أعلام وشخصيات
جميل حجار
ولد الشيخ جميل حجار عام 1897 ميلادية في اللاذقية.
علم من اعلام اللاذقية الذين ساهموا في تربية الاجيال في المساجد والمدارس فلقد كان امام جامع الصليبة وخطيب جامع المشاطي في القرن الماضي كما خطب في جامع أبي الدرداء وجامع صلنفة وعمل في سلك التعليم حيث درس العربية والتربية الاسلامية في مدرسة الخيرية كما درس القران الكريم وعلومه في المساجد.
لقد ذكروا فضائله في مجال تعليم القرآن الكريم فلقد اسهم في نشر العلم والفضيلة وتربية الاجيال رحمه الله رحمة واسعة. كما ذكر ابن اخيه انه كان شاعرا ماجدا واديبا مبدعا خلف القصائد والمسرحيات.
توفى رحمه الله في حزيران عام 1961 م (1).
ونشر هشام ساعي نبذة عنه :
شخصيات وذكريات
===========
الشيخ جميل حجار: 1897 – 1961
**************************
في العام 1946 كنت في الصف الثاني الإبتدائي، وذلك في مدرسة الخيرية، وكان الشيخ “جميل حجار” أحد أهم أساتذتنا آنذاك، فقد كان يعلمنا اللغة العربية والديانة والرسم، كما كان رجلاً مهيباً ومميزاً، سواء بسبب قوة شخصيته وغزارة معرفته، أو بسبب وقار هيئته كرجل دين محترم، بطربوشه الداكن وعمامته الناصعة ووجهه المهيب الأسمر المحبب.. لقد كان الأستاذ “الشيخ جميل” أكتر الأساتذة الذين صادفتهم، قدرة في ضبط تلاميذ الصف، وجذب انتباه الطلاب، بحيث لا يُسمع قي الصف سوى الكلمات الرصينة الخاصة بالدرس فقط، برغم مبادرة “الشيخ” أحياناً إلى نزع “الطربوش والعمامة” ووضعها على الطاولة في الأيام الحارة، أو وضع “الأركيلة” أمامه لأخذ “نفَس” منها عندما يكون لدينا “مذاكرة” وهو يراقبنا!.. غير أن الشيء المهم اليومي الذي كان لا بد منه هو تعاطيه لما يسمى “العطوس” أو “السعوط”: أي ذلك المسحوق المركب (والذي يحرض على العطاس)، إذ كان يأخذ من جيبه علبة معدنية أنيقة وصغيرة، فإذا ما فتحها فاحت منها رائحة ساحرة وغريبة جذابة، كنت أتصورها بأنها ريح الجنة.. وكم حاولت عندما كبرت أن أعرف ما هي هذه الرائحة وكيفية الحصول عليها دون جدوى، (ترى هل هو “البرنوطي” الذي سمعت عنه فيما بعد من كبار السن؟)..
ومن طرائف أستاذنا “الشيخ” أذكر ذات مرة انه في درس الرسم قام برسم صورة على اللوح لإبريق معدني كان يستخدم لدى بائعي “السحلب” الجوالين في تلك الأيام، و كان الرسم متقنناً إلى حد بعيد في محاكاته للحقيقة، فأعجب “شيخنا” بالرسم إعجاباً شديداً، مما دعاه إلى إحضار أساتذة المدرسة واحداً واحداً ليريهم براعته في الرسم..
وتعود بي الذكريات أيضاً إلى ذات صباح من ذلك العام حيث اقتحم غرفة صفنا مجموعة من طلاب البكالوريا في “ثانوية التجهيز” وهم يصيحون بنا وبالشيخ ويقولون: هيا انصرفوا حالاً فاليوم إضراب من أجل فلسطين.. ولم ينطق “الشيخ” ببنت شفه، غير أن وجهه بدا شاحباً وساهماً.. ولأول مرة شعرتُ بأن “أستاذنا” هو بشرٌ ضعيفٌ مثلنا، يمكن أن يصيبه الخوف والهلع أيضاً!.. وخرج التلاميذ من الصف، وكذلك كافة الصفوف، وأيضا كل المدارس الأخرى، بحيث تكونَت “مظاهرة” حاشدة كنا نحن قيها الأصغر سناً..
ومرت الأيام، وانتقلتُ في العام التالي إلى “مدرسة الشهداء”…. ومرت سنوات وأصبحتُ في المرحلة الثانوية.. و أكتشفتُ أن الشيخ هو خطيب “جامع المشاطي”، فصرت أصلي يوم الجمعة فيه لكي أستمع إلى خطبته وذلك حنيناً إلى أيام المرحلة الإبتدائية..
ومر زمن آخر.. وزادت صلتي بالأستاذ “الشيخ” فأصبح صديقاً للعائلة وكان يزورنا في البيت برفقة السيدة عقيلته.. وكونه شاعراً وأديباً، كانت والدتي وهي في أول عهدها في الشعر، تعرض عليه ماتكتبه من قصائد، مستأنسة برأيه، ومشجعاً إياها في الوقت نفسه في بداية مسيرتها الشعرية، وكثيراً ما كان يُسمعنا أيضاً شعراً من نظمه في سهرات تلك الأيام…. كما أذكر أن الأستاذ “محمود عجان” لحن له قصيدته النبوية العطرة “وافى ربيع”..
(1) مصطفى فرحات، التاريخ السوري المعاصر