اختيارات المحرردراسات وترجمات
إعلان غورو قيام دولة لبنان الكبير وسلخ الأقضية الأربعة عن سورية عام 1920
إقامة دولة لبنان الكبير وسلخ الأقضية الأربعة عن سورية
كان جبل لبنان عبارة عن سنجق حصل على استقلال إداري خاص حتى عام 1918م، وكان يتألف من أقضية: الكورة، البترون، كسروان، المتن، جيل، زحلة، مع مديريتين تابعتين للحكومة المركزية في الآستانة هما دير القمر والهرمل.
وعندما احتلت القوات الفرنسية سورية الغربية – لبنان جعل المفوض السامي مدينة بيروت التي كانت في العهد العثماني مركزاً لولاية بيروت ضمن جبل لبنان.
سعت في تلك الفترة البطريركية المارونية إلى العمل على توسيع نطاق جبل لبنان ووضعه تحت حماية الفرنسيين.
ونشط البطريرك حويك الماروني الذي توجه إلى باريس في أثنا انعقاد الصلح، وأجرى محادثات مع وفود الدول الكبرى، وفي مقدمتها الحكومة الفرنسية من أجل تحقيق توسيعة نطلق جبل لبنان.
وفي العاشر من تشرين الثاني 1919م، تلقى حويك وعداً من كليمنصو رئيس الحكومة الفرنسية بفصل جبل لبنان وتكبيره، وجاء في رسالة كليمنصو إلى حويك :
(أما الحدود التي سجري فيها هذا الاستقلال فلا يمكن تعيينها نهائياً قبل أن يقرر ويحدد أمر الوصاية على سورية. على أن فرنسا التي بذلك كل ما في وسعها عام 1860م، لكي تمنح لبنان أرضاً واسعة لا تنسى أن تضييق حدوده كما هي عليه الآن إنما هو نتيجة الضغط الذي ران تحته لبنان زمناً طويلاً. وإن فرنسا التي ترغب في تحسين الصلات الاقتصادية بين البلاد الموضوعة تحت وصايتها ستنظر بغاية العناية عند تحديد تخوم لبنان في ضرورة ضم الجبل للأراضي السهلية والمرافئ البحرية اللازمة إليه)[1].
وعندما سيطرت القوات الفرنسية على دمشق بعد معركة ميسلون في الرابع والعشرين من تموز 1920م، اتخذت سلطات الانتداب الفرنسي عدة اجراءات لتوسيع نطاق لبنان على حساب سورية، حيث زار الجنرال غورو بعلبك وألقى خطاباً أعلن فيه قراره رقم 229 الذي صدر في الثالث من آب 1920 والقاضي بفك الاقضية الأربعة عن سورية، وهي بعلبك والبقاع وحاصبيا وراشيا وضمها إلى لبنان الكبير.
وطلب الفرنسيون من قائمقام بعلبك إنزال علم الحكومة التي تشكلت في دمشق، ورفعوا مكانة العلم اللبناني.
وفي الحادي والثلاثين من آب 1920م، أصدر الجنرال غورو القرار رقم 318 أعلن فيه قيام دولة لبنان الكبير المستقل على أن تشمل حدود سنجق لبنان الأصلي، وتضاف إليه المقاطعات التي تقع إلى الشمال والشرق والجنوب منه مباشرة، على نحو يضيف للدولة الجديدة المدن الساحلية طرابلس وبيروت وصيدا وصور، ومن مدينة بعلبك الداخلية ومعها سهل البقاع الخصيب. وقد اضيف إليها قسم من قضاء عكار، وقسم من قضاء حصن الأكراد.
أعلن غورو قرار ولادة هذه الدولة الجدیدة من مركزه في قصر الصنوبر ، بحضور مفتي الطائفة السنیة والعدید من رجال الدین على رأسهم البطريرك حريك.
