مقالاتموضوعات مختارة
سد الفرات نواة تعاون سوري – فرنسي – ألماني
بدايات العمل بسد الفرات عام 1962 التي غيبت قسراً عن تاريخه
الجهل بتاريخ البلد ، هو السلاح الأقوى بيد الحكام ، الذين يستطيعون تزوير التاريخ والحقائق ، لكي تناسب أهوائهم ونزعاتهم الشخصية ، فينسبون لأنفسهم أعمال ليست بأعمالهم ، وللأسف الشعب الجاهل بتاريخه يساق كالأغنام ، خلف كل مايقال دون تحقق أو تدارك.
عظمة القدماء تتجلى ، بأنهم صنعوا التاريخ الناصع لبلدنا ، ولم يتاجروا به في حياتهم وتركوا آثارهم بعد مماتهم تتحدث عنهم ، على عكس القادة في هذه الأيام ، الذين إذا رمموا جامعاً أو كنيسة هللوا بذلك طيلة حكمهم ، والمحزن هنا ، أنهم يتجاهلون الأيدي التي يعود لها الفضل بالعمل الذي رمموه أو أصلحوه .
سد الفرات اليوم ، مهدد بالتدمير في حال تم أي اعتداء على سوريا ، تخرج جمهرة من الجهلة في التاريخ لتقول من بناه سيهدمه في حال تم أي اعتداء على أرضه ، ولكن من هو الذي بنى سد الفرات ومن هو الذي أخر بنائه لينسبه إليه …؟؟؟؟
سد الفرات هو أحد المشاريع الهامة التي بدأ العمل عليها منذ العام 1955 وتوقفت بسبب الوحدة مع مصر في العام 1958 ، لتعود بشكل جدي في ظل حكومة بشير العظمة في العام 1962 بعد الانفصال عن الجمهورية العربية المتحدة ، ولقد وصلت هذه الحكومة إلى العديد من الاتفاقيات من أجل بناء وإنشاء سد الفرات مع ألمانيا الغربية وفرنسا ، وقد تكللت هذه الاتفاقيات بالنجاح وقبيل بدأ العمل على دخولها حيز التنفيذ حدث انقلاب الثامن من آذار عام 1963، الذي أوقف العمل بهذه الاتفاقيات وألغاها ، ولأن نهج قادة هذه الثورة اشتراكي كما يدعون أرادوا ايجاد البديل عن المتعهد الرأسمالي الفرنسي والألماني ، فكان الروس في طليعة بدلائهم ، وقد استفاد المتعهدون الروس من الدراسات الغربية للمشروع وعملوا عليها ، وبعد مماطلة من داخل الحزب بدأت أعمال التنفيذ في العام 1968 ، إلا أن الخلافات الداخلية بالحزب بين أنصار اليمين واليسار ، أخرت كثيراً في بناء هذا المشروع إلا أن تم انقلاب 1970 بقيادة الرئيس حافظ الأسد ، الذي أعطى الأمر بمتابعة ماتبقى من المشروع ، ولينتهي بناء المشروع بعام 1973 ، ولينسب هذا المشروع إلى قائد الحركة التصحيحية ، متجاهلاً كل الجهود التي بذلتها حكومة خالد العظم في سبيل إنشائه والتي لولاها لما كان هذا المشروع ماثلاً إلى اليوم .
ففي خبر نشرته مجلة الأسبوع العربي بعددها الصادر بتاريخ 3 كانون الأول 1962 …..
” سد الفرات نوات تعاون فرنسي – سوري “
بعد الانتهاء من الوحدة وقيام الانفصال بين سورية ومصر … قامت الحكومة السورية جاهدة في محاولة إصلاح اقتصادها … الأمر الذي دعاها إلى إرسال وزيرها “روبير الياس ” وزير الاشغال العامة السوري للتفاوض مع الحكومة الفرنسية وخصوصاً بعد مماطلة ألمانية لتمويل سد الفرات … وقد التقى الوزير الياس بكل من وزراء المالية والأشغال العامة الفرنسية ويقول الوزير الياس عن نتائج لقائه :” أن الحكومة الفرنسية وافقت على منح سورية قرضاً بخمسين مليون دولار لتمويل بعض مشاريع سورية الانمائية ، مثل :
اقامة مطار دولي في دمشق ، انشاء مشروع تخزين مياه بردى والأعوج ، اقامة شبكة من الانابيب البترولية تصل بين محافظة الجزيرة ومصفاة حمص ، بالاضافة إلى تقديم الأجهزةى والآلات والقوة الكهربائية “
وأضاف وزير الاشغال بأن : ” الحكومة الفرنسية قد ابلغته نتيجة المباحثات مع الحكومة الألمانية واتفاقها رسميا على مساهمة فرنسا مع المانيا الاتحادية في سبيل انشاء سد الفرات وتمويله وأن الحكومة الفرنسية قد اكدت تصميم ألمانيا الغربية على إنشاء سد الفرات بالمساهمة معها ، والمفهوم بشكل مبدئي أن المساهمة الفرنسية ستتراوح بين 30 إلى 40 بالمائة أي مايقدر بأكثر من مئتي مليون دولار أمريكي .”
انظر:
تعديل مرسوم إحداث الهيئة العامة العليا لمشروع سد الفرات عام 1967
صحيفة 1963- خالد العظم يعلن نجاح المفاوضات مع ألمانيا لبناء سد الفرات