باسل عمر حريري – التاريخ السوري المعاصر
الفنان عمر جملو عمر بن جميل حمو
وُلد فنان الغناء الشعبي “عمر جملو” عام 1922 في منطقة عفرين ،قرية غزاوية ، عشق الغناء والموسيقى منذ صغره وبالذات الغناء الشعبي حيث كانت تُعقد الجلسات الفنية الطويلة في ليالي الشتاء الباردة يتم فيها غناء الملاحم الشعبية فتشرَّب الطفل الصغير من ينبوع الابداع الشعبي الكردي فعانق الطنبور وتعلم العزف عليه منذ نعومة أظفاره ولأنه كان يمتلك صوت شجي علّمته والدته “كولجيك” أصول الغناء ليصدح بصوته الحزين والجميل فيتردد صدى صوته في أعماق الروح ويوقظ المشاعر الجمالية لدى المستمع الذي ينم بالأصل عن ذاكرة جمالية ومتّقدة .
عاش الفنان عمر جملو حياته في قريته غزاوية لم يشأ أن يبعد عنها هناك بين أحضان الطبيعة الخلابة وعى وجوده وذاته الفنية ولا سيما أن سحر الطبيعة في كثير من الأحيان تكون ملهمة للفنان الحقيقي ، مارس الغناء على نطاق ضيق من خلال الأمسيات الموسيقية والأعراس “أدوات الشهرة في تلك الحقبة من الزمن” إلى أن ظهرت آلات التسجيل البدائية فقام مع أمثاله من فناني التراث بتسجيل وتوثيق الأغاني الفلكلورية الشعبية وبذلك ساهم في الحفاظ على الكثير منها من التشتت والضياع وربما التلاشي.
تميّزعمر جملو “Omer” بغناء القصة الملحمية الطويلة مع العزف على الطنبور وقد غنى الكثير منها “Bê Mal, Delal, Zêno Zêneb ” وأغنية الشيخ سعيد، ولكنه تفرد بإبداعه بأغنية “Eyşa îbê ” ليرتبط اسمه بها من خلال تطابق مواطن الألم ومحطات العذاب في الأغنية مع مسحة الحزن التي يحملها صوته ونغماته الحزينة ومن خلال هذا التزاوج الجميل بين النص الملحمي والصوت المتميز تلد أغنية ” Eyşa îbê ” من جديد بإبداع وتألق خاص.
عُرف الفنان عمر جملو بدماثة الخلق وطيب المعشر وسمح المعاملة، متعلقاً بأرضه ووطنه، ملتزم بديانته اليزدانية، توفي في عام 1981 بعد أن أغنى المكتبة الغنائية الكردية بالغناء الأصيل والعزف المتفرد ليظل حياً في وجدان الناس ويتربع بجدارة على قمة الغناء الشعبي الكردي(1).
(1) باسل عمر حريري، الموسوعة التاريخية لأعلام حلب