أكرم طبارة … النازي السوري الذي حكم فرنسا
يعتبر الضابط السوري أكرم طبارة، من أكثر الشخصيات السورية التي أثار تاريخها جدلاً، كان يفضي في بعض الأحيان إلى أزمة دبلوماسية مع بعض الدول المجاورة.
كان أكرم طبارة عسكرياً في الجيش العثماني، قبل سفره إلى ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية، والتحاقه بالفرقة التي ألفها المفتي الحاج أمين الحسيني من شباب العرب للمساهمة مع الجيش النازي الألماني في أعمال عسكرية بفرنسا، وخلال اجتياح القوات النازية لألمانيا تمت ترقية طبارة إلى رتبة ملازم شرف في الجيش النازي، ليقود سرية من المتطوعين كان لها الفضل في احتلال باريس عاصمة فرنسا، حكم النازيون فرنسا حكماً عسكرياً في بادئ الأمر وكان الضابط الأعلى رتبة في الجيش النازي هو الذي يحكم باريس، وكان أن عهد كبار الضباط إلى طبارة قيادة الفرقة النازية المقاتلة لمدة 24 ساعة حتى يسافروا إلى مدينة “فيشي” ويعقدوا مع الجنرال الفرنسي “بيتان” شروط المعاهدة التي تخضع فرنسا من خلالها للجيش النازي، وبذلك تزعم طبارة باريس عسكرياً لمدة 24 ساعة، وعندما اجتاحت جيوش الحلفاء ألمانيا ودخلت برلين واستسلمت ألمانيا دون قيد أو شرط، اعتقل طبارة مع عدد من المتطوعين العرب ثم أفرج عنه عام 1947 وعاد إلى سورية، وبواسطة المفتي الحاج أمين الحسيني والقائد فوزي القاوقجي أدخل في عهد حسني الزعيم إلى الجيش برتبة ملازم أول، ولمع نجمه وأصبح من الضباط المقربين من المشير حسني الزعيم.
وفي 19 أيار 1949 عهد إليه حسني الزعيم، بمهمة سرية للغاية، وهي اعتقال الجاسوس الإسرائيلي (الفلسطيني الأصل) كمال حسين والمقيم في لبنان وإحضاره إلى سورية، ذهب أكرم طبارة برفقة ثلاث جنود على سيارة جيب إلى حقل بجوار حاصبيا ولم يتمكنوا من اعتقال كمال حسين، فقاموا باغتياله في وضح النهار، فلحقت بهم قوة من الدرك اللبناني وألقت القبض عليهم في قرية “ينطا” بمساعدة آل العريان.
وما إن بلغ الخبر لدمشق، حتى اتصل الزعيم برئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح وطالبه بتسليم الضابط طبارة والجنود المرافقين له، بحجة أن ما قام به الضابط طيارة هو واجب وطني كون كامل حسين كان يتجسس على الجيش السوري لمصلحة إسرائيل.
طلب الرئيس الصلح تشكيل لجنة قانونية من أجل البت بموضوع الطلب السوري تسليم الضابط والجنود السوريين المعتقلين في لبنان، وانتهى الأمر إلى رفض طلب تسلميهم كون القانون اللبناني هو الواجب التطبيق على هؤلاء ويجب أن تتم محاكمتهم أمام المحاكم اللبنانية.
رد حسني الزعيم مباشرة على ذلك القرار بإغلاق الحدود السورية ومنع المواشي والمواد الغذائية من دخول الأراضي اللبنانية، فردت لبنان بالمثل وقامت بإغلاق حدودها مع سورية، إلا أن تأثير إغلاق الحدود كان له تأثيراً كبيراً على اللبنانيين الذين لم يجدوا بداً من الدخول في تسوية مع السوريين، لإنهاء هذا الخلاف.
في الخامس والعشرين من أيار، عقد اجتماع في الحدود السورية اللبنانية، بين وفدي سورية ولبنان، تشكل الوفد السوري من عادل أرسلان وأسعد الكوراني وعبد الحميد الاسطواني، بينما كان الوفد اللبناني ممثلاً من حميد فرنجية وفيليب تقلا وأنيس صالح.
انتهت المفاوضات إلى القبول بالتحكيم السعودي – المصري لحل هذا الخلاف، وانتهى التحكيم إلى أحقية لبنان باعتقال طبارة والجنود المرافقين له، مقابل أن يتم قبول طلب إخلاء سبيلهم من قبل قاضي التحقيق العسكري في لبنان، وبالفعل تقدم طبارة ورفاقه بطلب إخلاء سبيل فقررته المحكمة وأوصلهم الدرك اللبناني إلى الحدود ليعودوا إلى سورية .
