من الصحافة
صحيفة النهار 1972: بكداش يؤكد حدوث الإنشقاق في الحزب الشيوعي السوري
نشرت صحيفة النهار في عددها الصادر في السادس من نيسان عام 1972 خبراً حول تأكيد حدوث الإنشقاق في الحزب الشيوعي السوري الذي أدى إلى انقسام الحزب داخلياً عام 1972، فانشق إلى جناحين، جناح رياض الترك الذي اختار لنفسه اسم “الحزب الشيوعي-المكتب السياسي”، وجناح خالد بكداش الذي احتفظ باسم الحزب.
نص الخبر:
العنوان من المصدر:
وقع الإنشقاق في الحزب الشيوعي السوري .. بكداش يؤكده ويعلن الأسماء
كتب أمين معلوف:
الإنشقاق أصبح علنياً أمس داخل الحزب الشيوعي السوري. فقد أصدر الأمين العام السيد خالد بكداش بياناً اتهم فيه عدداً من قادة الحزب بـ “الانحراف” والقيام بـ “أعمال انقسامية”.
وعلمت “النهار” ان الخلاف، الذي بدأت تتسرب انباؤه منذ أشهر، انفجر على الصعيد التنظيمي في نهاية الأسبوع الماضي.
ففي 31 آذار “يوم الجمعة الماضي” عقدت منظمة الحزب في مدينة دمشق مؤتمراً جددت فيه انتخاب السيد يوسف نمر أميناً عاماً لها.
وذكرت نشرة “قاسيون” التي تصدرها منظمة الحزب في العاصمة السورية ان 70 الى 80% من المنظمة تمثل في المؤتمر، وأن بكداش لم يحضره، بل عقد في اليوم التالي “اجتماعاً انقسامياً للأقلية”.
ويبدو أن اجتماعي دمشق كرسا الانقسام على الصعيد التنظيمي، وعزلا الأمين العام إلى حد كبير داخل الأطر الحزبية، مما دعا الى عرض المسألة علنية في شكل “انقلاب” او “حركة تصحيحية”، ليستفيد من الرصيد الكبير الذي يتمتع به شخصياً في أوساط الشيوعيين.
(أفكار التعصب القومي)
وجاء البيان رداً على ما ذكرته “قاسيون”. فقال أن :(كتلة مغامرة انتهازية تحريفية قامت بعمل تخريبي بغية تبديل سياسة الحزب في كل الميادين الفكرية والسياسية والتنظيمية والسعي لتبديل قيادة الحزب والسيطرة التامة عليه بحجة اخراج العقليات القديمة والدعوة إلى إيجاد قيادة شابة). وأضاف: (ان عناصر هذه الكتلة تخلت عن النظرة الطبقية والموقف الأمم للحزب الشيوعي من القضايا القومية وخرجت على اتجاهات مؤتمرات الحزب وتبنت بدل ذلك أفكار التعصب القومي أي أفكار القوميةالبرجوازية وبدأت ترفع شعار الحزب الشيوعي العربي الموحد). واتهم البيان “الكتلة المنحرفة” بأنها “عارضت دخول الحزب الشيوعي السوري مع حزب البعث العربي الاشتراكي في جبهة وطنية تقدمية في سوريا، كما “نادت هذه الزمرة بالابتعاد عن الحزب الشيوعي السوفياتي وتبنيها بالتدريج مواقف تبدأ بشعار الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي وتنتهي بمواقف معارضة له، كما عملت على التشكيك في سياسة الاتحاد السوفيتي تجاه القضية الفلسطينية”. وطالب البيان كل قواعد الحزب بـ “الوقوف بحزم ضد هذه الزمرة”. وذكر أن أكثر من 70% من هذه القواعد تؤيده. ولم يشر إلى ما اذا كان معارضو بكداش فصلوا من الحزب.
المعارضة الخمسة
وألقى البيان بعض الأضواء على موقع عدد من العناصر القيادية في الأزمة.
ويبدو أن أكثرية المكتب السياسي، وهو أرفع هيئة في الحزب، تعارض الأمين العام. فمن أصل سبعة أعضاء، يعارض بكداش خمسة هم السادة دانيال نعمة، ورياض الترك، وإبراهيم بكري وظهير عبد الصمد، وعمر القشاش. أما العضوان الآخران فهما الامين العام نفسه والسيد يوسف فيصل، وزير الدولة في الحكومة السورية.
