ليس بيننا وبين المستقبل الذي يتحدث عنه البعث العربي والذي هو موضوع عملنا ونضالنا زمن حسابي يقدر بالاشهر والسنين. انه زمان نفسي نستطيع أن نحققه منذ الآن وان نملكه فنملك به الخلود.
ليس المستقبل هو الزمان الذي سيأتي، بل المستوى النفسي والفكري الذي علينا أن نصل اليه في الوقت الحاضر.
لسنا بحاجة الى سنين ولا الى أشهر، فقد يصل المرء الى هذا المستقبل في ثانية واحدة، عندما يدرك الفرد ذاته المثالية ويعي ويصمم.
فالمستقبل الذي يمثله البعث هو الصورة عن حياة أمتنا عندما يتحقق البعث، أي عندما يتحقق الانقلاب العربي. انه صورة الامة العربية في حياتها السليمة المقبلة، فعلى هذه الصورة ان تتحقق منذ الآن في البعث العربي حتى ينجح.
ان بيدنا أسلحة كبيرة وقوى كبيرة هي قوة المبادئ التي نعمل لها ونحيا من أجلها، وقوة التنظيم، ولكن ثمة قوة تفوق كل القوى الاخرى هي ان نجسم للامة مستقبلها، وأن نحقق هذا المستقبل منذ الآن وان نحياه بيننا.
فلن نقول للعرب انكم ستصلون الى الحياة الموحدة الحرة الاشتراكية، وبكلمة واحدة، للحياة البعثية، في المستقبل عندما يتحقق البعث العربي، وانما نقول لهم : هذه هي صورتها منذ الآن. هذه الحياة التي تزول فيها الفروق الاجتماعية والحواجز الاقليمية والنعرات الطائفية، وكل أثر للعبودية والمصلحة الخاصة والجهل والتقليد. عندها يأتي المستقبل الينا، وينمو فينا ولا يعود شيئا منفصلا وخارجا عنا.
عام 1950