طقوس وعادات تعود إلى مئات السنين وبعضها مغرق في القدم، كسر العروس لإناء زجاجي لدى دخولها إلى بيت الزوجية، كي (يُكسر الشر) وفقاً للمعتقدات المحلية. وكذلك تأتي طقوس أخرى مثل “الحنة” والغناء و”مشية الزلم” لتضيف جمالية إلى تاريخ الفلكلور الرقاوي.
تحدثت مريم وهي من أهالي الرقة عن عادات وطقوس العرس الرقي لموقع (عيني عينك): «للعرس الرقي طقوس عديدة، ومن ضمنها وليمة الغداء التي تسبق الزفاف ببضع ساعات، وتسمى في محافظة “الرقة” بـ”الصبحة”، حيث يقوم والد العريس وإخوته، بدعوة الأصدقاء والمقربين لتناول الغداء على شرف العريس، وهو تقليد عربي عريق، مازال حاضراً في مدينة “الرقة” إلى يومنا هذا، وهو يدلُّ على كرم الأهل، وتماسك علاقتهم الاجتماعية».
وتضيف: «قبل يومين من زفة العروس إلى بيت زوجها عند عرب “زور الرقة”، تقام طقوس “الحنة” ضمن مسيرة احتفالية مشياً على الأقدام من بيت العريس إلى بيت العروس، وبعد هذه الاحتفالية بيومين تُزف العروس من بيت أبيها إلى بيت العريس، وتردد النسوة أنشودتهن المعهودة، وهن يرافقن العروس إلى بيت زوجها، قائلات:
“يا عروس لا تبجين نقل المناسف إلى “المعازيم” قبلج بجينا… وهذي كتبة الله علينا”».
ما هي الصبحة عند أهل الرقة؟
هي وليمة يقدمها العريس قبل قدوم عروسه، مكونة من “الثريد” ولحم الضأن، ويزيد الاهتمام بهذه الوليمة والسخاء على تفاصيلها في الأرياف. وقد اشتهر العرب بإعداد ثريد الصبحة، وكانت الولائم الكبرى التي تقيمها العائلات العربية الغنية كلها من طعام الثريد، حيث تذبح الخراف، والجمال ويقطع لحمها إلى قطع متوسطة، ويتم طبخها بالماء مضافاً إليها الدهن والسمن العربي إلى أن تستوي أو تنضج حيث يتم سكبها في صواني كبيرة فوق أرغفة الخبز المفروشة على أرضية الصواني الكبيرة، ويتم تقديمها للضيوف، الذين يبدأون بالأكل بواسطة أياديهم اليمنى، ويتم ذلك بهرس الخبز بالمرق وقطع اللحم.
وتقول الأهازيج التراثية: “يا ذباح الصبحة اذبح عجاله… عيون على العروس عيون الغزالة”.
يشير الباحث “خالد الحسين” بالقول: «جرت العادة في مدينة “الرقة” أن يقدم أهل العروس بعد يوم زفافها إفطاراً لأهل العريس؛ ويكون متنوعاً إما “كباب” و”مارينا” أو “خرفان محشية”، حيث لعب “الغرف” دوراً اجتماعياً بارزاً في مدينتا مشاركاً أهلها في أفراحهم وأتراحهم، فهو (الفطور) للعروس في “صبحية” زفافها ويرسل إلى أهل العريس من ذوي العروس، وفي الملمات والنوائب يرسل إلى أهل الميت على شكل “غرف” لذويه مشاركة من مرسله لهؤلاء في عزائهم».
السيدة “خودا الحسين” تحدثت عن أغاني العرس وليمة “الصبحة” للعروس والعريس “الرقة” بالقول: «شاعت في مدينة “الرقة” أغاني “العرس” منذ القديم ، وتعد من الأغاني التّراثيّة، التي لا تزال تردد في مناسبات العرس من يوم “الحنة” إلى الزفاف، وختاماً بإفطار العروس، ولعلّ الغزل من أهم ما يُميّزُ هذا الفنّ، وهي أغانٍ لطيفة المعاني سهلة الألفاظ؛ حيث يقولون:
“شيلي مخداتك…..وامشي معنا …وداعي خياتك بنات عمتك …وامشي معنا “
“ياما طبخنا رز أصفر… على بلاط يتنثر… قالوا “فلان” تجوز… تجوز وخلى الناس تتحسر”.
ياما طبخنا محشي… والرز بقلبه يمشي… واحنا يا بيت “فلان”… يلبقلنا كل شي”».
وتضيف: «تمتاز أغاني “زفة العروس”، و”طالعة من بيت أبوها”، و”مشعل” بالجمالية الشعرية والعذوبة اللحنية، وبساطة كلماتها التي تجعلها قادرة على التعبير عما يدور في الزفاف».
وضربت “الحمد” مثالاً بهذه الأبيات:
“نزلت من العلوة تومي بريدينها… توميلك يا فلان نومة بحضونها
ارفعي راسك لا تكوني ذليلة… أخذتي فلان يسوى الاستقبال قبيلة
“فلان” لو هد وضرب شطب… ريحان لو هب الهوا يميله”.
وختمت بالقول: «بعد الانتهاء من العرس والتجهيز لزفة السيارات، يقوم العريس والأقرباء والأصدقاء بالدوران حول شوارع المدينة، ومن ثم التّوجه إلى جسور المدينة، وهذه العادة ظناً من أهل “الرقة” أنها تطرد الحسد والعين عن العروسين، وتقيم علاقة حب بينهما طول العمر بمباركة نهر الفرات».