بالنسبة إلى اللجنة المركزية، يقول بكداش ان نصفها يؤيده. وقد وقع البيان بالفعل كل من السادة عمر السباعي، وزير المواصلات السوري، ومراد يوسف وموريس صليبي، وخالد حناوي ورمو شيخو وأحمد فاضل. وعرف من الأعضاء المعارضين للأمين العام السيد يوسف نمر. وذكر البيان ان في صفوف مؤيدي بكداش نصف أعضاء لجنة المراقبة الحزبية، وخمسة نواب شيوعيين في مجلس الشعب من أصل سبعة، و17 عضواً في المجالس الإقليمية من أصل 24. وتفيد بعض المصادر أن لبكداش أكثرية في محافظتي الجزيرة وحلب، وأقلية في طرطوش ودمشق.
جواب المعارضين
ويرغم أنه لم يرد في الأنباء على لسان المعارضين انه ورفاقه “ملتزمون بمبادئ الحزب الشيوعي ولكننا ضد قيادته القديمة”، فمن المتوقع ان يصدر بيان سياسي في وقت قريب رداً على بيان بكداش.
ويبدو أن المعارضين يرفضون اتهامات بكداش بالانحراف اليساري وبمعاداة الاتحاد السوفياتي ومعارضة الجبهة الوطنية في سوريا، ويعتبرون أنها مجرد اتهامات تهدف إلى عزلهم على صعيد الحزب والدولة والحركة الشيوعية العالمية. وتفيد بعض المصادر ان أكثرية المكتب السياسي فرضت ان يقوم بكري بمرافقة بكداش في جولة على الأحزاب الشيوعية في محاولة لمنع الأمين العام من “تشويه رأي الأكثرية” باستعمال رصيده الشخصي. ومن الاتهامات الرئيسية التي يوجهها المعارضون إلى قيادة بكداش أنها لا تشدد على استقلالية الحزب وحقه في العمل في مختلف الأوساط، وفي أوساط الطلاب بالذات. ويرى بكداش أن هذا الموقف ليس الا ستاراً لضرب التحالف القائم، في اطار الجبهة الوطنية، بين الحزب الشيوعي وحزب البعث الحاكم.
ويحمل المعارضون بكداش مسؤولية المواقف التي أدت إلى تراجع الحزب عن المكانة التي احتلتها في وقت ما، ويتهمونه بالجمود والتحجر وبالسيطرة بشخصه على أجهزة الحزب.
“طبعا لا ننفي”
وكانت أنباء الصراع في الحزب الشيوعي السوري تسربت منذ أشهر، وكان واضحاً ان ميزان القوى داخل القيادات يتحول ببطء إلى غير مصلحة الأمين العام، برغم احتلال بعض مؤيديه مناصب مهمة في الدولة. الا ان الحزب أراد السيطرة على الوضع التنظيمي، فدعا إلى (مجلس وطني عام) للحزب عقد في دمشق في أواخر تشرين الثاني 1971 وأصدر بلاغاً لمح فيه إلى الخلافات وقال أنه ناقش “بعض القضايا الفكرية والسياسية والتنظيمية ذات الأهمية الملحة وأقر بشأنها كلها وبالاجماع التوصيات اللازمة.. من أجل أن يتابع الحزب القيام بدوره الوطني والأممي). وذكر أن الجميع يجمعون على (الصداقة مع الاتحاد السوفياتي وازالة آثار العدوان وضمان حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى وطنه وتقرير مصيره وايجاد الجبهة الوطنية التقدمية والدفاع عن النظام الوطني التقدمي في سوريا وتطويره، وتعزيز الاتحاد الثلاثي والعمل من أجل الاشتراكية والوحدة العربية).
وفي أواسط آذار، نشرت “نضال الشعب” لسان الحال اللجنة المركزية للحزب مقالاً بعنوان: (حول أوضاع الحزب الشيوعي السوري في الصحافة اللبنانية”)، جاء فيه:”طبعا نحن لا ننفي ان في حزبنا انشقاقاً ديموقراطيا واسعاً يدور منذ فترة”، غير أن المقال نفى ان يكون هناك خلافات حول الموقف من الاتحاد السوفياتيوالعلاقة مع حزب البعث.
في بيروت اتصلت “النهار” بمسؤول في الحزب الشيوعي اللبناني تستفسره عن موقف الشيوعيين اللبنانيين مما يجري في سوريا فأجاب:” نحن لا نتدخل في شؤون الأحزاب الشقيقة، وكلنا ثقة بأن الحزب الشيوعي السوري قادر على التغلب على أزمته في هذه الظروف العصيبة التي نواجه فيها هجمات الصهيونية والامبريالية والرجعية”.
للإطلاع على تسلسل أحداث التاريخ السوري المعاصر بحسب الأيام
انظر أيضاً :
أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات