أعلام وشخصيات
أمين عبد الله عيروض
الشيخ أمين عبد الله بن محمد بن عيروض
1325ـ1390هـ 1907ـ1970م
عالم فقيه بحاثة موسوعي المعرفة
ولد في مدينة حلب ، سنة 1325هـ ، وتعلم قراءة القرآن الكريم ، ومبادئ الكتابة والعلوم العربية والشرعية في أحد كتاتيبها.
حصَّل الشيخ في المدرسة الخسروية على بعض العلوم الكونية كالرياضيات والجغرافيا والتاريخ والعلوم العامة وغيرها.
أتمَّ الشيخ دراسته في المدرسة الخسروية، فتخرج فيها مع الدفعة الثانية صيف عام 1346هـ ـ 1927م. وتخرج مع الشيخ في هذه الدفعة كل من: 1 ـ ناجي أبو صالح، 2 ـ معروف الدواليبي ، 3 ـ أمين الله عيروض ، 4 ـ عبد القادر الكوراني ، 5 ـمحمد غازي التادفي ، 6 ـ محمد خلوف التادفي ، 7 ـ عمر بوشي ، 8 ـ عوني الإخلاصي ، 9 ـ عبد الله الريحاوي.
بعد تخرجه في المدرسة الخسروية شدَّ الرحال إلى القاهرة ، وجاور في أزهرها، وأخذ على علمائها ، أمثال الشيخ محمد بخيت المطيعي، والشيخ يوسف الدجوي ، والشيخ سلامة العزّامي،والشيخ محمد حسين العدوي، والأستاذ محمد شاكر، والشيخ محمد الخضر حسين، والشيخ مصطفى المراغي وغيرهم.
بعد تخرجه في الأزهر حاصلاً على شهادته العالية، اتجه إلى إيطاليا ودرس الرياضيات في جامعة روما ، وتخرج فيها ، لكن شوقه للاستزادة من العلم الشرعي وتحصيله، دفعه إلى السفر إلى العراق والدراسة في معاهدها ، وأخذ عن علماء النجف ومنهم الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء، والشيخ مرزا حسين النائيتي، وما أن تخرج فيها، حتى شدَّ الرحال إلى بلاد الحجاز ، ليعمل مدرساً فيها ويحضر حلقات شيوخها ، ويستمع إليهم، ويأخذ عنهم.
أتقن الشيخ بالإضافة إلى اللغة العربية، عدداً من اللغات ، منها الفرنسية والإنجليزية والإيطالية.
رحل الشيخ إلى معظم البلدان العربية، والبلدان الغربية وقدم أربع مرات إلى الحجاز وصار معلماً بالمدرسة الهاشمية بالمدينة المنورة مدَّة.
وما أن ألقى عصا ترحاله في مسقط رأسه ، حتى شمَّر عن ساعد الجد والعمل في نشر العلم والدعوة إلى الله ، فكانت له دروس في الكلية الشرعية ، وفي عدد من ثانويات المدينة، بالإضافة إلى دروسه في بعض مساجد حلب.
أما ميدانه الأوسع في نشر العلم، فكان عن طريق التأليف والنشر، فكان يؤلف في كل أسبوع رسالة ، في باب من أبواب العلم، ويوزعها مجاناً ، فكثرت مؤلفاته ، وتنوَّعت موضوعاتها، نتيجة غزارة علميه وسعة ثقافته ، حتى جاوزت مئة وعشرين مؤلفاً بين رسالة وكتاب نذكر منها :
1ـ سلسلة الرسائل اللغوية،2ـ سلسلة الرسائل العلمية، 3 ـ سلسلة الرسائل الحسابية والهندسية، 4 ـ سلسلة أحاديث السمر، 5 ـ سلسلة دليل الشهباء، 6ـ هداية الأمة لما أجمعت عليه الأئمة، 7 ـ التصورات والتصديقات، 8 ـ الكمال المطلق في الفلسفة الإلهية، 9ـ الكمال الإنساني في فلسفة الأخلاق، 10 ـ منتهى الآراء ، 11 ـ آيات الرسالة في القرآن العظيم ـ جزآن ـ ، 12 ـ آيات الرسالة ـ المعجزات المحمدية ـ ، 13 ـ آيات الرسالة ـ فلسفة الإعجاز ـ ، 14 ـ العقيدة الإسلامية ، 15 ـ نفحات من مدرسة القرآن الكريم، 16 ـ المكارم الخالدة في المعجزات المحمدية، 17 ـ المكارم الخالدة في الشمائل المحمدية، 18 ـ اللغة الخالدة، 19 ـ العروبة الخالدة، 20 ـ الليالي الخالدة، 21 ـ مع الإمام البوصيري في الثناء على سيد الأنبياء ، 22 ـ إعانة القاري في شرح الكلمات اللغوية في القرآن العظيم، 23 ـ العجالة في الرد على قسم الأشربة من الموسوعة الفقهيه، 24 ـ المواضيع الابتدائية في فلسفة اللغة العربية، 25 ـ سير الصادقين، 26 ـ فن الخطابة ، 27 ، فن النحو، 28 ، موجز دليل الحجاز، 29 ـ سير الحج، 30 ـ، سير الصادقين (صفحة من الماضي)، 31ـ غرائب الشعر وفنونه،32ـ التبينان فيمن تشرف بخدمة القرآن.
