وثائق سوريا
نص كلمة “حسين ناظم باشا” والي سورية الجديد في حفل استقباله عام 1908م
في الحادي والثلاثين من شهر كانون الأول 1908م، وصل حسين ناظم باشا والي سورية الجديد إلى دمشق لاستلام مهامه من الوالي شكري باشا. ونشرت صحيفة المقتبس خبراً عن حفل استقبال الوالي الجديد في دمشق في العدد 15 الصادر في الأول من كانون الثاني 1909م.
كما نشرت الصحيفة في العدد نفسه كلمة حسين ناظم باشا التي ألقاها في حفل الاستقبال، وهذا نصها:
( إنني بملء الامتنان اشكركم شكراً جزيلاً على ما أظهرتموه لي من الميل والمحبة وقد كنت على ثقة من هذه المحبة الصميمية المتبادلة بيننا إبان مأموريتي الأولى التي امتدت زهاء تسع سنين في ولاية سورية ومن هذه المحبة الخالصة إنني في جميع البلاد التي أقمت بها كنت دائماً أفكر في سورية وأهلها وانتعش بهذه الخطوات اللطيفة.
كلكم يعلم مسلكي ومشربي ولم يتغير في احوالي الجوهرية شي قط وسترون بعض تبدلات في معاملاتي الخاصة اذ كنت مجبوراً على اجرائها بحسب ما تقتضيه ادارتنا الدستورية في المعاملات العامة ولكني على ثقة بانكم تعذروني على هذا الأمر ولا تشكون في محبتي وحسن نيتي.
إن أهم وظائف الحكومة المحافظة على العرض والمال والحياة فكل من يتكاسل من المأمورين في إجراء التدابير المتحتمة الإجراء لتأمين هذا الأمر المهم يقع تحت طائلة المسؤولية كما أن كل من يتجاوز من أفراد الأهالي بذاته أو بالواسطة تجري عليه الأحكام القانونية ويجازى أشد الجزاء بدون استثناء.
إن السعادة التي أمنها القانون الأساسي للأمة العثمانية يمكن حصولها بتقابل العدل والحرية وامتزاجهما بعضهما ببعض في حكم قوة متقابلة.
الحرية بلا عدل مضرة بحيث توهن أساس المدنية وتدع العالم أجمع في هرج ومرج.
إننا منذ بداية دور التجدد الذي اطلعه الانقلاب الأخير نرى صورتين غريبتين انعكستا في ساحة الحرية احدهما ان البعض تلقى الحرية على غير معناها الحقيقي فسبب ذلك تجاوزاً وتعدياً على حقوق الغير والثانية ان خونة الوطن لما رأوا احكام القانون الاساسي العادل الذي هو حجة سعادة الأمة مغايرة لمنافعهم الشخصية الدنيئة اساءوا استعمال الحرية فتجرأوا على اغفال عوام الناس وعلى التشبث باخلال راحة البلاد لادني وسيلة عادية ولست في حاجة لبيان درجات المجازاة القانونية التي تترتب على من تعدى على حقوق غيره واخل بالأمن والراحة وناهيك بان سطوة القوة المادية والمعنوية التي اجرزتها الحكومة اليوم تفوق سطوة حكومة الدور السابق اضعافاً كثيرة وبناء عليه لا يمكن بعد الآن لجرم او لمجرم أن يبقى مكتوماً تحت طي الخفاء بما أمامه من عناية الحكومة العادلة كما لا يمكن لمثيري الفتن أن يسلموا من قوة الحكومة المؤثرة ولا من مخالب قانون العدالة.
ولما كنت اقسمت بديني وناموسي على ان اعمل بمقتصى القانون الاساسي الذي صدرت ارادة حضرة صاحب الخلافة العظمى القاطعة بانفاذ احكامه الجديدة حرفياً وكنت على يقين بانكم تسلمون بانني كما فادين بمنافعي الذاتية في سبيل سعادة الوطن ومنفعة الأمة لا اتأخر ايضاً عن بذل حياتي في هذا الامر فمن البديهي ان لا اراعي خاطر أحد في القيام بوظائف مأموريتي.
ان ابوب الحكومة العادلة مفتحة لكل انسان وزعم البعض بان لافراد الاهالي ان يشتركوا بقوة الحكومة الاجرائية هو زعم باطل ولكل من تقع عليه ظلامة من احد افراد الاهالي او المأمورين ان يبث شكواه للحكومة ضمن دائرة الآداب الرسمية والاصول المرعية بيد ان المداخلة بالقوة الاجرائية تستلزم اجراء المعاملة القانونية وبهذا اعلن على رؤوس الاشهاد ان كل من يتصدى بذاته استناداً على ماله من قوة النفوذ وسيطرة الاستبداد او بواسطة تحريك العامة ودعوتهم إلى المداخلة في اعمال الحكومة او يؤلف جمعيات في مراكز الولاية وملاحقاتها تحت اغراض خاصة ويسوقها للقيام بالمظاهرات في دوائر الحكومة وفي المحال التي تستوجب هيجان الاهالي فإنه يقع حالاً تحت طائلة الجزاء القانوني وذلك لسهولة التحقيق عليه.
كما أني احذر الجميع من سوء استعمال الحرية التي نالوها في دور سعادة الأمة العثمانية واطلب اليهم ان يراعوا حقوق حرية الآخرين وان يطيعوا قوانين الدولة.
ويعلم الله اني احب السوريين فكبيرهم كاخي وصغيرهم كولدي ولا اشك ان الجميع يتلقون بالقبول وصاياي هذه الخالصة الصادرة عن سائق المحبة ومقتضى الوظيقة ولي ملء الأمل بان السوريين الذين جمعت فيهم مزايا العرب النجباء واحرزوا من القديم قصب السبق في محبتهم للدولة العلية العثمانية والخضوع والطباعة لقوانينها العادلة يسعون بغيرة في تعميم المعارف وترقي التجارة والصناعة والزراعة التي هي الوسائط المهمة للحصول على المقاصد الأساسية مثل تشييد عرى الاتحاد والمحبة بين جميع الطوائف وإعلان شأن دولتنا وشوكتها وانماء ثروة ملتنا وتوفير سعادتها وإقبالها بحسب ما تقتضيه الاخوة العامة العثمانية التي امنها قانوننا الاساسي كما انهم ينظرون ينفور إلى من يعمل الدسائس لإلقاء التفرقة بين العناصر العثمانية بسائق فكر التقهقر المتولد عن المنافع الشخصية.
واختم كلامي باسداء الشكر الخالص لسلفي الأكرم حضرة صاحب الدولة شكري باشا لما اتخذه من التدابير الصائبة في سبيل المحافظة على الامن وحسن تمشية الامور في اصعب الاوقات).
للإطلاع على تسلسل أحداث التاريخ السوري المعاصر بحسب الأيام
انظر أيضاً :
أحداث التاريخ السوري بحسب السنوات