قضايا
وفاة حافظ الأسد عام 2000
أعلن في العاشر من حزيران عام 2000 عن وفاة حافظ الأسد في دمشق عن عمر يناهز 69 عاماً، إثر أزمة صحية، حيث قطع التلفزيون السوري إرساله بعد ظهر العاشر من حزيران, وأذاع المذيع مروان شيخو نبأ وفاة حافظ الأسد.
جاءت وفاة حافظ الأسد قبل أسبوع من عقد المؤتمر القطري التاسع لحزب البعث الذي كان يفترض أن ينتخب بشار الأسد عضواً بالقيادة القطرية، حيث كان يتوقع أن يقوده ذلك ليكون نائباً لوالده.
وكانت اذاعة شبكة سي.إن.إن الأمريكية هي أول من أذاعت نبأ وفاة حافظ الأسد، في السادسة إلا خمس دقائق، ثم نقلته عنها وكالة الأنباء الفرنسية في السادسة، وبعد خمس وعشرين دقيقة تقريبا أذاع التلفزيون السوري والإذاعة السورية النبأ، قبل أن ينتقل التلفزيون السوري إلى جلسة مجلس الشعب، حيث أعلن النبأ رسمياً على النواب الذين أخذ بعضهم في البكاء بصوت مسموع.
وكانت قد أعلنت حالة الاستنفار الكامل لجميع أفراد الجيش والقوات المسلحة وقوات الأمن الداخلي والشرطة منذ صباح الباكر ذاك اليوم.
إجتماع مجلس الشعب:
وفور إعلان نبأ الوفاة عقد مجلس الشعب السوري جلسة استثنائية أعلن فيها عبد القادر قدورة رئيس المجلس تشكيل لجنة نيابية لتعديل المادة رقم 83 من الدستور حول سن الرئيس السوري، كخطوة لاختيار خليفة حافظ الأسد.
وأقر المجلس بعد وقت قصير من عقده جعل سن المرشح للرئاسة 34 عاماً, فيما يتيح الفرصة للعقيد بشار الأسد لخلافة والده.
أسباب الوفاة:
وكان الأسد يعاني تدهورا في صحته في الفترة الأخيرة، حيث لوحظ أنه كان يتحدث بصعوبة, وإحدي يديه لا تتحرك بشكل طبيعي.
كما كان قد أصيب بنوبة قلبية منذ سنوات.
وقد تباينت المعلومات عن سبب الوفاة، فبينما ذكرت بعض المصادر أنها نتيجة أزمة قلبية حادة قال بعضها الآخر إنها نتيجة سكتة دماغية.
وأفاد مصدر طبي لوكالة فرانس برس في بيروت أن حافظ الأسد توفي قبيل ظهر السبت إثر اصابته بأزمة قلبية. وأوضح المصدر أن الأسد الذي أصيب باحتقان في الدماغ قبل أسابيع قليلة بدا وكأنه استعاد عافيته بشكل جيد، لكن المصدر اعتبر أن قلب حافظ الأسد الذي تعرض لضغط كبير، خانه في النهاية. وأضاف المصدر ذاته ان الأسد كان يعاني من مرض السكري ومن مشاكل في القلب ومن سرطان الدم.
هل مات قتلاً؟
نشرت صحيفة “الأهرام العربي” الصادرة في القاهرة تقريراً عند وفاة حافظ الأسد قالت فيه أن الرئيس حافظ الأسد قتل بيد الموساد الإسرائيلي بواسطة إشعاع فتاك بث عن طريق جهاز الهاتف، وأن الرئيس الأسد تتم إغتياله بسبب عناده في مسألة الجولان.
وكتب التقرير الصحفي “سيد حمايل” تحت عنوان : “هل الرئيس مات موتاً طبيعياً أم قتل؟”.
وأدعى كاتب التقرير أنه في أعقاب فشل قمة الأسد – كلينتون في جنيف وبسبب عناد الرئيس السوري بعدم التنازل عن شبر واحد في الجولان- قررت إسرائيل أنه يجب التخلص منه، وفعلت ذلك بأسلوب يشبه الأسلوب الذي استخدمه الموساد في الأردن لاغتيال قائد حماس في الأردن خالد مشعل”.