قال في كتابه أحاديث السمر ص98:« ويعلم القارئ أننا لسنا إمعة، ولسنا في كتبنا السابقة التي تزيد عن 150 كتاباً ورسالة إلا ونحن فيها أصحاب رأي وابتكار ، وقد وزعت بالمجان ليعمَّ نفعها ، غير أننا لا نعد هذه المؤلفات ـ التي تثبت الشخصية وتعرب عن النفسيَّة ـ شيء يذكر تجاه جمعنا لرسالة الشمائل المحمدية ، ورسالة المعجزات المحمدية ، ورسالة آيات الرسالة ، وآراء الرجال في القرآن العظيم ، وقد جمعت في تلك الرسالة ما يزيد 500 رأي لكبار علماء الشرق والغرب في مدح القرآن الكريم وبيان فضله وإعجازه وهديه ، ولا أحب أن لي مجلدات ضخمة في أيِّ فن من الفنون أقدمها يوم العرض غيرها كما أن كتابي آيات الرسالة (الإسلام والرسول الأعظم) الذي جمعت فيه كثيراً من آراء الشرق والغرب في مدح الرسول والإسلام وإثبات رسالته ودلائل نبوته ، أرجو أن يكون وسيلتي يوم اللقاء في دار الخلد ، وأرجو أن أوفق لإعادة طبع هذه الكتب التي لا عمل لي فيها إلا الجمع . وكفى بالجمع وسيلة وذخراً ، والله الموفق وإليه المرجع والمآب .
قال عنه شيخنا ومجيزنا المؤرخ الأديب محمد زكريا بيلا المتوفى سنة 1418 في كتابه « الجواهر الحسان في تراجم الفضلاء والأعيان من أساتذة وخلان» 2/467ـ469 : «الأديب الهميم، الشهم الفخيم، الكاتب اللبق، المفكر السبق، الأستاذ أمين عيروض الحلبي السوري، رئيس تحرير جريدة الحوادث اليومية، ولد بحلب عام 1329هـ ، (كذا والأصح 1325كما تقدم)، وانخرط في سلك طلاب الثقافة الدينية والأدبية بهمة عالية، حتى أدرك وفاز وحاز درجة جيدة، اجتمعت به في دار المطوف محمد علي علوش بالصفا، وسبب هذا الاجتماع أنَّ حضرته اتصل بسعادة رئيس المدرسة الصولتية الأستاذ محمد سليم، وزار المدرسة، ورغب أن يعلم أحوال المدرسة تفصيلياً ، والتمس من رئيسها مساعدته في الحصول على ذلك، فكلَّفني حضرة الرئيس بالقيام بهذا الطلب، لأن غرض الأستاذ العيروض نشر تلك المعلومات على صفحات جريدة الحوادث اليومية التي يتولى رئاسة تحريرها، والتعرض للمدرسة في كتابه المنوي إظهاره المسمى (دليل الحاج) حسب إفادته لي، واستعجل في تقديم هذا المطلوب خشية أن يبارح الأرض المقدسة ولم يتم مطلوبه، فأخذت في تحرير أحوال المدرسة……وقدمتها بنفسي إلى الأستاذ العيروض ، وألفيته شهماً، هماماً، خليقاً، ذا كمال وأدب، يعجبك حديثه ، وتستدل عليه بمقدرته العلمية ومقدار نبوغه، ومزايا صفاته. تجاذبنا أطراف الحديث في نواح هامة، ولا أزداد إلا محبة في حديثه إذ ذاك، لشدَّة ما رأيت، وما سمعت، وقد أدلى الحديث إلى المؤلفات العلمية فقال:
لي مؤلفات في فنون وأهمها: منتهى الآراء في الفلسفة، وهداية الأمة بما أجمعت عليه الأئمة ، والمواضيع الابتدائية في فلسفة اللغة العربية ثلاث رسائل،والمبادئ العلمية سبع رسائل، وتسع رسائل في الرياضيات، وجدول في القراءات السبع، والكل مطبوع، وهناك الكثير مما لم يطبع، وسألته : هل السنة الآتية تقدم إلى الحج؟ فقال : النية : سنة نجاهد يعني بالقلم، وسنة نحج، . وفقه الله لما فيه الصلاح والخير ، هذا وقد حج في عام 1365هـ ، ونشر كتابه «سير الحج».اهـ.
