شهادات ومذكرات
محمود جديد : أكاذيب وحقائق حول صلاح جديد .. الحلقة السادسة
محمود جديد – الحوار المتمدن العدد: 4441 / 2 أيار 2014
أكاذيب 11 : كان عبد الناصر خصماً للبعث بكلّ أجنحته ، وهاجم جميع قياداته باستمرار .
مرّت العلاقة بين عبد الناصر وحزب البعث بخطّ بياني صاعد وهابط ، ووقعت تحت تأثير عوامل داخلية وخارجية متعدّدة ، قبل الوحدة بين مصر وسورية ، وخلالها، وما بعدها .. ولكنّ بعض الناصريين ، أو من يكره البعث وعبد الناصر معاً عند خوضهم نقاشاً سياسياً معيّناً مع بعثيّين يستنجدون في كثير من الأحيان بخطابات عبد الناصر التي يهاجم فيها البعث وبعض قياداته ليعمّموها على كلّ أجنحة البعث ورموزه والمرحوم صلاح جديد ضمناً .. وبذلك يمزجون بين الصحيح والكذب ، ويفترون على الحقيقة … وقد حدث ذلك أمامي أكثر من مرّة عندما كنت أردّ على اتهامات ظالمة ضدّ حزب البعث ومناضليه ماقبل 1970.
حقائق 11 : ج
تركت أفكار حزب البعث أثراً واضحاً على خيارات عبد الناصر الوحدوية وشعاراته في مجال الوحدة والحرية والاشتراكية لدرجة أنّه اعتمدها بعد تغيير أولوياتها .. كما كانت العلاقة بين عبد الناصر والبعث جيّدة قبل الوحدة ، وقد لعبت القيادات السياسية والعسكرية لحزب البعث دوراً بارزاً في قيام الوحدة بين مصر وسورية عام 1958، ويُعتبر قبول القيادة القومية حلّ البعث في سورية برهاناً على أهمية وأولوية الوحدة لديها ، ومدى ثقتها بعبد الناصر ، وحجم الآمال التي كانت تعلّقها عليه .. ولكنّ أخطاء نظام حكم الوحدة ، وإدارة الظهر لقادة البعث وضباطه ، وتهميش دورهم في قيادة الإقليم الشمالي ( سورية ) ، وجعل مصر مقرّاً لإبعادهم عنه بأشكال عديدة … وعندما حدث الانفصال أيّده المرحومان الحوراني والبيطار ،على الرغم من أنّ البعث لم يشارك في تنفيذ جريمة الانفصال ، وخلال هذه الحقبة اندلعت حرب إعلامية بين مجموعة أكرم الحوراني وعبد الناصر وأجهزته .. غير أنّ المؤتمر القومي الخامس لحزب البعث الذي انعقد في أيّار عام 1962 فصل الحوراني ، كما أنّ البيطار أجرى نقداً ذاتيّاً وبكى بسبب الخطأ الذي ارتكبه عند توقيعه على بيان الانفصال ، لا بل كان خطّه السياسي بعد الانفصال قريباً جدّاً من عبد الناصر ..
