You dont have javascript enabled! Please enable it!
مقالات

عشرة أخطاء تاريخية في مسلسل «الجاسوس» إيلي كوهين

إبراهيم حميدي

بعيداً من سعي مسلسل «الجاسوس» الذي تعرضه شبكة «نيتفلكس» عن الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين المعروف باسم «كامل ثابت أمين»، إلى تكريس الصورة البطولية لـجهاز الاستخبارات الإسرائيلي (موساد) مقابل صورة نمطية مليئة بالخيانة والفساد والتآمر عن الطبقة السياسية السورية، فإن الحلقات الست للمسلسل تضمنت الكثير من الأخطاء التاريخية والسياسية… وإهانات اجتماعية.

صحيح أن «نيتفلكس» أشارت إلى أن «الجاسوس» ليس وثيقة تاريخية بل استند إلى الكتاب الفرنسي «الجاسوس الذي جاء من إسرائيل» وأخرجه الإسرائيلي جدعون راف من بطولة الممثل الساخر ساشا بارون كوهين الذي اشتهر بسلسلة «بورات»، لكنه تحول إلى «وثيقة تاريخية» عن تجربة كوهين من وجهة نظر إسرائيلية، مقابل غياب الرواية السورية باستثناء بعض المقالات والكتب ومقابلات كان بينها واحدة مع القاضي صلاح الضللي الذي حكم على كوهين بالإعدام في 1965. وبحسب مؤرخين وكتاب سوريين، يمكن الحديث عن عشرة أخطاء تاريخية في «الجاسوس»، هي:

الأول، الرئيس أمين الحافظ: أظهر المسلسل علاقة خاصة بين كوهين والحافظ تعود إلى فترة عمل الأخير ملحقاً عسكرياً في السفارة السورية في بوينس آيرس في الأرجنتين. لكن الحافظ نفسه نفى ذلك في مقابلة تلفزيونية في عام 2001. إذ أنه لم يصل إلى هناك حتى عام 1962. أي بعد سفر كوهين إلى دمشق وأضاف أنه تعرف على كوهين بعد اعتقاله بداية 1965. رواية الصداقة ظهرت في صحف مصرية لانتقاد أمين الحافظ في مشاحنات سياسية. لكنها نقلت في دمشق وتل أبيب لإظهار أهمية كوهين عشية إعدامه، بحسب خبير سوري.

تم عرض لقاءات علنية بينهما في الأرجنتين ثم في دمشق. لكن ليست هناك وثيقة أو صورة تدل على اجتماعات علنية بين كوهين والحافظ الذي كان ذهب إلى العراق ثم عاد بوساطة إلى دمشق قبل أن يتوفى قبل بضع سنوات.

الثاني، حافظ الأسد وأمين الحافظ: حافظ الأسد لم يكن فريقاً كما ظهر في صورته في مكتب الموساد. كان ضابطاً في مصر ثم تحول إلى منصب مدني بعد الانفصال عن مصر.

لم يتسلم أمين الحافظ السلطة بعد 8 مارس (آذار) 1963. بل عُيّن وزيراً للداخلية في حكومة صلاح الدين البيطار. أما رئاسة مجلس قيادة الثورة، فقد ذهبت للفريق لؤي الأتاسي حتى صيف ذلك العام. وبعدها تسلم الحافظ رئاسة المجلس الرئاسي، وليس رئاسة الجمهورية. والحافظ لم يكن موجوداً في دمشق في 8 مارس ولا علاقة له بالمطلق بالسيطرة على مبنى الأركان العامة في دمشق، كما جاء في «الجاسوس».

الثالث، ميشيل عفلق: لم يجتمع كوهين بعفلق، ولم يعطِه قوائم بشخصيات مثل رئيس الحكومة خالد العظم لدعوتها إلى سهرة في 8 مارس. في تلك الليلة، كان خالد العظم موجوداً في منزل الطبيب مدني الخيمي وليس في دار كوهين الذي لم يزره قط في حياته. إضافة إلى أنه لا علم لعفلق بتحركات الجيش في انقلاب 8 مارس، بحسب الخبراء.