و قال عنه تلميذه الأستاذ محمد فاروق البطل في مذكراته : «وكان للشيخ نشاط متميز في الدعوة والعمل الوطني والاجتماعي في موطنه، فقد عمل على تأسيس ناد يجمع فيه الشباب المسلمين أطلق عليه اسم (نادي الشبان المسلمين) ورئسه ، سنة : 1931 م ، كما انتخب نائباً لجمعية رابطة العلماء وخريجي المدارس الدينية ، في حلب سنة 1946م.
بقي الشيخ على نشاطه في الدعوة ونشر العلم، إلى أن وافته المنية في حلب، سنة 1390 .
✿✦ المصادر والمراجع:
– من كتاب : علماء من حلب في القرن الرابع عشر ، للأستاذ محمد عدنان كاتبي ص330ـ333. وذكريات الأستاذ محمد فاروق بطل.
«كان الأستاذ عيروض عالماً لا يلبس زِيَّ العلماء، ثائراً ليس له أنصار، كاتباً ليس له قرَّاء، زوجاً ليس له أولاد، فقيراً ليست له أموال، عفيفاً زاهداً ليس في تلاميذه أغنياء ولا تجار، بيته متواضع، وفرشه متواضع، يحب تلاميذه أن يزوروه في البيت، فهم الأقرب إلى نفسه، ينشر أفكاره بينهم من خلال ما يقرره عليهم في دروسه وزياراته، وما يكتبه من بحوث مطبوعة على ورق متواضع وبغلاف متواضع. لم يلازمه من الطلاب إلا القليل، وبكل أسف إنهم لم يكونوا على الجادة السويَّة، فهموه خطأ، لقد كان الأستاذ عيروض أشبه ما يكون بجمال الدين الأفغاني ثورة وتحرُّراً وتمرُّداً على المؤسسات الدينية التقليدية، وكان يلبس الطربوش واللباس الفرنجي، كثير النقد لأقرانه، لا يعجبه منهم أحد، كان له أسلوب ساخر في النقد، وكان معتدّاً بعلمه، خريج الأزهر والنجف.لم أسمعه يوماً يُثني على أحد باستثناء اثنين الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، بأنه كان قاموساً عربياً ناطقاً، كما شهد للسيدة نديمة المنقاري زوجة الشيخ عطا الله الصابوني، والتي كانت تصدر مجلة أدبية شهد لها بأنها كانت مرجعاً في اللغة العربية على مستوى مدينة حلب.
درَّسنا أكثر من مادة، أذكر منها مادة النحو ومادة الخطابة،وكان يؤلمني أننا لا نكاد نُنْجز من المنهج المقرَّر ـ في المادة التي يدرِّسنا إياها ـ إلا القليل، وقد أثَّر هذا سلباً على تحصيلنا العلمي في مثل هذه المواد.بسبب استطراداته الكثيرة وتعليقاته على الأحداث الجارية.
كان ـ رحمه الله تعالى ـ يشغل نصف الزمن المقرر للحصةـ إن لم يكن أكثر ـ في الشؤون العامة سياسية كانت أو اجتماعية أو ثقافية نقداً لها، وقد عرف عنه الطلاب ذلك، فكانوا يُكثرون عليه السؤال في هذه الشؤون، بعضهم بقصد الفهم، وبعضهم بقصد تضييع الوقت، ولا شك أن أسلوب الأستاذ عيروض ـ رحمه الله تعالى ـ كان له أثره في توجيه الطلاب وتكوين اتِّجاهاتهم، ويؤسفني أن أقول ـ وأستغفر الله مسبقاً ـ: إن الطلاب الذين لازموه ـ على قلتهم ـ كانوا أميل إلى الخط الاشتراكي اليساري في البلد، عكس الأستاذ الشيخ أبو الخير زين العابدين ـ رحمه الله تعالى ـ فقد كثر تلاميذه المحبون، وتأثروا به،وكانوا ملتزمين بالخط الإسلامي والدعوة الإسلامية.
وكان للشيخ نشاط متميز في الدعوة والعمل الوطني والاجتماعي في موطنه ، فقد عمل على تأسيس ناد يجمع فيه الشباب المسلمين أطلق عليه اسم (نادي الشبان المسلمين) ورئسه ، سنة1931م، كما انتخب نائباً لجمعية رابطة العلماء وخريجي المدارس الدينية في حلب سنة 1946م.
بقي الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ على نشاطه في الدعوة ونشر العلم، إلى أن وافته المنية في حلب سنة 1390(1).
المصادر والمراجع:
– الجوهر الحسان في تراجم الفضلاء والأعيان من أساتذة وخلان، للشيخ : محمد زكريا بيلا2/467ـ469.
– علماء من حلب في القرن الرابع عشر ، للأستاذ محمد عدنان كاتبي ، ص330ـ333.
(1) مجد مكي، وباسل عمر حريري، الموسوعة التاريخية لأعلام حلب