صور قيد التوثيق
دمشق 1900- جنازة مسيحية في باب توما
اللاذقية عام 1821م – خوف العثمانيين من مساندة مسيحيي اللاذقية (الروم) للثورة اليونانية :
مذكرات : أنطونيوس الأميوني – الترجمة بتصرف : علام رحمة.
————————
اندلعت الثورة اليونانية ضد العثمانيين في عام 1821م وبدء النضال الدامي من أجل استقلال اليونان.
انطلاقا من هذه النقطة و خوفا من أن يقوم مسيحيي سوريا بمساعدة الوطنيين اليونانيين سراً ، أصدرت المحكمة العثمانية في إسطنبول قرارا يأمر بنزع سلاح المسيحيين.
و وصل هذا القرار إلى اللاذقية ، واتخذ الأتراك على الفور الإجراءات الضرورية لوضع هذا الأمر في موقع التنفيذ.
و في هذه الأوقات العصيبة عزم مسيحيو اللاذقية على إخفاء أسلحتهم الثمينة التي يمتلكونها. فكان يتم تسريب الأسلحة سرا إلى منزل أحد مسيحي المدينة، حيث يتم هناك وضعها في تابوت.
و في اليوم المحدد ،خرج المشيعون في مسيرة الجنازة من هذا المنزل يحملون على أكتافهم التابوت إلى أقبية الدفن في المقبرة المسيحية.
و لكن على ما يبدو أن هناك خائن ما قام بفضح سر هذه الحيلة .
ففي أثناء سير الجنازة أوقف الجنود العثمانيون الموكب في الشارع و قاموا بفتح التابوت فوجدوا بداخله الأسلحة المخبأة , و التي بعدها تم تسجيل واحدة من أسوأ حالات القمع و الاضطهاد , فالمسيحيون الذين استطاعوا أن يفلتوا من أيدي الحراس العثمانيين ، هربوا إلى البيادر و الأراضي الواسعة خارج المدينة. لكن أعداداً كبيرة منهم سقطت في أيدي العثمانيين ، وتم سجنهم وتعذيبهم وقتلهم ، برغبة خاطفيهم المتعصبين.
لكن من بين الناس الأوفر حظاً كان والدي ، جرجس أميوني ، الذي نجح في الهروب من المدينة ، برفقة عمي. و بينما كان والدي وعمه يسرعان من أجل النجاة بحياتهما أمام الطغاة ، كانت والدتي مختبئة في اللاذقية حين أبصرت عيناي النور هناك.
على الرغم من أنني كنت قد ولدت في زمن من الفوضى و فقدان القانون وسفك الدماء والارتباك ، إلا أنني ولدت مع صرخة الحرية المرتفعة التي سمعت في كل أرجاء أرض مولدي ، وكانت هذه الصرخة الطفولية منذ ذلك الحين عزيزة عليّ كالحياة نفسها.
نجح والدي و عمي في الوصول إلى جبل لبنان ، حيث كان يتمتعان بأمان تام. كان هذا المكان في الواقع الملجأ الوحيد للمسيحيين في سوريا ، وكانوا سعداء أنهم يستطيعون الوصول إلى أراضيه البعيدة عن الاضطرابات.
وصف حالة سوريا في تلك الفترة أمر صعب جداً: لقد كان مسرحاً للكثير من عمليات الاضطهاد والمذابح وسفك الدماء.
ففي واحدة من العمليات العديدة في التفتيش عن الأسلحة في اللاذقية قاموا بدخول منزلنا.
فنظر الجندي العثماني إلى سريري الصغير فمد يده القوية بين لفائف الشراشف و سحبني من ساقي الغضة لكنه شعر بخيبة أمل كبيرة عندما وجد طفلاً صغيراً مخبأ بدلاً من المسدسات، فامسكني و دفعني إلى الأرض ، و لو لم تسرّع أمي و تمسك بي بين ذراعيها و أنا أطير في الهواء لما كنت الآن أقوم بكتابة هذه المذكرات.
و عندما وجدت أمي الفرصة سانحة للهروب أخذتني برفقة أحد أقارب العائلة ، على متن سفينة صغيرة موجودة في الميناء و التي حملتنا إلى طرابلس وبيروت ، ومن ثم انتقلنا إلى بكفايا . واحدة من أكثر المناطق الساحرة في جبل لبنان ،و التي ترتفع إلى ما يقرب من 3000 قدم فوق مستوى سطح البحر..
