بطاقات بحث
ضريبة الأعشار في سورية
ضريبة الأعشار في سورية
العشر من التكاليف الشرعية القديمة، وكان ينفق على تموين الجند، وهو أهم ضريبة من الضرائب التي كانت تفرض بشكل مباشر في دول سورية في عهد الانتداب الفرنسي.
وهذه الضريبة من أقدم الضرائب ولها تاريخ معقد جداً، فقد تعدلت في العهد العثماني تعديلاً جوهرياً ثماني مرات في مدة خمسين سنة ومنذ نهاية الحرب العالمية الأولى بذلت الجهود لإصلاحها، فكانت النتيجة إنشاء ضريبة العشر المربعة، أي المعدل على أساس أربع سنوات في سنة 1925م. وذلك بأخذ متوسط بدلات كامل سنة 1921 و 1923 و 1924 أو يجبى عن طريق الإيجارات الزراعية أو دائرة جباية الضرائب.
كانت ضريبة العشر من حيث المبدأ، تفرض على المحاصيل مثل الحبوب والقطن والسمسم والبرتقال والزيتون والرز والتبغ والشرانق والعسل.
وتفرض في الواقع حسب الأنواع، وتحدد بشكل جزافي لكل قرية على أساس التحصيل الوسطي المحقق خلال السنوات الأخيرة، وفي بعض الأراضي كانت تشكل ضريبة العشر جزءاً من العائدات المسلمة إلى إدارة الدين العثماني العام.
وكانت بعض الشخصيات ذات النفوذ تتهرب من دفع الضريبة هذه على مزروعاتها.
كان في نظام ضريبة العشر القديم نقائض عملية ونظرية، وقد جاء القرار الذي وضع لإصلاح تلك الضريبة في سنة 1925م، وذكر القرار أنه يجب إصلاح ضريبة العشر بسبب كثرة ما يتقدم به الفلاحون من الشكاوى المحققة، ثم تطرقت مقدمة القرار ايضا الى طريقة الالتزام المضرة بالفلاحين والمرهقة لهم.
كانت شكاوى الفلاحين تركز على الآثار السلبية التي تنتج عن طريق الالتزام، فملتزموا الأعشار وهم في أكثر الأحيان من الأشخاص المتنفيذين، كانوا يظلمون الفلاحين بطرق متعددة. فكانوا يقدرون الغلال بأكثر مما هي في الحقيقة ويعنينون أسعاراً أعلى من سعر السوق الحقيقي، ومع أن تعديل هذه الضريبة قد أزال بعض النقائض والسيئات في طريقة الالتزام، فلا يزال هناك نقصان أساسيان داخليان في ذلك النظام.
فالنقص الأول: هو أن وطأة الضريبة العشرية المربعة غير موزعة بالتساوي بين القرى المختلفة. وذلك لأنها مبنية على الضريبة القديمة التي كانت تجبى على طريق المزايدة، فالمزاحمة على المزايدة لم تكن متساوية الشدة في القرى كلها بل كانت في بعضها أشد منها في البعض الآخر، وكان لابد من أن تخلف وطأة الضريبة باختلاف القرى.
ويمكننا أن نقسم هذه القرى إلى فئتين: الأولى القرى التي يملكها كبار الملاكين، والثانية التي يملكها صغار الفلاحين. ففي قرى الفئة الأولى لم يكن هناك مزاحمة طلقاً، وأما قرى الفئة الثانية فقد كانت المزاحمة شديدة.
والنقض الثاني: الذي نقله النظام الجديد عن النظام القديم هو أن الضريبة كانت تفرض جملة على القرية بكاملها وليس على الفلاحين كأفراد. فكانت تقع حوادث جور في توزيع كميات الضريبة على الافراد، إذ أن كبار الملاكين كانوا يرفعون العبء من الضريبة عن أكتافهم ويلقونه على أكتاف الفلاحين الفقراء.
في سنة 1929م، جرى تعديل على النظام ظهر فيه الابتعاد عن قواعد الضريبة العشر المربعة، وأن تطلب جباية الضريبة على أساس تخمين الغلال. وبقيت ضريبة الأعشار المربعة على الغلات الزراعة كما كانت عليه. لكن الفرنسيون بدلوا الطريقة، وعوضاً عن تحديد مقدار العشر في كل سنة بتخمين الغلات أو بطريقة التلزيم اتخذ قرار يقضي بأن يكون العشر معادلاً لمدل أعشار أربع سنوات سابقة.
ولا شك في أن هذه الطريقة كانت غير عادلة لأنها تقود على أساس غير صحيح، ذلك أن أعشار السنين الأربع السابقة كانت تحدد بإحدى طريقتي التخمين او التلزيم، حيث كان يراعى فيهما الجانب الشخصي لأصحاب الأملاك الكبيرة على حساب الاملاك الخاصة للفلاحين الفقراء، بالإضافة إلى أن أسعار الغلات والمنتجات كانت تختلف في كل عام عن العام الذي سبقه(1).
(1) علي إسماعيل (حكمت)، نظام الانتداب الفرنسي على سورية 1920-1928، دار طلاس، الطبعة الأولى عام 1998م، صـ 225-226