مختارات من الكتب
جميل مردم بك وانتخاب الرئيس هاشم الأتاسي عام 1936
تميم مردم بك- صفحات من حياة جميل مردم بك (11)
عاد الوفد السوري في مطلع تشرين الأول 1936 ووصل حلب حيث استقبل استقبالاً شعبياً حافلاً أعدته له “الكتلة الوطنية” واشترك فيه المفوض السامي دي مارتيل الذي حضر من بيروت لاستقبال الوفد.
ألقى الخطباء كلمات الإعجاب والثناء على هذه المعاهدة:
وصفها فارس الخوري “بمعجزة القرن العشرين”،
ووصفها جميل مردم بك “بعروسة الشرق”،
وقال سعد الله الجابري: “لم يبق على فرنسا إلا أن تعطينا مارسيليا”.
هذا وقد أصدر المفوض السامي قراراً بتعيين موعد الانتخابات النيابية في البلاد يوم 30 تشرين الثاني 1936 لانتخاب مائة وأربعة نواب.
في التاسع من كانون الأول 1936م، صدر مرسوم جمهوري بإعلان أسماء الفائزين في الانتخابات حيث سجلت “الكتلة الوطنية” ومؤيديها انتصاراً ساحقاً، وطلب أعضاء الكتلة من الدكتور نجيب الأرمنازي أمين عام القصر الجمهوري، إبلاغ رئيس الجمهورية محمد علي بك العابد ضرورة الاستقالة لإفساح المجال أمام الكتلة لإتمام مهمتها الوطنية، فوافق على الاستقالة.
كذلك استقالت حكومة عطا بك الأيوبي في الحادي والعشرين من كانون الأول 1936م36، واجتمع المجلس النيابي وانتخب السيد فارس الخوري رئيساً له، وحصرت نيابتا الرئيس ومراكز مكتب المجلس بأعضاء الكتلة الوطنية.
جرت انتخابات رئاسة الجمهورية ففاز بالأغلبية الساحقة هاشم بك الأتاسي رئيس الكتلة الوطنية. وفي الحادي والعشرين من كانون الأول 1936م، أيضاً أصدر هاشم بك الأتاسي مرسوماً بتأليف الوزارة الجديدة برئاسة جميل بك مردم بك الأولى، الذي أحدث ولأول مرة منذ الانتداب الفرنسي وزارتين جديدتين الأولى للخارجية والثانية للدفاع الوطني، كمؤشر على رغبة زعماء الكتلة في التأكيد على استقلال البلاد داخلياً وخارجياً.
في هذه الفترة وبعد أن أصبح جميل بك رئيساً للوزارة قام بوضع حجر الأساس لمسجد لالا مصطفى باشا، وقد وضعت لوحة من الرخام كتب عليها:
وقد جرى رفع هذه اللوحة عن مدخل الجامع عند توسيعه لأسباب مجهولة وإن كان ظاهرها إزالة ذكر جميل بك وآل مردم بك عن هذا المكان؟
صادق المجلس النيابي في 22/12/1936 على معاهدة التحالف والصداقة مع فرنسا وأبرمت بنودها بقانون تم نشره في 27/12/1936 م.
وأصدر المندوب السامي عفواً عاماً عن المساجين والمبعدين السياسيين، وعاد إلى البلاد الدكتور عبد الرحمن الشهبندر وسلطان باشا الأطرش وإحسان الجابري وغيرهم…
يقول الدكتور نجيب الأرمنازي(1) في كتابه “سورية من الاحتلال حتى الجلاء”:
تقبل الشعب السوري هذه المعاهدة بقبولٍ حسن، وأعرب عن ثقته بالذين عقدوها، بتأييده المطلق في الانتخابات التي جرت على أثرها. فحمل رجالها إلى الحكم راضياً مختاراً فرحاً مسروراً، وأنشأ بذلك الجمهورية الجديدة: “جمهورية المعاهدة” التي تتمتع بمزايا لا يستهان بها من الحرية واستقلال…