ثمّ جاءت حركة الثامن من آذار عام 1963 بجهود بعثية وناصرية ، وعناصر وحدوية مستقلّة لتوقف المهاترات الإعلامية مع القاهرة ، وقد بذلت القيادة السورية الجديدة جهوداً صادقة لإعادة الوحدة مع مصر بثوب جديد وأرسلت الوفد تلو الوفد إلى القاهرة من أجل ذلك … ولكنّ المحاولة الناصرية الإنقلابية الفاشلة في 18 تموز / 1963 في وضح النهار ، وما نجم عنها من انعكاسات سلبية على الطرفين هشّمت العلاقة بين البعث والناصريين داخل سورية ثانيةً ، كما فسحت الباب لتوسيع دائرة الخصومة والتناقضات بينهما مع الأسف ، مع العلم أنّ وفداً سوريّاً كان في القاهرة في التاريخ نفسه من أجل متابعة موضوع الوحدة مع عبدالناصر الذي كان في قصر / رأس التين / في الاسكندرية وقتذاك، وقد أخّر وصول الوفد لعنده حتى يعرف نتيجة تلك المحاولة الانقلابية ، ويبدو أنّ غياب قادة وضباط بعثيين بارزين عن سورية كانت فرصة مناسبة لاختيار ساعة الصفر لتنفيذ الانقلاب .. وعقب هذه المرحلة صعّد عبد الناصر وأجهزته الحملات المعادية للبعث وقياداته المدنية والعسكرية ، وردّ البعث على ذلك بالمثل من موقع الدفاع وليس الهجوم ، وفعلاً هاجم عبد الناصر البعث في خطبه في تلك المرحلة ..
– ولكنّ الصورة تغيّرت بشكل جذري بعد قيام حركة 23 شباط / 1966 في سورية ، فعادت العلاقات بين عبد الناصر وبعث 23 شباط إلى مسارها الصحيح ، وتتالت زيارات قادة البعث إلى القاهرة والتفاعل المباشر مع عبد الناصر ، والصور الملتقطة بين الطرفين بشكل ثنائي أو ثلاثي ( عبدالناصر ، نور الدين الأتاسي ، صلاح جديد ،يوسف زعيّن ، إبراهيم ماخوس ،محمد رباح الطويل ..) والمفعمة بالدفء والمحبّة والاحترام المتبادل تؤكّد ماذكرناه ، وقد نشرنا العديد منها على صفحة البعث الديمقراطي وصفحات بعض أعضائه وأصدقائه.. وقد تطوّرت العلاقات بين القاهرة ودمشق لدرجة وصلت لمرحلة طرح مشاريع وحدوية من قبل القيادة السورية تضم مصر وسورية والعراق والجزائر …
ولكنّ أبلغ البراهين عن تلك العلاقة الطيّبة هو الكلام الذي تحدّث به عبد الناصر مع المرحومين جمال الأتاسي ، وسامي الدروبي سفير سوريّة في القاهرة عند استقبالهما ، حيث انتقد القيادة الناصرية التي تحالفت مع الحوراني ضدّ قيادة بعث 23 شباط ، وطلب من الدكتور جمال الأتاسي العودة إلى دمشق والتعاون معهم لأنّهم أشرف وأنظف طاقم سياسي حكم دمشق حسب قوله ، وأيّ شخص يمتلك أيّة وثيقة صحيحة ، أو خطاب لعبد الناصر خلال تلك الحقبة يدحض ماذكرناه فنرجوه أنْ يعرضها .. وهنا نناشد أخوتنا ورفاقنا في الأحزاب الناصرية تجاوز خلافات الماضي لأنّنا جميعاً في خندق واحد في مواجهة مايجري في سوريّة والوطن العربي ، لأنّ استمرار التشبّث بتلك الخلافات من أيّ طرف سيسيء حتماً إلى العلاقة النضالية الوطنية والقومية التي تجمعنا ..
12 -أكاذيب ممزوجة بحقائق وخيال خصب –
سبق أن كتب السيّد نزار نيّوف عن اتصالات أقامها مع المرحوم صلاح جديد عندما كان معتقلاً في سجن المزّة العسكري عام 1993 وموجوداً بغرفة مجاورة لغرفة قيادة بعث 23 شباط التي كانت معتقلة في ذلك السجن آنذاك .. وقد أرسل ما كتبه إلى الدكتور المحترم أسعد أبو خليل الذي نشرها بدوره على موقعه .. وقد تضمّنت معلومات غير دقيقة ، ففكّرت بالردّ عليها وتصويبها ، ولكنّ بعض الأصدقاء الأعزّاء من رفاق نيّوف السابقين نصحوني بالعدول عن هذه الفكرة لأنّه معروف بتهيّؤاته السياسية والأمنية حيث أنتج منها نماذج عديدة .. فقبلت النصيحة في البدء ، ولكنّ موسوعة المعرفة وضعت تهيّؤاته عن صلاح جديد في موقعها ممّا ألزمني مرغماً على تحليلها وتصحيحها ، وكشف أغراضها ..
