جامع الصمادية 932ه/1526م
موقعه: يقع جامع الصمادية داخل باب الصغير، شمالي السور، على كتف نهر قليط بالزقاق الذاهب إلى باب الجابية.
تاريخه: أنشأها الشيخ محمد الصمادي[1] سنة 932ه/1526م كزاوية، وجعل لها بركة ماء ومرتفعات، وعلى بابها سبيل. والشيخ الصمادي هو محمد بن خليل بن علي الشافعي القادري، شيخ الطائفة الصمادية بدمشق، توفي سنة 948ه؛ جددت الزاوية في عهد السلطان ابراهيم خان[2] عام 1054ه، واليوم هي مصلّى كبير في إيوانه الشمالي القبر الذي يضم رفات الشيخ الصمادي[3].
عمارته: للمسجد جبهة من الحجارة السوداء والبيضاء فيها شباكان يطلان على الحرم، وباب فوقه لوحة من القيشاني ضمن قوس يتناوب بداخله قوس آخر، يتوضع على جدار الواجهة للمسجد سبيل ماء عليه لوحة من القاشاني كتب عليها: (وسقاهم ربهم شراباً طهوراً)، يغذي السبيل نهر القنوات؛ يدخل من هذا الباب إلى صحن مفروش بالموزاييك تتوسطه بحرة من الحجر المزي، في شماليه باب يظهر أنه باب دار سكن الشيخ والتي دثرت، وفي الزاوية الشمالية الغربية حجرة فوقها قبة برقبتين ذات نوافذ صماء وأقواس حجرية جميلة وبداخلها أربع قبور بزاوية الحجرة الشرقية دون شواهد وكتابة غير مقروءة وقد تبين أن : القبر الأول هو للشيخ محمد بن خليل الصمادي، والقبر الثاني هو لحفيده الشيخ محمد بن محمد بن خليل الصمادي.
أما الحرم فيقوم على أربعة أقواس من الحجر الأسود والأبيض وفوقها قبة فيها أربعة وعشرين كوة، ستة عشرة نافذة علوية وثمانية تحتها ونافذة حديدية صغيرة، وبجدار القبة نافذة سفلية في الجهة الشرقية ونافذة فوقها علوية ونافذتان شماليتان سفليتان ونافذة فوقها علوية وسدة خشبية بحجم ربع المسجد.
ومن تحتها محراب فوقه زخارف وكتابات قاشانية كتب عليها: “جدد عمارة هذه الزاوية المباركة سلطان البحرين والبرين خادم الحرمين الشريفين السلطان ابن السلطان ابراهيم خان ابن أحمد خان خلد الله ملكه وأجرى في بحار السعادة فلكه بجاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وذلك بسعي مولانا الشيخ ابراهيم بن الشيخ مسلم الصمادي خادم السادة القادرية سنة 1054ه”[4].
وكتب فوق محراب الزاوية[5]:
بعون الله رب الناس هو المالك الأقوى بنا الســـــــــــــــلطان ابراهيم زاويــــــــــــــة كما يهوى
بـــــــــــأرض دمشق ذات الروض و الأهـوى لقون عندهم ذكر للإله ألذ مـــــــــــــــــن حلوى
صـــــــــــــماديون حـــــــــبهم بلا منّ ولا سلوى وبصدق خوفهم ربنا نالوا الغاية القصوى
وشـــــــــــيخهم لاواه حليم ما لــــــــــــه دعوى عظيم الخلق محموديوازن حلمه رضوى
بها الأدكار قد صليت وآثار النبي تروى أتــــــــــــــى تـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاريخها بيتاً فــــــــــــــــريداً أقوى
بنو بالصدق زاوية أساس بنايها التقوى سنة 1054ه
مئذنته: تبرز من شرفة الطابق الثاني لجامع الصمادية تعتبر كما وصفها الدكتور قتيبة الشهابي في كتابه “مآذن دمشق: تاريخ وطراز” من مآذن الطراز الرمزي، ذات طراز المتقشف من حيث شكل شرفتها وقلنسوتها المخروطية[6].
[1] محمد بن خليل بن علي بن عيسى بن أحمد بن صالح بن عيسى بن داود بن مسلم الدمشقي الشافعي القادري شيخ الطريقة القادرية الصمادي بالشام، اجتمع بالسلطان سليم الأول أثناء سفره إلى بلاد الروم، عين له قرية كناكر. اشتهر له دق الطبول عند هيجان الذاكرين واشتداد الذكر، فأنكر عليهم جماعة، توفي سنة ثمان وأربعين وتسعمائة، ولم يدفن فينفس الزاوية ولكنه دفن في إيوانها. (انظر: الغزي، الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة ، ص139)
[2] إبراهيم الأول بن أحمد الأول بن محمد الثالث بن مراد الثالث بن سليم الثاني بن سليمان القانوني، جلس السلطان على العرش بعد وفاة أخيه السلطان مراد الرابع في عام 1640ه حتى عام 1648ه، وكان في الخامسة والعشرين من عمره، وقضى فترة إمارته في عهد أخويه عثمان الثاني ومراد الرابع بعيداً عن أي مهام، وشاهد مقتل إخوته الأربعة الكبار، وبقي ينتظر مثل مصيرهم، وهذا جعله عصبياً ومضطرباً لا يستقر على شيء، كما أنه لم يكمل تحصيله العلمي، ولم تتوافر له المهارة العسكرية بسبب العزلة التي فرضت عليه، وفي بداية حكمه حاول أن يكون مثل أخيه السلطان مراد الرابع، ولكن لم تكن له صفاته؛ فاضطربت أمور الدولة. قتل مخنوقاً سنة 1648ه. (انظر: الزركلي، الأعلام، ص 360)
[3] بدران، عبد القادر. (1959). منادمة الأطلال. دمشق: المكتب الإسلامي، ص382.
[4] عبد الهادي، يوسف. (1943). ثمار المقاصد في ذكر المساجد. بيروت: المعهد الفرنسي، ص236.
[5] الشهاابي، قتيبة. (1997). النقوش الكتابية في أوابد دمشق. دمشق: منشورات وزارة الثقافة، ص102.
[6] الشهابي، قتيبة. (1993). مآذن دمشق. دمشق: منشورات وزارة الثقافة، ص491.