ورداً على ذلك أصدر وزارة الخارجية الإسرائيلية نفياً لتلك الأنباء، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية “آفيف شير” في يوم الأربعاء الثامن والعشرين من حزيران قال فيه أن “الحديث يدور عن نكته سيئة تأتي في إطار قصص كاذبة خيالية تروج للأسف في وسائل الإعلام العربية بين الحين والآخر”.
تشييع حافظ الأسد:
تم تشييع حافظ الأسد يوم الثلاثاء الرابع عشر من حزيران عام 2000م.
بدأت مراسم التشييع من منزله في منطقة المالكي، حيث حملت ثلة من كبار ضباط الجيش الجثمان مجللاً بالعلم السوري على الأكف باتجاه ساحة الأمويين يتقدمه حملة أكاليل الزهور وفرقة موسيقا الجيش فيما كانت المدفعية تطلق طلقات الوداع.
سار خلف الجثمان أفراد العائلة ونائبا رئيس الجمهورية وأعضاء القيادتين القومية والقطرية للحزب ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشعب وأعضاء القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية ونواب رئيس الوزراء وكبار ضباط الجيش والقوات المسلحة.
عند وصول الجثمان إلى ساحة الأمويين وضع على عربة مدفع وتوجه الموكب إلى قصر الشعب حيث سجى جثمانه في كبرى قاعات القصر لإلقاء نظرة الوداع الأخير.
بعد تقبل التعازي في قصر الشعب حمل الجثمان على عربة مدفع باتجاه مطار المزة حيث نقل الجثمان إلى اللاذقية.
عند وصول الجثمان إلى مطار حميميم “مطار باسل الأسد” في اللاذقية نقل الجثمان إلى مسجد ناعسة في القرداحة حيث تمت الصلاة عليه وكان الإمام الشيخ محمد رمضان البوطي.
ثم حمل الجثمان من قبل ثلة من ضباط الجيش ووضع على عربة مدفع حيث انطلق في موكب مهيب إلى ضريح العائلة وفن إلى جانب نجله باسل.
المشاركون في التشييع:
شارك في التشييع عدد كبير من المسؤولين العرب والدوليين، منهم:
الرئيس اللبناني أميل لحود
الرئيس المصري حسني مبارك
الملك الأردني عبد الله الثاني
ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز
أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح
الرئيس السوداني عمر حسن البشير
الرئيس اليمني علي عبد الله صالح
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة
أمير البحرين
ولي عهد الإمارات
الرئيس الإيراني محمد خاتمي
الرئيس الفرنسي جاك شيراك
الرئيس التركي نجدت سيزر
الرئيس البلغاري بيتر استانوف
وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبريت
رئيس مجلس الدوما الروسي(1).
التأبين:
أقيم حفل تأبين في العشرين من تموز عام 2000 في مدينة القرداحة، وشارك في الحفل العديد من الشخصيات الرسمية والفعاليات الأهلية.
وعربياً شارك الرئيس اللبناني أميل لحود والأمين العام لجامعة الدول العربية، كما شارك رئيسا مجلس النواب والوزراء اللبنانيين وعدد من النواب وأمناء أحزاب لبنانية.
ابتدأ الحفل بالوقوف دقيقة صمت ثم ألقيت كلمات التأبين(2).
الموقف العربي والدولي:
أصدرت القيادة المركزية لحزب البعث ومجلس الشعب ومجلس الوزراء، والقيادة العامة للقوات المسلحة، والمنظمات الشعبية، والنقابات بياناً رسمياً نعت فيه حافظ الأسد.
توالت أصداء وفاة الأسد في داخل وخارج سورية.
الموقف المصري:
نعى الرئيس حسني مبارك حافظ الأسد، ووصفه بأنه الصديق ورفيق الكفاح الذي قدم لوطنه خدمات جليلة، وظل يناضل في سبيل الأهداف القومية الكبري حتى فاضت روحه، وهو في قمة شموخه وعزته. ودعا الرئيس مبارك الله تعالي أن يحفظ سوريا الشقيقة من كل سوء، وأن يهيئ لها أن تواصل مسيرتها في ظل وحدة وطنية شاملة، وتضامن قومي كامل.