يعترف نزار نيّوف بأنّه نُقِل من سجن تدمر إلى سجن المزّة ظهر يوم 7 / 8 / 1993 وخلال عشرة أيّام من تجاوره مع صلاح جديد ثقب الجدار الفاصل بين غرفتيهما وصار يتبادل الحديث معه .. وقد روى عنه بعض المعلومات والأمور الشخصية بأسلوب بارع مزج فيه بين الحقيقة والخيال ممّا جعل ماكتبه مادّة دسمة وقابلة للتصديق ، وهنا لن أقتفي أثر كلّ جملة وعبارة كتبها نيّوف ، وإنّما سأحصر ردّي على ما يتعلّق بالمرحوم صلاح وفقاً لتسلسل ورودها في تهيّؤاته : فتصوّروا عبقرية ومهارة نزار نيّوف التي جعلته خلال عشرة أيّام من وصوله إلى سجن المزّة أنْ يحقّق كلّ هذه الإنجازات وفي وقت كان فيه المرحوم صلاح يعاني من متاعب صحيّة عادية أو ما سببتها يد الغدر ، وكأنّه ليس معنيّاً سوى بحفر الثقوب في الجدران والتحدّث مع شخص لم يره في حياته ولا تربطه به أيّة رابطة …وكيف توصّل نيّوف إلى معلوماته عن صلاح جديد بيسر وسهولة من هذا الشخص أو ذاك ؟
– تحدًّث نزار نيّوف عن سبب رفض خروج صلاح جديد إلى التنفّس منذ عام 1976 وحتى استشهاده في عام 1993 ( 17 عاماً ) .. وما أعرفه في حينه ورويته عشرات المرّات منذ ذلك الوقت أنّ السبب المباشر الذي أعرفه هو التالي : عقب تدخّل قوّات النظام السوري لضرب الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية في لبنان عام 1976 كان المرحوم صلاح يمشي في ساحة التنفّس المحدّدة للسجناء وبيده راديو ويستمع إلى بلاغات تحالف القوى اللبنانية الوطنية والفلسطينية ، فتدخّل صفّ الضابط المتواجد في الساحة وصرخ بغضب قائلاً : ياسيّدي لماذا تستمع لهؤلاء “المعرّصين ” ؟ فكان ردّ صلاح جديد أن ترك راديو الترانزيستور وعاد إلى الغرفة التي كان معتقلاً فيها ، ومن يومها رفض الخروج طيلة اعتقاله في السجن ، وهذا ماسمعته في حينه ، وكتبته ورويته في السابق ، وقد تكون هناك أسباب إضافية أخرى ليس لها علاقة بما جرى في ساحة التنفّس،وسنتابع هذاالموضوع لاحقاً ..
– يستشهد نزار نيّوف برفاق صلاح جديد الذين كانوا معتقلين معه مثل الأخوة عادل نعيسة وضافي جمعاني ، وعندما سأل الأوّل أحد رفاقنا عن معرفته بنيّوف أجابه: مرّة صادفت شخصاً في الممر إلى المغاسل فسلّم عليّ وعرفّني بنفسه ، وهذا كلّ ما في الأمر .. أمّا المناضل ضافي فنفى أيّة معرفة به ووجود أيّ ثقب بالجدار.
– يقول نزار نيّوف : ” لم يكن يعاني أي مرض يمكن أن يؤدي إلى الموت أو حتى إلى العجز ولو جزئيا.”
