.
وتبقى الروايات السابقة غير مثبتةٍ بدليلٍ يؤكّد صحّتها، لقد ماتت أسمهان ومات معها سرّها(2).
(2) أحمد عليان — داريا الحسين، موقع الأيام السورية، 26 تشرين الثاني 2018
أقرأ:
صحيفة فلسطين 1944- اسمهان تموت غرقاً مع وصيفتها ..
الفنانة السورية الأميرة أمال الأطرش (أسمهان) مع احدى قريباتها في السويداء
سلمان البدعيش: فريد الأطرش.. العبقرية والمأساة