الترجمة بتصرف : علام رحمة
مذكرات : أنطونيوس الأميوني – الترجمة بتصرف : علام رحمة.
————————
اندلعت الثورة اليونانية ضد العثمانيين في عام 1821م وبدء النضال الدامي من أجل استقلال اليونان.
انطلاقا من هذه النقطة و خوفا من أن يقوم مسيحيي سوريا بمساعدة الوطنيين اليونانيين سراً ، أصدرت المحكمة العثمانية في إسطنبول قرارا يأمر بنزع سلاح المسيحيين.
و وصل هذا القرار إلى اللاذقية ، واتخذ الأتراك على الفور الإجراءات الضرورية لوضع هذا الأمر في موقع التنفيذ.
و في هذه الأوقات العصيبة عزم مسيحيو اللاذقية على إخفاء أسلحتهم الثمينة التي يمتلكونها. فكان يتم تسريب الأسلحة سرا إلى منزل أحد مسيحي المدينة، حيث يتم هناك وضعها في تابوت.
و في اليوم المحدد ،خرج المشيعون في مسيرة الجنازة من هذا المنزل يحملون على أكتافهم التابوت إلى أقبية الدفن في المقبرة المسيحية.
و لكن على ما يبدو أن هناك خائن ما قام بفضح سر هذه الحيلة .
ففي أثناء سير الجنازة أوقف الجنود العثمانيون الموكب في الشارع و قاموا بفتح التابوت فوجدوا بداخله الأسلحة المخبأة , و التي بعدها تم تسجيل واحدة من أسوأ حالات القمع و الاضطهاد , فالمسيحيون الذين استطاعوا أن يفلتوا من أيدي الحراس العثمانيين ، هربوا إلى البيادر و الأراضي الواسعة خارج المدينة. لكن أعداداً كبيرة منهم سقطت في أيدي العثمانيين ، وتم سجنهم وتعذيبهم وقتلهم ، برغبة خاطفيهم المتعصبين.
لكن من بين الناس الأوفر حظاً كان والدي ، جرجس أميوني ، الذي نجح في الهروب من المدينة ، برفقة عمي. و بينما كان والدي وعمه يسرعان من أجل النجاة بحياتهما أمام الطغاة ، كانت والدتي مختبئة في اللاذقية حين أبصرت عيناي النور هناك.
على الرغم من أنني كنت قد ولدت في زمن من الفوضى و فقدان القانون وسفك الدماء والارتباك ، إلا أنني ولدت مع صرخة الحرية المرتفعة التي سمعت في كل أرجاء أرض مولدي ، وكانت هذه الصرخة الطفولية منذ ذلك الحين عزيزة عليّ كالحياة نفسها.
نجح والدي و عمي في الوصول إلى جبل لبنان ، حيث كان يتمتعان بأمان تام. كان هذا المكان في الواقع الملجأ الوحيد للمسيحيين في سوريا ، وكانوا سعداء أنهم يستطيعون الوصول إلى أراضيه البعيدة عن الاضطرابات.
وصف حالة سوريا في تلك الفترة أمر صعب جداً: لقد كان مسرحاً للكثير من عمليات الاضطهاد والمذابح وسفك الدماء.
ففي واحدة من العمليات العديدة في التفتيش عن الأسلحة في اللاذقية قاموا بدخول منزلنا.
فنظر الجندي العثماني إلى سريري الصغير فمد يده القوية بين لفائف الشراشف و سحبني من ساقي الغضة لكنه شعر بخيبة أمل كبيرة عندما وجد طفلاً صغيراً مخبأ بدلاً من المسدسات، فامسكني و دفعني إلى الأرض ، و لو لم تسرّع أمي و تمسك بي بين ذراعيها و أنا أطير في الهواء لما كنت الآن أقوم بكتابة هذه المذكرات.
و عندما وجدت أمي الفرصة سانحة للهروب أخذتني برفقة أحد أقارب العائلة ، على متن سفينة صغيرة موجودة في الميناء و التي حملتنا إلى طرابلس وبيروت ، ومن ثم انتقلنا إلى بكفايا . واحدة من أكثر المناطق الساحرة في جبل لبنان ،و التي ترتفع إلى ما يقرب من 3000 قدم فوق مستوى سطح البحر..
الترجمة بتصرف : علام رحمة