ما ذكره صحيح ، ولكنّه غيّب عن عمد أو جهل أنّ صلاح جديد كان يعاني من آلام روماتزمية في الساقين نتيجة الاعتقال الطويل ورطوبة السجن وعدم تعرّضه للشمس ، ولقلّة الحركة في ظروف الاعتقال .. وقد أخبر أسرته في آخر زيارة له قبل استشهاده ، بأنّه قد أُجرِيٓ-;—;—–;— له عدة جلسات تدليك باستخدام مرهم خاص ، ولكنّه كان يشعر بعدم الارتياح عقب كلّ جلسة بدلاً من الشعور بفائدتها وجدواها ، وأنّه سيرفض الاستمرار في هذه الجلسات .. وشاءت الصدف أن تكون الزيارة هذه في اليوم نفسه ( 7 / 8 / 1993 ) الذي وصل فيه نزار نيّوف إلى سجن المزّة .. إنّي سمعت رواية المرحوم صلاح من أحد أفراد أسرته الذي كان موجوداً في تلك الزيارة في ذلك التاريخ ، وليس نقلاً عن هذا وذاك .. .
هنا لا أجد تفسيراً لماذا غيّب موضوع الروماتيزم والتدليك ، ولماذا نصّب نفسه ناطقاً باسم أسرة صلاح جديد فيقول :
” هل جرى تسميمه حسب بعض المعلومات المتداولة ؟ ليس ثمة أي دليل على ذلك، خصوصا وأنه لم يجرِ أيّ تشريح للجثة ، ولم يذكر ذووه وجود أي عرَض من أعراض التسمم على جثمانه .”
وهنا أيضاً ألمس تصميم نزار نيّوف على نفي مقولة التسمّم ، ولا أنفي ، ولا أستطيع أن أجزم أنّه أراد إبعادهذه التهمة عن المسؤولين في النظام وهما حافظ الأسد ورئيس المخابرات العسكرية علي دوبا لأنّهما الجهتان اللتان كانتا تتابعان شؤون صلاح جديد بكلّ تفاصيل حياته ويصدران الأوامر بخصوصها .. ولم يذكر كيف عرف أن ذويه لم يذكروا أيّ عرض من أعراض التسمّم ،علماً أنّ تهمة تسميمه تحدّثوا عنها منذ اللحظة الأولى، وذكروا وجود تنفّخ في وجهه عند إلقاء نظرة الوداع عليه .
وفي الوقت نفسه ، لا أعرف أيضاً إذا كان يرمي نزار نيّوف إلى إبعاد التهمة عن النظام وإلصاقها بشخص واحد فقط هو مصطفى طلاس حيث يقول : ” ولكن من المؤكد أنه قتل عمدا. والأرجح خنقا بواسطة فصل الأوكسجين عن جهاز التنفس الذي وضع له دون مبرر كما أخبرني المقدم الطبيب المخبري أ. ج . ح في مشفى تشرين العسكري قبل يومين من إطلاق سراحي بتاريخ 6 مايو 2001.
وطبقا لأدق المعلومات المتوفرة ، فإنّ من نفّذ الجريمة هم زبانية مصطفى طلاس شخصيا ….. فمن المعروف أن طلاس كان يكنّ له كرها وحقدا أعمى ..”
