أحمد مرضي الكيلاني- الشيخ بدر الدين الكيلاني
١٨٧٥ – ١٩٢٠ م
مفتي حماة وأول محافظ عربي لها في عهد الملك فيصل الأول
هو محمد بدر الدين بن السيد عبد الجبار بن السيد محمد مكرم بن السيد سعدي الازهري بن السيد عمر بن الشيخ ياسين الذي ينتهي نسبه الى الشيخ الجليل عبد القادر الجيلاني الحسني رضي الله عنه المتصل بفرع الدوحة النبوية.
ولد في حماة عام ١٢٩٣هـ / ١٨٧٥ م ، والدته شفيقة بنت السيد رسلان الشيشكلي ، وما إن ترعرع حتى أُدخل مدرسة دار الشفاء (البيمارستان النوري) واتقن فيها مبادىء القراءة والگتابة والقرآن الكريم.
ومن ثم انتسب الى المدرسة الرشيدية ثم الاعدادية الرسمية وأكمل تحصيله وحصل منها على شهادة في ٢٥ شباط عام ١٣١٣ هـ ، عين اثرها موظفاً معاوناً في دائرة تمليك حماة ورُفع بعد عام الى مأمور في دائرة تمليك حمص.
فاستقال من العمل الوظيفي وثابر على تحصيل العلوم اللغوية والدينية على يد أساتذة اعلام بحماة وهم السادة الشيخ سعيد النعسان والشيخ محمد طربين رالشيخ عبد القادر فتوحي الجندي اجازوه بشهادات علمية كل بإختصاصه في عام ١٣٢٥هـ.
وجهت عليه من الاستانة رتبة روؤس العلمية وانتخب من قبل مجموعة من شخصيات حموية ممثلاً عن حماة في مجلس الولاية بدمشق.
في عام ١٣٢٩هـ وجهت عليه المشيخة الاسلامية في إستانبول منصب إفتاء حماة بعد إقالة مفتي حماة السيد محمد الحريزي وذلك بعد الإنقلاب العثماني وإسقاط السلطان عبد الحميد الثاني وذلك بعد ان اجرى فحصاً علمياً لدى دائرة فتوى الولايه في عهد الشيخ سليمان الجوخدار (مفتي الولاية السورية).
في عام ١٣٣١ هـ وجهت عليه من السلطان العثماني محمد الخامس رتبة (ازمير المجردة).
في عام ١٣٣٥ هـ وجهت عليه من السلطان العثماني الانف الذكر رتبة (أدرنه) بموجب فرمان سلطاني كما وجهت اليه خطابة الزاوية القادرية الكيلانية بحماة.
لقد قام الشيخ بدر الدين بواجب الإفتاءأٓحسن قيام وحفظ لهذا المنصب مكانته وهيبته ودفع به الكثير من الاذى الذي يسببه ولاة الخلافة العثمانية وخاصة خلال فترة الحرب العالمية الأولى ودفع الكثير من مظالم جمال باشا السفاح.
بقي الشيخ بدر الدين مفتياً لحماة حتى انتهاء الحرب وخروج الاتراك ، ولقد تشكت هيئة ادارية لتدير أمور المدينة ريثما يدخل الجيش العربي الى المدينة وكانت هذه الهيئة مؤلفة من وجهاء المدينة وشيوخها ومنهم :
الشيخ بدرالدين الكيلاني مفتي حماة و الشيخ عبد القادر الحسني الگيلاني و الشيخ صالح الامير و السيد فريد العظم و السيد عارف الگيلاني و السيد نجيب البرازي و السيد راشد البرازي و السيد رفقي طيفور و الشيخ مصطفى جابر و السيد نورس الگيلاني و السيد شمسي نصر الله.
ولقد انتخبت هذه الهيئة رئيساً لها الشيخ بدر الدين وقامت هذه الهيئة برأسته بضبط الامن بالمدينة وحفظ حماة من اعتداءات الجيش العثماني المنسحب ولم تراق قطرة دم لحموي اول جندي منسحب خلال هذه الفترة المضطربه.