وبذلك تم حل الخلاف الأكبر الذي نشب بين سورية ولبنان في عهد الزعيم، والذي كان سيفضي إلى بوادر مقاطعة تامة بين البلدين.
إبان عودة طبارة إلى سورية، رفعه الزعيم إلى رتبة رئيس، وبقي بمكانة قريبة جداً من الزعيم، إلى أن حدث انقلاب سامي الحناوي وأعقبه انقلاب أديب الشيشكلي، فسرحه الشيشكلي من الجيش وعينه في مديرية الجمارك بفرقة المكافحة في اللاذقية.
ولما كان طبارة الذي لم يعتد العمل بعيداً عن الجيش، أبدى استياءه من هذا التهكم الذي قام به الشيشكلي بحقه، فصدر أمر بنقله من اللاذقية إلى دمشق، إلا أنه رفض الامتثال لهذا الأمر وبدأ يهاجم الشيشكلي علناً ويشهر بالجيش السوري فتم اعتقاله ووضعه في سجن المزة العسكري.
ونتيجة لوضعه الصحي، تم نقله إلى المشفى العسكري، فأعد العدة للهرب من السجن، وهذا ما كان حيث استغل غياب الحراس في المشفى العسكري في الساعة التاسعة والنصف صباحاً، وقام بالهرب والاختباء في منزل أحد أقرباءه في منطقة المزة بالقرب من المشفى العسكري، استمرت عملية ملاحقة طبارة أكثر من أسبوع، اضطرت السلطات العسكرية من خلالها إغلاق جميع المنافذ والمخارج بمنطقة المزة، حتى ضاقت الحال بأكرم طبارة، فقام بتسليم نفسه إلى السلطات العسكرية، وتم إيداعه مجدداً في سجن المزة العسكري، مع حراسة مشددة هذه المرة .
بعد استقالة أديب الشيشكلي، تم الافراج عن أكرم طبارة، لتنتهي بذلك قصة الضابط السوري الذي حكم باريس عسكرياً، وكاد أن يشعل أزمة بين سورية ولبنان.
يعتبر الضابط السوري أكرم طبارة، من أكثر الشخصيات السورية التي أثار تاريخها جدلاً، كان يفضي في بعض الأحيان إلى أزمة دبلوماسية مع بعض الدول المجاورة.
كان أكرم طبارة عسكرياً في الجيش العثماني، قبل سفره إلى ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية، والتحاقه بالفرقة التي ألفها المفتي الحاج أمين الحسيني من شباب العرب للمساهمة مع الجيش النازي الألماني في أعمال عسكرية بفرنسا، وخلال اجتياح القوات النازية لألمانيا تمت ترقية طبارة إلى رتبة ملازم شرف في الجيش النازي، ليقود سرية من المتطوعين كان لها الفضل في احتلال باريس عاصمة فرنسا، حكم النازيون فرنسا حكماً عسكرياً في بادئ الأمر وكان الضابط الأعلى رتبة في الجيش النازي هو الذي يحكم باريس، وكان أن عهد كبار الضباط إلى طبارة قيادة الفرقة النازية المقاتلة لمدة 24 ساعة حتى يسافروا إلى مدينة “فيشي” ويعقدوا مع الجنرال الفرنسي “بيتان” شروط المعاهدة التي تخضع فرنسا من خلالها للجيش النازي، وبذلك تزعم طبارة باريس عسكرياً لمدة 24 ساعة، وعندما اجتاحت جيوش الحلفاء ألمانيا ودخلت برلين واستسلمت ألمانيا دون قيد أو شرط، اعتقل طبارة مع عدد من المتطوعين العرب ثم أفرج عنه عام 1947 وعاد إلى سورية، وبواسطة المفتي الحاج أمين الحسيني والقائد فوزي القاوقجي أدخل في عهد حسني الزعيم إلى الجيش برتبة ملازم أول، ولمع نجمه وأصبح من الضباط المقربين من المشير حسني الزعيم.