نسي نزار نيّوف هذه المرّة تبرير سبب إهدائه المقدّم الطبيب المخبري معلومة طبيّة جنائية خطيرة وبالمجّان عن رجل مهمّ مثل صلاح جديد ، ولم يفصح عن طريقة حصوله على أدقّ المعلومات المتوفّرة التي تتهم مصطفى طلاس شخصيّاً … ووفقاً للمعلومات التي حصلنا عليها ، فإنّ الجهة الطبية التي كانت معنيّة بمعالجة الروماتيزم ، قالت لصلاح جديد : مادام التدليك بالمرهم لم ينفعك ويزعجك ، فالبديل هو إعطاؤك إبرة في الدم ، وهذا ماتمّ .. ولكنّ الإبرة ضربت مراكز الحياة عنده دفعة واحدة ، حتى أنّ تقرير الطبيب الشرعي عن سبب الوفاة يقول : ” صدمة جرثومية أدّت إلى فشل كلوي ، وهبوط شديد في عضلة القلب … الخ ” والأطبّاء يعرفون بأنّ الفشل الكلوي يسبّب ارتفاع في الضغط وليس إلى خفضه ، كما خلقت متاعب في عمل جهازه التنفّسي ، والشيء الوحيد الذي يصنع ذلك كلّه في وقت واحد هو السمّ .. وعندما نُقِل إلى المستشفى كان قد فعلت المادّة السامّة فعلها في جسده الطاهر ، وقطعت الطريق على أيّة إمكانية لإسعافه وإنقاذه ..
– ولم يكتفِ نزار نيّوف بتوليفته السلسة التي عرضها ، بل أراد أن يوحي للقارئ بأنّ صلاح جديد كان يدعو للإلحاد فيقول في معرض تبرير توجيه تهمته إلى مصطفى طلاس :” إنّ صلاح جديد كان يقف وراء العديد من كراريس التثقيف السياسي الصادرة عن القيادة القومية والقطرية، والتي كان ينشر من خلالها مفاهيم المادية التاريخية ، والإلحاد الماركسي ، وبقية أقانيم المعرفة الماركسية وتراثها الفكري والنقابي، فضلا عن نظريات غيفارا وماوتسي تونغ في حرب العصابات والحرب الشعبية .”
وهنا لاحظوا نقطة السمّ السياسية التي أراد إلصاقها بصلاح جديد وهي ” الإلحاد الماركسي ” وخاصّة في ظلّ عصر التأجيج الطائفي الذي تعيشه سورية والمنطقة في هذه المرحلة متناسياً أنّ النظريّة الماركسيّة تُدرّس في معظم جامعات العالم إلى جانب النظريات الأخرى ، ونسي نيّوف نفسه أنّه كان مؤمناً بها في يوم من الأيّام .. وعلى كلّ حال ، فكلّنا نعتز ونفتخر بيسارية صلاح جديد قولاً وعملاً ، وتجسيداً لها في سلوكه ونهجه وستبقى منارة لنا نسترشد بصوابيتها …
– وكتب نزار نيّوف على صفحته نقلاً عن لسان المرحوم صلاح : ” كان يذكرني دوما بفكرة أساسية لكأنما أراد ترك وصيته : “واحدة من مشاكلنا الأساسية مع حافظ الأسد كانت قناعته بأنه يمكن إقامة تضامن عربي وتحرير الجولان وفلسطين من خلال السعودية”! أبو أسامة كان واحدا من قلائل السوريين الذين أدركوا باكرا أن تحرير فلسطين يمر ليس عبر القنطيرة، ولكن عبر …مكة! ” انتهى”
وقد علّقت على ماذكره بالآتي :