الرابع، اللواء عبد الكريم زهر الدين: رئيس الأركان في عهد الانفصال، لم يدخل منزل كوهين. من دخل المنزل هو ابن أخيه، الضابط الاحتياط معذي زهر الدين. كان صديقاً لكوهين، لكنه سُرح من الجيش يوم 8 مارس وتولى منصب في وزارة هامشية. كان يجتمع مع كوهين، إما في دار الأخير أو في مقهى الكمال وسط دمشق، وقد تم اعتقاله والحكم عليه بالسجن خمس سنوات عام 1965.

الخامس، الضابط معذي زهر الدين والجبهة: أخذ الضابط معذي كوهين إلى خطوط الجبهة السورية في عام 1962، وقيل أنه حصل على معلومات عسكرية كان لها تأثير في نكسة 5 يونيو (حزيران) 1967. ولكن الفارق بين زيارة الجبهة وهزيمة الحرب هو خمس سنوات، مما طرح سؤالاً عن أهمية «المعلومات القيمة» التي حصل عليها كوهين نهاية عام 1962 …في نكسة عام 1967.

يذكر أن جميع ضباط الجبهة نقلوا أو سرحوا، وتغيرت كل الحيثيات العسكرية مراراً، بعد 8 مارس 1963 ولاحقاً بعد حركة 23 فبراير (شباط) 1966. وقال خبير غربي أمس: «مهمة كوهين لم تكن لنقل معلومات عن الجبهة، بل لملاحقة الضباط النازيين المقيمين في دمشق ومتابعة أوضاع يهود دمشق».

السادس، نائب وزير الدفاع: أشار المسلسل إلى أن كوهين رشح لمنصب «نائب وزير دفاع» في الحكومة. أولاً، هذا المنصب لم يكن موجوداً في حينها وقد استحدث بعد عام 1970. ثانياً، لأن هذا المنصب هو حكر على العسكر ولا يمكن لمدني أن يتسلمه.

السابع، اللواء أحمد السويداني. أصبح لاحقاً رئيساً لأركان الجيش السوري. لكن لم يكن مديراً لأمن أمين الحافظ في الأرجنتين، وقصة دخول كوهين إلى مكتب الحافظ وتصويره لمستندات سرية خيالية وبوليسية. وأفاد خبير: «السويداني شكك في كوهين من اليوم الأول، وكان له دور محوري في اعتقاله والكشف عن هويته مطلع عام 1965».

الثامن، الإعدام: ظهر الدمشقي ماجد شيخ الأرض يرفع القبعة لكوهين، حزناً واحتراماً، لحظة إعدامه في ساحة المرجة عام 1965. ويقول مؤرخ: «شيخ الأرض، كما هو معروف جيداً وكما ظهر في العمل، كان أحد ضحايا إيلي كوهين، تعرف عليه على متن باخرة متجهة من أوروبا إلى بيروت عام 1962».

كان كوهين تقرب من شيخ الأرض ودخل معه سوريا عبر لبنان بصفته مستثمراً مغترباً يدعى «كامل أمين ثابت». وخدع شيخ الأرض بهذا الرجل، وقام بمساعدة كوهين على استئجار شقة مفروشة بشارع أبو رمانة بدمشق، تعود ملكيتها لرجل يدعى هيثم قطب، وهو موظف في بنك سوريا المركزي، بحسب معلومات تاريخية. وأضاف الخبير: «العلاقة بين كوهين وشيخ الأرض توقفت عند هذا الحد: أولاً، لأن الأخير كان لا يملك أي معلومات تفيد الجاسوس، كونه بعيداً عن عالم السياسة، وتحديداً بعد 8 مارس عام 1963. ثانياً، تحدث أمام كوهين عن إعجابه بهتلر، مما خلق فتوراً فورياً بينهما منذ عام 1962».

شيخ الأرض لم يحضر الإعدام ولم يرفع قبعته احتراماً للجاسوس، لأنه كان معتقلاً في سجن قلعة دمشق يومها، ومحكوم بالسجن المؤبد. نقل لاحقاً إلى سجن تدمر، وتوفي داخل زنزانته بعد سنوات وقيل إنه انتحر.

كما أن زوجة أمين الحافظ، لم ترتعش حزناً على كوهين يوم إعدامه لأنها لم تكن موجودة في ساحة الإعدام أصلاً، لا هي ولا أمين الحافظ ولا ماجد شيخ الأرض. يضاف إلى ذلك، تلك الصورة المبتذلة التي قدمها المسلسل عن علاقة جنسية بين زوجة الحافظ وكوهين في السفارة السورية في الأرجنتين، أمام أعين زوجها ورضاه.

