مقالات
فاضل السباعي: وتعلّمت اللغة الفرنسيّة
فاضل السباعي – التاريخ السوري المعاصر
نشأت وأبناء جيلي في زمن الانتداب الفرنسي، وكانت اللغة الأجنبية التي نتعلّمها في المدارس الرسمية هي الفرنسية، يبدأ تعليمها من الصفّ الثاني الابتدائي، ولم ألحق ذلك النظام بل تلقّيتها ابتداءً من الصف الرابع على يد “توفيق يموت” (من أسرة معروفة في بيروت)، وفي الخامس (صف شهادة السرتفيكا) على يد “فؤاد ديكران” (من الطائفة الأرمنية بحلب).
في الأول الثانوي (سُمّي فيما بعد الأول إعدادي) كان أستاذنا “كميل عَرَقْتَنْجي” (من مسيحيّي حلب)، يحرص على إسماعنا النطق بهذه اللغة وكأنه تغريد بلابل، حتى إنه يلثغ بحرف (R) على الطريقة الباريسيّة (بل على نطق أهل مدينة “تور Tours” التي علّمت الباريسيّين فصاحة اللغة الفرنسية).
أحسست قصورا في تعلم هذه اللغة الجميلة. وتراءى لي، في الصيف الذي سبق سنة البكالوريا، أن أجعل من الانكليزية (التي أُخِذ بها لغةً ثانية بعد جلاء الفرنسيين 1946) اللغةَ الأجنبية الأولى لي والفرنسية لغة ثانية. اتفقنا، أنا وزميلي جاري في حيّ الجميلية صديق العمر “ناصح كيالي” (اليوم محام بدمشق)، على أن نتلقّى دروسا مكثفة بالانكليزية في المعهد الأمريكي بالجميلية ذلك الصيف (1949)، وقضينا أشهره الثلاثة ونحن نتعلم، حتى إني تمكّنت من أن أترجم إلى العربية نصوص القراءة في المنهج، ولكن ما إن انقضى الصيف حتى أعلنت وزارة المعارف (التربية) عن الاكتفاء بلغة أجنبية واحدة للطلاب، هذه أو تلك، فعدت إلى فرنسيّتي لغةً وحيدة.
ظللت أحبّ الفرنسية وأستمتع بسماعها، وإن أخفقت في أن أجد من ينطقها على طريقة الأستاذ الذي أحببناه “كميل عرقتنجي”. ولا بأس في أن أذكر أنّ هذا الأستاذ كانت تنتظره على باب مدرستنا (التجهيز الأولى، ثانوية المأمون بحلب) ساعة الانصراف كلّ يوم، عربةُ “حنتور” (يملكها أو يستأجرها)، تمضي به الهوينى إلى البيت، في زمن كانت السيارات نادرة في البلد وسيارات التكسي أقلّ وأقلّ.
تقوّيت بالفرنسية، وسافرت إلى فرنسا مرة زائرًا ابنتي وزوجها صيف 1974، وتوجّهت إليها ثانية “موفدًا” من قبل جامعة دمشق بفضل رئيسها الشهيد “الدكتور محمد الفاضل” ووزير التعليم العالي “الدكتور محمد علي هاشم”، من خريف 1977 حتى صيف السنة التالية. وقد كتبت هناك قصصا من وحي باريس ورحلاتي إلى المدن الفرنسية الأخرى والأرياف، نزلتْ في عدد من كتبي (مثل “الألم على نار هادئة” و”الابتسام في الأيام الصعبة”…)، ولكني قمت بترجمة بعض القصص من الفرنسية إلى العربية (لـ غي دو موباسان وألفونس دوديه)، والأهمّ من ذلك أني ترجمت عن الفرنسية قصصا وأساطير صينيّة للفتيان، كنت أنشرها في المجلات العربية، غدت هي أول ما جمعتُ، بُعيد عودتي من فلوريدا، في كتاب سمّيته “حوريّات الغابة”، قدّمت مخطوطته إلى وزارة الثقافة وهو اليوم في المطبعة [بل اعتذروا عن نشره بعد أن دخلوا صفحتي!ٍ/ فجر الاثنين 2-9-2019].
ولا بدّ من أن أؤكد، توخّيًا للأمانة العلمية، أنّ حرصي على إتقان الترجمة كان يُملي عليّ أن أجلس مع صديق العمر “نهاد رضا” (1927-2008) الذي ينظم الشعر باللغة الفرنسية، أقرأ عليه نصّي الذي ترجمت وهو يتابع بعينيه الأصل الفرنسي ويُبدي ملاحظاته، ويعت
انظر:
فاضل السباعي: جيراننا اليهود بحلب
فاضل السباعي: وتعلّمت اللغة الفرنسيّة
الشاعرة عزيزة هارون في منزل الأديب فاضل السباعي في حلب
فاضل السباعي مع الأديبين عبد الرحمن البيك وجورج سالم