مقالات
المشفى الحميدي والمدرسة الطبيّة العثمانيّة في دمشق
بني المشفى الحميدي أو السلطاني أو مشفى الغرباء (الوطني لاحقاً) بين الأعوام ١٨٩٦ و ١٨٩٩ في عهد الوالي حسين ناظم باشا ليحلّ محلّ بيمارستان نور الدين الذي تمّ تحويل أوقافه إلى المنشأة الجديدة التي قامت في موقع مقابر الصوفيّة غرب المدينة وتطلّب بناؤها نقل ضريح ابن تيميّة.
الخطوة التالية كانت صدور الإرادة السلطانيّة في ٢٧ أيلول ١٩٠١ بإنشاء مدرسة طبيّة في دمشق وتمّ تدشينها في الأوّل من أيلول عام ١٩٠٣ في ذكرى تبوّء السلطان عبد الحميد الثاني العرش في القسطنطينيّة وافتتحت رسميّاً بحضور ناظم باشا وفيضي باشا -أوّل مدرائها- في ٢٢ أيلول من نفس العام ونال الوالي التقريظ لتحويله مقابر الصوفيّة ومقابر البرامكة من مستودع للنفايات إلى حديقة مجاورة للمشفى الحميدي.
بالنسبة لمقرّ المدرسة وقع الخيار على دار زيوار باشا العظم على طريق الصالحيّة. بنيت هذه الدار عام ١٩٠٢-١٩٠٣ ولكن شاءت الأقدار أن يموت الباشا قبل أن ينتقل إليها وهكذا تحوّلت إلى المعهد الطبّي من ١٩٠٣ حتّى ١٩١٣ (أصبحت بعدها داراً للمعلّمات والثانويّة الرسميّة للإناث قبل هدمها عام ١٩٨٥).
انتقلت المدرسة الطبيّة عام ١٩١٣ إلى حديقة المشفى الحميدي بعد إنجاز البناء الخاصّ بها جنوب هذا المشفى والذي تألّف من طابقين: أرضي للمخابر وعلوي لقاعات التدريس. كان التدريس سابقاً يتمّ في بناء زيوار باشا على طريق الصالحيّة للسنوات الأربع الأولى وفي المشفى الحميدي في السنتين الأخيرتين المكرّستين للدراسات السريريّة.
التدريس باللغة التركيّة وهو مجّاني ويشترط معرفة الفرنسيّة وتألّفت المدرسة في البداية من فرعيّ الطبّ البشري (مدّة الدراسة ست سنوات) والصيدلة (ثلاث سنوات) وبلغ عدد طلّاب السنة الأولى الأربعين وكان فيها قسم داخلي (مبيت) للتلاميذ من خارج دمشق. تخرّجت أوّل دفعة من الصيادلة عام ١٩٠٦ وأوّل دفعة أطبّاء عام ١٩٠٩ أمّا عن شروط القبول فكانت التخرّج من مدرسة إعداديّة أو الخضوع لامتحان معادل لامتحانها.
مع تزايد حضور الأساتذة السورييّن في طاقم المدرّسين أصبحت بعض الدروس تلقى باللغة العربيّة اعتباراً من عام ١٩٠٩ ولكن تعيّن على تعريب المناهج بالكامل الانتظار حتّى العهد الفيصلي.