التاسع، اختراق المجتمع وسهرات المجون: أظهر العمل أن كوهين اخترق المجتمع السوري وصادق شخصيات نافذة. بحسب محاضر التحقيق، التي أذيعت وكان بحضور المحامي الفرنسي جاك مرسييه، فإن أصدقاء كوهين من رجالات الصف الثاني والثالث فقط، لأنه تحاشى شخصيات الصف الأول، خوفاً من فضح هويته.

أحدهم كان الصحافي جورج سيف، الذي أعطاه بطاقة صحافية وعرفه على مساعد ملاح جوي في مطار دمشق يدعى إيلي ألماظ. حكم سيف بعشر سنوات أشغال شاقة، وحكم ألماظ بالسجن ستة أشهر. أما بقية الأصدقاء، فمنهم موظف في وزارة الشؤون البلدية، وآخر موظف في وزارة السياحة، والثالث ابن صحافي، كان يريد أن يزوج كوهين، أو «كامل أمين ثابت»، من شقيقة زوجته، بحسب مؤرخين. واقتربت فتيات من كوهين بهدف الزواج لا أكثر، كونه طرح نفسه على أنه مغترب ثري وأعزب. وجميعهن تمت تبرئتهن أمام المحكمة المخصصة.

كان اللواء صلاح الضللي رئيس المحكمة قال لي في حديث صحافي في 22 مارس 2004. إن كوهين لم يكن سوى «جاسوس عادي». وأضاف: «كان مدفوناً بعد إعدامه في كهف على طريق الديماس لكن بعد فترة أخذت الرفات ودفنت في مكان آخر غير معروف» وأن أغلب من يعرف أين دفن «تسرح من الجيش أو ذهب أو ترك منصبه».

العاشر، حي أبو رمانة والسفارات: أظهر المسلسل «حي أبو رمانة» الدمشقي كأنه ميدان طلعت حرب في القاهرة. كما أشار إلى أن ضابطاً روسياً ساهم في الكشف عنه، لكن هناك أربع روايات عن الكشف عن الجاسوس: ضابط روسي، السفارة الهندية في دمشق التي سجلت ترددات لرسائل مشفرة، الاستخبارات المصرية، اللواء سويداني.

البناء الذي سكن فيه ايلي كوهين في حي ابو رمانة في دمشق

المصدر
إبراهيم حميدي، صحيفة الشرق الأوسط



 أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات


سورية 1900 سورية 1901 سورية 1902 سورية 1903 سورية 1904
سورية 1905 سورية 1906 سورية 1907 سورية 1908 سورية 1909
سورية 1910 سورية 1911 سورية 1912 سورية 1913 سورية 1914
سورية 1915 سورية 1916 سورية 1917 سورية 1918 سورية 1919
سورية 1920 سورية 1921 سورية 1922 سورية 1923 سورية 1924
سورية 1925 سورية 1926 سورية 1927 سورية 1928 سورية 1929
سورية 1930 سورية 1931 سورية 1932 سورية 1933 سورية 1934
سورية 1935 سورية 1936 سورية 1937 سورية 1938 سورية 1939
سورية 1940 سورية 1941 سورية 1942 سورية 1943 سورية 1944
سورية 1945 سورية 1946 سورية 1947 سورية 1948 سورية 1949
سورية 1950 سورية 1951 سورية 1952 سورية 1953 سورية 1954
سورية 1955 سورية 1956 سورية 1957 سورية 1958 سورية 1959
سورية 1960 سورية 1961 سورية 1962 سورية 1963 سورية 1964
سورية 1965 سورية 1966 سورية 1967 سورية 1968 سورية 1969
سورية 1970 سورية 1971 سورية 1972 سورية 1973 سورية 1974
سورية 1975 سورية 1976 سورية 1977 سورية 1978 سورية 1979
سورية 1980 سورية 1981 سورية 1982 سورية 1983 سورية 1984
سورية 1985 سورية 1986 سورية 1987 سورية 1988 سورية 1989
سورية 1990 سورية 1991 سورية 1992 سورية 1993 سورية 1994
سورية 1995 سورية 1996 سورية 1997 سورية 1998 سورية 1999
سورية2000

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى