قراءة في كتاب
كتاب (لواء الزور في الوثائق العثمانية) .. 158 وثيقة غير منشورة
نشر الباحث أحمد السلامة مؤخراً كتاباً مهماً حول أوضاع دير الزور في النصف الثاني من العهد العثماني، حمل عنوان: (لواء دير الزور في الوثائق العثمانية – الجزء الأول مركز لواء دير الزور)، أستند المؤلف فيه على وثائق الأرشيف العثماني في مدينة استنبول والذي يعد مرجعاً تاريخياً مهمً لا يمكن كتابة تاريخ أي مدينة أو منطقة عاشت يوماً تحت حكم الدولة العثمانية دون الإعتماد عليه.
اغتنم المؤلف فرصة تواجده في استنبول لاستخراج وثائق عن مدينته المنسية كما يصفها، واستطاع التغلب على صعوبة البحث باللغة التركية والعثمانية، بأن خضع لدورة تعليم اللغة العثمانية ساعدته في التعامل مع الوثيقة، وقسم عمله إلى عدة مراحل لتبسيط المعقد، وتفكيك المتشابك، وتمييز المتداخل من بين الوثائق، فمن بين 15 ألف وثيقة تقريباً الخاصة بمنطقة دير الزور، استطاع استخراج أربعة آلاف وثيقة متنوعة المضمون والعائدية، سواء أكانت للمعارف أم للأوقاف أم للدوائر التي تتبع الداخلية أم للتشريفات.
تضمن الكتاب نحو 158 وثيقة غير منشورة، وقد أدرج الوثيقة الأصل مع ترجمتها، لكي يستشف منها القارئ ويستنبط منها ما يتلائم مع اختصاصه، ولاسيما أنه من غير الممكن لباحث او لكاتب أن ينفرد بإحاطة ما يحتويه هذا المخزون الهائل من الأرشيف العثماني، فمنها ما يخص بالقبائل والعشائر، ومنها ما يخص المعارف، ومنها ما يخص التنظيمات الإدارية، ومنها ما يخص الإنشاء والتعمير، إضافة إلى اختصاصات كثيرة أخرى. كما أن الوثائق التي نشرت في الكتاب تنطوي على أهمية كبيرة: فهي تعرض – لأول مرة- تاريخ منطق وادي الفرات من جوانبها كافة: السياسية والعسكرية والاجتماعية، عن طريق عرض الحقائق مباشرة، مما يتيح الفرصة أمام القارئ للاطلاع على تاريخ المنطقة، التي عاشت تحت الحكم العثماني ما يقارب أربعة قرون.
توزعت فصول الكتاب الثمانية بحسب الاختصاص والعائدية، واختار المؤلف عدد من الوثائق لكل فصل بما يتلائم وحجم الكتاب وتغطية الموضوع، وهذا لا يعني أن الوثائق التي لم يتعرض لها او لم ينشرها أقل أهمية من التي نشرت في الكتاب.
اهتم الفصل الأول حول وثائق ما قبل تشكيل اللواء، اعتباراً من تاريخ 961 هـ لغاية 1250 هـ ، والثاني نشر فيه وثائق تشكيل لواء الزور، فيما بحث الفصل الثالث في وثائق التنظيمات الإدارية للواء، أما وثائق المشروعات الإنشائية في اللواء فقد جاءت في الفصل الرابع من الكتاب، وجاءت وثائق المعارف والتشريفات والأوقاف في الفصول الخامس والسادس والسابع، فيما تضمن الفصل الأخير وثائق متفرقة تتعلق بلواء الزور.
يقع الكتاب في 360 صفحة من القطع المتوسط، وصدر مطلع العام الحالي عن دار أطلس للنشر والتوزيع في دمشق.
الكتاب بتعدد فصوله وموضوعاته ووثائقه يتيح الفرصة لإعادة النظر في تاريح المنطقة بعيداً عن النعرات والعصبيات التي تسود في بعض المؤلفات، وكذلك يتيح التعرف إلى علاقة المنطقة بالولايات والألوية العثمانية من جانب ومع الإدارة المركزية في استنبول.