وأرسل غورو برقية إلى حكومة دمشق يعلمها فيها بحدود دولة لبنان الكبير ونشرت البرقية في الصحيفة الرسمية، العاصمة، في العدد 152 الصادر في السادس من أيلول 1920
وبموجب القرار ضمت دولة لبنان الكبير أربع متصرفیات ومدینتین ممتازتین :
– متصرفیة لبنان الشمالي ومركزها زغرتا .
– متصرفیة جبل لبنان ومركزها بعبدا .
– متصرفیة البقاع ومركزها زحلة .
– متصرفیة لبنان الجنوبي ومركزها صیدا.
– مدینة بیروت الممتازة .
– مدینة طرابلس الممتازة
ووضعت دولة لبنان حينها تحت امرة الكابتن ترابو الذي صار يتصرف على هواه في الدوائر الحكومة، في الجيش والشؤون الخارجية والأمن العام والشركات الأجنبية، وكل ما يتعلق بشؤون هذه الدولة المحدثة.
يذكر الدكتور ذوقان قرقوط أن القرار صدر بدعوى أن هناك عرائض مقدمة من فئات معينة من سكان هذه الأقضية تطالب بالانضمام إلى لبنان. ومن مراجعة الموجود من هذه العرائض في وثائق الخارجية الفرنسية يتضح أنها، إلى جانب صدورها من فئات معينة، تشكل أقلية في هذه المناطق، تكان ان تكون جميعها صورة واحدة، حتى لنجد التواقيع الصادرة عن القرية الواحدة مكتوبة بحبر واحد وبخط واحد بل كأنما استعمل لوضع اختام كل قرية وقد أخذت السلطات الفرنسية بهذه العرائض ولم تأخذ بعرائض الجانب الآخر، وهو الأكثرية، الذي فطن ذلك فتقدم هو أيضاً يطالب بالانضمام إلى سورية، وظل هذا مطلبه الأساسي، كما بقي أحد المطالب الأساسية للحركة الوطنية وللفئات المتعاونة مع سلطات الانتداب، على حد سواء، في سورية الداخلية حتى عقد المعاهدة في عام 1936م. وبدافع الحرص على بقاء أكثرية مسيحية في لبنان من جهة وعلى عدم تمكين (دولة دمشق) من تطويق لبنان من جهة أخرى، أبقى غورو منطقة طرابلس، التي تعتبر منفذها إلى البحر من ناحية حمص – حماه، معلقة ولم يبت في أمرها، وجعلها موضوعاً للمساومة[2].
وكانت الدولة الجديدة ضعفي السنجق القديم تقريباً من حيث المساحة وعدد السكان، وقد دخل ضمن حدودها عدد كبير من المواطنين المسلمين، فتحول العنصر المسيحي فيها من كثرة غالبة إلى أغلبية طفيفة، كما أضيف إليها ميناء بيروت وطرابلس، وكانا منفذين تمر منهما جميع تجارة سورية البحرية[3].
وقد احتجت حكومة علاء الدين الدروبي على قرار سلخ الأقضية الأربعة، وأصدرت مباشرة بياناً احتجت فيه على هذا الاجراء نشر في صحيفة العاصمة الرسمية.
[1] قرقوط (ذوقان)، المشرق العربي في مواجهة الاستعمار، صـ 146.
[2] قرقوط (ذوقان)، تطور الحركة الوطنية في سورية 1920- 1939 – دار طلاس، صـ 39.
[3] إسماعيل (حكمت علي)، نظام الانتداب الفرنسي على سورية، دار طلاس، صـ 149-150
اقرأ:
الإعلان الفرنسي عن إقامة مقاطعة للعلويين عام 1920
قرار المحكمة العسكرية الفرنسية بإعدام شكري القوتلي ونبيه العظمة 1920
إجراءات سلطات الانتداب الفرنسي في سورية عام 1920
بلاغ قائد الاحتلال الفرنسي بشأن فرض التعامل بالعملة السورية 1920