رسالة أنطون سعادة إلى أكرم الحوراني بمناسبة الانتخابات النيابية عام 1947م
21 أيلول 1947
إلى الرفيق العامل الأستاذ أكرم حوراني
بواسطة عمدة الداخلية
أيها الرفيق العزيز،
كان سروري بخبر انتخابك الشعبي في حماه للنيابة عظيماً، لأني كنت موقناً من أنّ نفسك الكبيرة، التى دفعتك فى تلك الأيام المليئة بالمحن، إلى اعتناق العقيدة السورية القومية الاجتماعية والانتظام في صفوف الحركة السورية القومية الاجتماعية. والجهاد في سبيلهما والدفاع عنهما والجهر بالحقيقة الكبرى التي تعلمناها، ستحمل عقيدتها وإيمانها إلى المجلس النيابي وتؤثر فيه وتسعى ضمنه إلى تطبيق تعاليم نهضتنا لإنقاذ الأمة من البلبلة والفوضى.
لم يخب تفاؤلي. فقد قرأت مشروع القانون السوري القومي الاجتماعي الجليل الذي تقدمت به إلى المجلس النيابي الشامي وأقرّه بالإجماع، وهو قانون قمع التحزبات والفتن الدينية العمياء والخيانة والجاسوسية لمصلحة الإرادات الأجنبية. وسررت كثيراً به.
وقد أردت أن أوصل إليك تهنئتي بتفكيرك وتقديري لمناقبك القومية وشكري لعملك.
عندما أستعيد في ذاكرتي صور الماضي أجد أنه من دواعي الأسف أن لا يكون قد تعدى الاتصال الشخصي بيننا تلك المقابلات الإدارية القصيرة، المقتضبة في بيروت، التي جرت في ظروف حرجة والأعصاب تحت ضغط شديد من الحوادث والوقت ضيق وبدون سابق تقديم أو تعريف شخصي، والمقابلة الأخيرة القصيرة التي جرت في آخر زيارة قمت بها لمنفذية حماه قبل سفري إلى أميركة.
إني أشعر أنه كان يجب أن تكون أنت في الحلقة الأقرب إليّ والأكثر اتصالاً بي ليكون لاتصالنا نصيب من التفاعل الفكري والاتحاد في النظر إلى الأمور أكبر من الذي سمحت به الظروف الماضية. وإني، إذ أستعيد الآن الماضي، أذكر ثورتي، في تلك الظروف العصيبة، من جراء تعابير مقال كتبته في الدفاع عن حركتنا وظهر فيه ما يستنتج منه أن أفكارنا ومناهجنا القومية متابعة لأفكار الكتلويين ومناهجهم، وهم الذي يبعدون بعداً كبيراً عن كل تاسيس عقائدي قومي وعن كل تفكير قومي أساسي، لأني كنت أرى أنّ مركز هجومنا يجب أن يكون أقوى من ذلك. وأذكر كم تأسفت فيما بعد لبعد المكان وحؤول الاضرابات السياسية دون اجتماعنا واطراد البحث في مواضيع قضيتنا، وكان أسفي على قدر شعوري بما أنت مؤهل لتناوله من قضايا الفكر والشعور في صدد نهضتنا.
في زيارتي الأخيرة لمنفذية حماه واجتماعنا القصير في دار الرفيق صلاح شيشكلي، وجدتك في حالة من يحمل في نفسه أثر صدمة نفسية داخلية. لم يساعدني الوقت على جلاء شيء من تلك الحالة وتفريج أكدارها عنك، ولكني ظللت أفكر بك وبها، فإني بقدر ما أهمل النظر في أمر نفسي أُعنى بالنظر في أمر الأعوان الذين هم في المنظمة القومية الاجتماعية ضمانة لحقيقة النهضة ولقوى سيرها نحو مثلها العليا.
إني أشعر بارتياح كبير إلى ثباتك العقائدي وباغتباط عظيم بجهادك القومي الاجتماعي، وإني أرى في تشريعك وإنتاجك الفكري وسعيك في ما يؤول إلى تحقيق أغراض نهضتنا الكبرى نضجاً وقوة يحتلان منزلة من التقدير في نفسي شديدة المناعة. فأكرر تهنئتي إياك وأرسل إليك سلامي القومي وأرجو أن لا يطول الوقت حتى نجتمع في الوطن ونحقق ما فاتنا تحقيقه في الماضي من توثيق عرى التفاهم وروابط التعاون واتصال النفوس في المعرفة واليقين.
ف إلى الأمام، أيها الرفيق العزيز و إلى اللقاء.
ولتحيى سورية.