“- سبق أن كتب نزار نيّوف مقالاً مزج فيه السمّ بالعسل لتسويق مقولاته المفبركة الواردة فيها ، وإضفاء نوع من الصدقية عليها حتى يحقق الغاية من كتابتها والتي قد تصبّ في خدمة جهات معيّنة من النظام .. وهل الشهيد صلاح جديد المعروف بذكائه ورصانته وحكمته لا يجد شخصاً أميناً وموثوقاً لإيصال أفكاره غير نزار نيّوف ؟ هذا الرجل المجهول بالنسبة إليه، والذي لا تربطه به صلة حزبية أو عائلية ، ولا صداقة أو زمالة ؟ أليس رفاقه الذين يعيشون معه في مهجع واحد ليلاً ونهاراً أجدر من هذا المتطفّل الطارئ لتلقّي وإيصال أفكار صلاح جديد … ونحن رفاق الشهيد نعلن ونؤكّد بأنّ ما ذكره نزار نيّوف كذب وافتراء .. ووجهات نظر المرحوم حيال مختلف القضايا متوفّر منها لدينا بما فيه الكفاية ، وقد نشرنا قسماً منها في وسائل الإعلام .. فكان الرفيق صلاح جديد ورفاقه مخلصين دائماً للقضيّة الفلسطينيّة التي هي بوصلتهم الأساسيّة وسيبقون ، واعتبروا تحريرها مهمة وطنية وقومية وطريقاً لاستكمال تحرير وتوحيد الأمّة العربية جمعاء .. وكانوا يصنّفون حكّام الخليج من ضمن ثالوث التحالف الإمبريالي الصهيوني الرجعي .. ولكنّ المقولة النيّوفيّة التي أوردها ( عبر مكّة ) ولم يقل عبر الرياض ليست من مفردات الشهيد صلاح ورفاقه ، واختلاقها من قبل نزار نيّوف يصبّ في خدمة التأجيج الطائفي الراهن المزدهر في سوريّة شاء ذلك أم أبى .. وأخيراً ، سبق أن افترى نيّوف بمقولات مفبركة على رمز آخر من رموز حزبنا هو المرحوم الرفيق الدكتور إبراهيم ماخوس ، ولاقت استنكار واستهجان كل الذين يعرفونه .”
وأخيراً ، وحسب تقديرنا ، أنّ السبب المباشر للاغتيال وتوقيته يعود إلى الخطوات المتقدّمة التي وصلت إليها المفاوضات مع الكيان الإسرائيلي في ذلك الوقت ، حيث جرى الاغتيال قبل أيّام قليلة من توقيع اتفاق أوسلو مع القيادة الفلسطينية ، وكانت الاتصالات نشطة بين الحكومة الإسرائيلية والسورية لتحقيق خطوة مشابهة والتي قطع الطريق عليها اغتيال ” رابين ” من قبل اليمين الإسرائيلي المتطرّف .. وفي ظلّ هذا المناخ يبدو أنّ حافظ الأسد فكّر بطريقة معالجة قيادة الحزب المعتقلة مدة 23 سنة بدون محاكمة، فإذا تركها في السجن بعد الصلح مع (إسرائيل) سيتساءل الكثيرون : كيف يتصالح حافظ الأسد مع العدوّ الإسرائيلي ويترك رفاقه السابقين معتقلين في سجونه ؟ وإذا أطلق سراحهم بدون صلاح جديد سيبقى التساؤل قائماً ، وسيزداد التعاطف مع صلاح ، وفي حال شموله معهم فإنّ ظلّ صلاح جديد سيقضّ مضاجعه أكثر فأكثر بعد الصلح مع العدو ، وبالتالي كان الخيار الإجرامي الذي اتّخذه هو التخلّص منه ضمن دائرة ضيّقة ومغلقة ، وكان خيار السّم الخيار الحاقد المفضّل لديه .. وهكذا تخلّص من صلاح جديد ، وقبل عام من المرحوم الدكتور نورالدين الأتاسي عن طريق التلكّؤ والمماطلة في معالجته حتى استفحل المرض وأصبح عصيّاً على المعالجة .. وبعد ذلك وبفترة قصيرة تمّ إطلاق جميع القياديين المعتقلين في عام 1970وبعد أن أنهك السجن أجسادهم بعد اعتقال دون محاكمة أو توجيه تهمة مدة ما يزيد عن 23 عاماً وهذا لم يحدث في السابق في أيّ بلد آخر ، وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع ، وأنظار منظّماته الحقوقية والإنساية على الرغم من عشرات الرسائل التي وجّهها حزبنا إليها نذكّرها ونطالبها فيها بضرورة ومشروعيّة بذل جهودها لإطلاق سراحهم ، ولكنّها لم تهتمّ بالموضوع بما يستحقّه مع الأسف ..
في 2 / 5 / 2014 – يتبع في حلقة تالية –