وفي 19 أيار 1949 عهد إليه حسني الزعيم، بمهمة سرية للغاية، وهي اعتقال الجاسوس الإسرائيلي (الفلسطيني الأصل) كمال حسين والمقيم في لبنان وإحضاره إلى سورية، ذهب أكرم طبارة برفقة ثلاث جنود على سيارة جيب إلى حقل بجوار حاصبيا ولم يتمكنوا من اعتقال كمال حسين، فقاموا باغتياله في وضح النهار، فلحقت بهم قوة من الدرك اللبناني وألقت القبض عليهم في قرية “ينطا” بمساعدة آل العريان.
وما إن بلغ الخبر لدمشق، حتى اتصل الزعيم برئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح وطالبه بتسليم الضابط طبارة والجنود المرافقين له، بحجة أن ما قام به الضابط طيارة هو واجب وطني كون كامل حسين كان يتجسس على الجيش السوري لمصلحة إسرائيل.
طلب الرئيس الصلح تشكيل لجنة قانونية من أجل البت بموضوع الطلب السوري تسليم الضابط والجنود السوريين المعتقلين في لبنان، وانتهى الأمر إلى رفض طلب تسلميهم كون القانون اللبناني هو الواجب التطبيق على هؤلاء ويجب أن تتم محاكمتهم أمام المحاكم اللبنانية.
رد حسني الزعيم مباشرة على ذلك القرار بإغلاق الحدود السورية ومنع المواشي والمواد الغذائية من دخول الأراضي اللبنانية، فردت لبنان بالمثل وقامت بإغلاق حدودها مع سورية، إلا أن تأثير إغلاق الحدود كان له تأثيراً كبيراً على اللبنانيين الذين لم يجدوا بداً من الدخول في تسوية مع السوريين، لإنهاء هذا الخلاف.
في الخامس والعشرين من أيار، عقد اجتماع في الحدود السورية اللبنانية، بين وفدي سورية ولبنان، تشكل الوفد السوري من عادل أرسلان وأسعد الكوراني وعبد الحميد الاسطواني، بينما كان الوفد اللبناني ممثلاً من حميد فرنجية وفيليب تقلا وأنيس صالح.
انتهت المفاوضات إلى القبول بالتحكيم السعودي – المصري لحل هذا الخلاف، وانتهى التحكيم إلى أحقية لبنان باعتقال طبارة والجنود المرافقين له، مقابل أن يتم قبول طلب إخلاء سبيلهم من قبل قاضي التحقيق العسكري في لبنان، وبالفعل تقدم طبارة ورفاقه بطلب إخلاء سبيل فقررته المحكمة وأوصلهم الدرك اللبناني إلى الحدود ليعودوا إلى سورية .
وبذلك تم حل الخلاف الأكبر الذي نشب بين سورية ولبنان في عهد الزعيم، والذي كان سيفضي إلى بوادر مقاطعة تامة بين البلدين.
إبان عودة طبارة إلى سورية، رفعه الزعيم إلى رتبة رئيس، وبقي بمكانة قريبة جداً من الزعيم، إلى أن حدث انقلاب سامي الحناوي وأعقبه انقلاب أديب الشيشكلي، فسرحه الشيشكلي من الجيش وعينه في مديرية الجمارك بفرقة المكافحة في اللاذقية.
ولما كان طبارة الذي لم يعتد العمل بعيداً عن الجيش، أبدى استياءه من هذا التهكم الذي قام به الشيشكلي بحقه، فصدر أمر بنقله من اللاذقية إلى دمشق، إلا أنه رفض الامتثال لهذا الأمر وبدأ يهاجم الشيشكلي علناً ويشهر بالجيش السوري فتم اعتقاله ووضعه في سجن المزة العسكري.
ونتيجة لوضعه الصحي، تم نقله إلى المشفى العسكري، فأعد العدة للهرب من السجن، وهذا ما كان حيث استغل غياب الحراس في المشفى العسكري في الساعة التاسعة والنصف صباحاً، وقام بالهرب والاختباء في منزل أحد أقرباءه في منطقة المزة بالقرب من المشفى العسكري، استمرت عملية ملاحقة طبارة أكثر من أسبوع، اضطرت السلطات العسكرية من خلالها إغلاق جميع المنافذ والمخارج بمنطقة المزة، حتى ضاقت الحال بأكرم طبارة، فقام بتسليم نفسه إلى السلطات العسكرية، وتم إيداعه مجدداً في سجن المزة العسكري، مع حراسة مشددة هذه المرة .
بعد استقالة أديب الشيشكلي، تم الافراج عن أكرم طبارة، لتنتهي بذلك قصة الضابط السوري الذي حكم باريس عسكرياً، وكاد أن يشعل أزمة بين سورية ولبنان.