“حضر شارل سميت الى ناحية مريبط واستاجر من فقراء الفلاحين بعض الاراضي واغراهم ببدل الايجار وقام بتعاطي الفلاحة والزراعة ولم يكتف بذلك فقد دفعه الجشع والطمع الى اغتصاب اراضي الغير بما فيها محاصيلها وضج الفلاحون بشكواهم ولكن لا مغيث ولا مجيب.
كان شارل سميث يتجول في سيارته يجوب المنطقة وكان مشبوها في كل حركاته وسكناته وكانت الشخصيات البريطانية لا تنفك عن زيارته وكان مزمعا على احدث مؤسسة زراعية كبرى ولكن الحقيقة هي احداث مستعمرة بريطانية في قلب هذه المنطقة وكان لا ينفك يعمل على الايقاع والدس بين الفلاحين …
وكلما مر الزمن اشتدت وطأة تعدياته على الفلاحين فكانوا اذا تقدموا بشكواهم الى ضابط الاستخبارات في منطقته اجابهم بلزوم مراجعة المحاكم والشكوى على هذا الانكليزي لا تسمع الا في المحكمة الاجنبية بحلب وهم لفقرهم لا يستطيعون السفر الى حلب لمراجعة هذه المحكمة ويحتاج الامر الى نفقات السفر ورسوم الدعاوى وتوكيل المحامين فكانت محاصيلهم الزراعية يأخذها الانكليزي شارل سميت قوة واقتدارا تعززه قوة من الحرس السيار التي كانت موضوعة بامرته وقد ثبتت علاقات التواطىء بينه وبين الضباط الفرنسيين ضد الفلاحين واستمر الحال على هذا الشكل المؤلم مدة طويلة الى ان اتاح الله لهم المرحوم انيس سلطان وكان مدير ا لناحية مريبط فقتله وخلصهم من آثامه.
وفي ظهر اليوم السادس عشر من شهر كانون الثاني سنة 1929 انتهى اجل شارل سميث فقد عاد من حلب وعبر الفرات الى قرية مريبط وهي مركز الناحية فخاطب مدير الناحية متحديا وشاتما ولحكومته ..
وتقدم الانكليزي من مدير الناحية ليصفعه بعد ان اجابه على شتائمه بالمثل وتماسكا بالايدي فاشهر شارل سميت مسدسه فاطبق مدير الناحية على يده وطوق عنقه بذراعه واستطاع بقوة ساعديه فك المسدس من يده فاخذه واطلق الرصاص عليه فارداه قتيلا.
وقد كفت يد مدير الناحية عن العمل بسبب توقيفه لدى المحكمة الجنائية الاجنبية بحلب وقد تدخلت حكومة جلالة الملك بشأن شارل سميث الذي يحمل الجنسية البريطانية للحكم باعدام قاتله وكان موقف السيد نافع القدسي محافظ دير الزور آنئذ نبيلا وشريفا فقد قدم التقارير الادارية الرسمية وكلها كانت تؤيد دفاع مدير الناحية عن نفسه وكانت النتيجة ان اصدرت محكمة الجنايات الاجنبية بحلب بتاريخ 15تشرين الاول سنة 1929 قرارها بسجنه مدة خمس عشرة سنة.
قضى مدير الناحية منها زهاء عشر سنوات في السجن ولما استلمت الحكومة السورية مقاليد الحكم بعد المعاهدة الفرنسية السورية_اصدرت العفو عنه وفي سنة 1944 اعيدت اليه حقوقه واعتباره واعيد الخدمة.
وقد ولد أحمد أنيس بن محمد توفيق سلطان في حماة سنة 1892 وعاش 68 سنة، وكان ذا عائلة كبيرة عضها الجوع بنابه في عهد سجنه”.