الموقف اللبناني:
كشف الرئيس اللبناني اميل لحود أنه كان آخر من تحدث إلى حافظ الأسد في اتصال هاتفي، وانهما تناولا “الأوضاع العامة وشؤون المنطقة وهموم سورية ولبنان وانتصارهما في معركة المقاومة وتحرير الجنوب. وكانت آخر عبارة قالها لي: قدرنا ان نبني لأولادنا مستقبلاً يطمئنون إليه وواجبنا ان نورثهم أفضل مما ورثناه… ثم كان صمت مفاجئ وانقطع الاتصال وادركت بعدها أنه سلم الأمانة وبلغ الرسالة”.
الموقف الإسرائيلي:
وفي تل أبيب قطع التليفزيون الإسرائيلي برامجه العادية ليذيع خبر وفاة الأسد، ثم صدر بيان عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك.
وذكرت شبكة سي.إن.إن الإخبارية الأمريكية أن الحكومة الإسرائيلية أكدت في البيان تفهمها لمشاعر الحزن التي تنتاب الشعب السوري لوفاة الرئيس الراحل حافظ الأسد. وأضاف البيان أن إسرائيل تعاونت في الماضي مع سورية من أجل التوصل إلي اتفاق سلام، كما أنها سوف تواصل العمل في المستقبل في الاتجاه نفسه مع القيادة الجديدة في سورية أيا كانت. وقال البيان إن إسرائيل تعلق أهمية كبيرة علي الحفاظ علي حالة الهدوء في مناطق الحدود التي تربطها بكل من سوريا ولبنان, وتأمل في أن تنظر سوريا إلي هذا الموقف بالطريقة نفسها.
الموقف الأميركي:
وأفادت شبكة سي.إن.إن الإخبارية الأمريكية, أن الرئيس الأمريكي بيل كلينتون أبلغ علي الفور بوفاة الأسد.
وأصدر البيت الأبيض بيانا أكد فيه شعور الرئيس كلينتون بالحزن العميق إزاء وفاة حافظ الأسد، مشددا علي احترامه له. وقدم تعازيه لأسرة حافظ الأسد وللشعب السوري. وذكر البيان أن الرئيس كلينتون يتطلع إلي العمل مع سورية من أجل تحقيق هدف السلام الشامل في الشرق الأوسط. وأعلن البيت الأبيض أن مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية ستمثل الولايات المتحدة في جنازة الأسد. وقال جو لوكهارت المتحدث باسم البيت الأبيض ـ الذي كان يرافق الرئيس بيل كلينتون في مينيسوتا ـ إن الرئيس رأي أن أولبرايت هي الشخص المناسب للذهاب إلي دمشق للمشاركة في الجنازة.
الموقف الروسي:
في موسكو، ذكر مسؤول كبير بوزارة الخارجية الروسية أن روسيا تشعر بالحزن العميق إزاء وفاة حافظ السوري, وتأمل في ألا يكون لرحيله تأثير سلبي في عملية السلام، والتي قام الرئيس الأسد بدور بارز فيها. وقد شارك رئيس مجلس الدوما الروسي في التشييع (3).
(1) مجلة المناضل، دمشق، العدد 302 أيار /حزيران عام 2000م.
(2) مجلة المناضل، دمشق، العدد 303 تموز عام 2000م.
(3) صحيفة الأهرام ، العدد 41460 الصادر في 11 حزيران 2000م.
انظر:
غلاف صحيفة النهار في اليوم التالي لوفاة حافظ الأسد
مات حافظ الأسد ..وقيادة البعث ترشح بشار لخلافته
جثمان الرئيس حافظ الأسد على عربة مدفع عسكري
صحيفة الأهرام- الرئيس حافظ الأسد في رحاب الله
المراجع والهوامش:
(1). صجيفة القدس العربي- لندن، العدد 3463 الصادر يوم الخميس التاسع والعشرين من حزيران عام 2000م.
المراجع والهوامش:
(1). صجيفة القدس العربي- لندن، العدد 3463 الصادر يوم الخميس التاسع والعشرين من حزيران عام 2000م.