بعد وصول الامير فيصل على رأس الجيش العربي الى حماة عينه الامير فيصل رئساً لحكومة حماة المستقلة واتبع له سلميه ومصياف وبيده رفع أول راية عربية على دار الحكومه وذلك بموجب منشور مؤرخ في التاسع والعشرين من ذي الحجةعام ١٣٣٦ هـ. وبعد مدة ضم اليه رئاسة حكومة المعرة واللاذقية وادلب وجسر الشغور.
وبعد مدة وبعد استقرار الأمور نقل اشيخ بدر الدين عضواً لمجلس الشورى بدمشق وبقي في هذا المنصب حتى وافته المنية عن عمرلم يتجاوز الثلاثة والاربعين عاماً.
أُنتخب للمؤتمر السوري الاول لمقابلة لجنة ( كراين الاميركية) التي كلفتها عصبة الامم لاستبيان أرآء اهل سوريه حول رغبتهم في الدولة التي يريدون ان تكون منتدبة عليهم وكان رد السوريين ممثلاً باراء اعضاء المؤتمر انهم لايرغبون بالانتداب ويودون الاستقلال الناجز واعضاء هذا المؤتمر هم من بايعوا الامير فيصل بن الحسين بعدذلك ملكاً على سوريه بعدأن عرفوا أن طلباتهم ضرب بها عرض الحائط.
لم تسمح دول الاستعمار ممثلة بفرنسا وبريطانيا لنتائج استبيانات لجنة كراين بالعرض على جمعية عصبة الامم ومن ثم كان التدخل الفرنسي واحتلال البلاد السورية بعد معركة ميسلون الرمزية واستشهاد وزير الدفاع يوسف بيك العظمه على روابيها.
أراد الجنرال غورو القائد الفرنسي العام المقيم في بيروت الاجتماع بالشيخ بدر الدين عندما علم من الجرائد اللبنانية عن نبأ قدومه الى بيروت للتداوي من مرضهالاخير ولعدم رغبة الشيخ بلقاء رسول الاستعمار الفرنسي غادر بيروت قبل استكمال علاجه عائداً الى حماة وكان مصمماً على النزوح الى الحجاز ان أصر الجنرال على لقاءه كي لايلوث وطنيته بمقابلته.
ولقد عاجلته المنية بحماة صبيحة يوم الازبعاء ١٣٣٨ هـ أول مايس ١٩٢٠ م ، وقضى مأسوفاً عليه.
شيعت مدينة حماة الشيخ بدر الدين الكيلاني بعد عمر قصير حافل صغيرها وكبيرها وقد رثاه على القبر كثير من الشعراء منهم الشيخ عبدالرحمن المصري والشيخ احمد عدي والأديب المؤرخ قدري كيلاني وقد تلقى ورثته برقيات التعازي الكثيرة. من الملك فيصل ومن كباررجال الحكومة العربية بدمشق ودفن بمقبرة الاسرة ( الشيخ خلوف) شمال حماة.
تميز رحمه الله بأمانته ونزاهته المطلقة فلقد استلم مخلفات الدولة العثمانية كافة من المؤن وكانت قيمتها بمئات الألوف من الليرات الذهبية فحفظها وسلمها لحكومة فيصل العربية كاملة غير منقوصة مع قطيع من إبل النقل ووهبه الامير فيصل بعض رؤوس من إبل الثورة فقبلها وباعهاوتبرع بثمنها لتاسيس مدرسة دار العلم والتربية الاهلية بحماة(1).
كان رحمه الله ككبار رجال عصره ولع بالشعر والادب وله مجموعة اشعار تصنف مع شعراء الإخوانيات وله اشعار توجيهية نحو الفضائل منها ما أوصى به ابنه وحضه على العلم:
أبني إن العلم خير بضاعة للمرء في دار الدنا يجنيه
فاذا سعيت لنيله بتشوق تحظى بكل مؤمل تبغيه
وله من شعر الحكمة قوله:
إزهد بما في الناس زهد قناعةٍ واطرح عن الأطماع تحظ براحة
واصرف أُويقات الحياة بطاعةٍ وانظر الى الدنيا بعين حقارة
(1) أرشيف مجموعة محبي الأديب وليد قنباز