الراوي: عبد الرحيم العمر
كان يا ما كان في أديم الزمان كان في رجال منتوف وفقير الحال، بيشتغل حطاب عايش مع مرتو العجوز وحدن والله ما رزقن بولد، في أحد الأيام وهو عما يكسر ويجمع الحطب بالغابي، سمع صوت غميق عما يناديه اتلفت حواليه ما شاف حدا، رد تابع شغلو بعد شوي سمع الصوت مرة تاني عما يقول: اطلّع بين اجريك بتشوفني.
خاف الزلمي وتعوذ من الشيطان الرجيم واطلع بين اجريه قام جفل لما شاف والعياذ بالله راس حصان لحالو، اتعجب من هالشوفي اللي بتطير العقل وما عاد يعرف شو بدو يسوي، يهرب والاّ يوقف وإلاّ يتخبى ؟؟؟؟ وهو واقف متحير بأمرو كيف راس حصان عما يحكي معو، وهاي شغلي ما صارت بعمرها…
شوي سمع الصوت مرة تاني عما يحاكيه، ويقول: لا تخاف مني يا عمي احملني معك عالبيت، بتنتفع مني كتير إن شاء الله .
تردّد الحطاب وتحير في البداية وخاف منو، لكن الرأس أكّدلو أنو ما راح يندم أبداً، قام اتشجّع الحطاب واتكل على الله، ورفع الراس وحطو بكيس وحملو على ضهرو ورجع عالبيت.
لما وصل البيت وشافت مرتو شو في بالكيس صابتا الرعبي وصارت تصيح وتعيط وطلبت منو يرميه برّاة البيت.
قام الراس حكاها: أرجوك يا مرت عمي خليني عنكن واتحمليني، وأنا راح كون متل ابنك وان شاء الله الله بيغنيكم بحسنتي وما بتندمو أبداً.
هديت المرا وحن قلبا على هالراس وقالت بنفسها: الله ما رزقني ولاد راح بعملو ابني وما راح نخسر شيئ راح نجرّب يمكن أن يكون حكيو مظبوط، وإن ما طلع مظبوط بنرميه بالغابي وبنخلص منو.
قامت المرا جهزتلو غرفة خاصة وفرشتا، وحطتو بالفرشي وغطتو وطلب الراس منا تجبلو شوية فستق وبندق ولوز وجوز، فراحت شحدتلو شوي وجابتن وحطتلو اياهن وتركتو ونامو ليلتن عما يفكرو بهالعجيبي اللي صارت معاهن.
عند الصبح فات الحطاب ومرتو يتفقّدوا راس الحصان ويطمنو عليه، لقوه بأحسن حال واستقبلن بوجه بشوش وصبح عليهن وطلب من الحطاب يمدّ إيدو على تمو، فلقى فيه جوهرة كبيري مالها مثيل في العالم. فرحو فيا كتير وحملها الحطّاب وراح لعند شيخ التجار وباعها بمبلغ كبير، ومر عالسوق اشتري تياب وطعام وشراب واغراض للبيت، وبقي معو قسم من المال خباه بالصندوق …
وهيك صار كل يوم الصبح يلاقو جوهرة بتم الراس، وصاروا يعتنو بالراس أكتر وفرشولو غرفتو بالصوف والحرير والديباج، وجابولو شوال فستق وشوال بندق وشوال لوز ودلّلوه كأنو ابنن.
في أحد الأيام دخلو عليه لقوه حزين ومهموم سألوه عن سبب حالتو. قلن: أنا عايش لوحدي بدي تخطبولي وتجوزوني.
استغربو هالطلب منو وحاولو أنو يفهموه أنو ما في بنت بتقبل فيه. فقلن: هادا الأمر اتركوه علي وما بدي تخطبولي غير بنت الملك، وهاي كومة جواهر اعطون للملك مهر لبنتو نور الصباح واتركو الباقي علي.
صدقو الجماعة وراحو فاتو عالملك وهني عما يرجفو من الخوف، وعرضو عليه كيس الجواهر والألماس اللي ما شاف متلن في مملكتو كلا، وإنها مهر لبنتو إن وافق على تزويجا من ابنن راس الحصان، وقالولو: أنن ما بدن يعملو لاحفلي ولا عرس.
لما شاف الملك بريق الجواهر طار عقلو وغرّو الطمع، فوافق في الحال دون أن يفكّر بالأمر، وكانت بنتو معجزتن مشان جازتها وما كانت ترضى حدا من الملوك والأمراء اللي تقدمولا، وحتى لا تتردّد وترفض كتب كتابها على راس الحصان وصاح على بنتو: تعالي يا نور الصباح هيري نفسك واجمعي اغراضك، وروحي مع عمك أنا جوزتك من ابنو راس الحصان وكتبت كتابك عليه.
حزنت نور الصباح وبكت كتيراً لكن الأمر وقع وصارت زوجة راس الحصان، فلبست تيابا وتزيّنت وراحت مع بيت عمها على دارن، دخلها عمها على غرفة جوزها، شافت غرفة أجمل من القصر مفروشة بأغلى الحرير وأحلى الديباج، وصارت تفتش عن عريسها ما شافتو، استغربت وصارت تسئل حالها وين جوزي اللي حكولي عنو، وهي على هالحال، سمعت صوت ناداها انا تقرب من الفرشي، قربت شوي شوي شافت لفّة من الحرير مطرّزي، مدّت إيدها وفتحتا فشافت راس حصان، خافت منو وفزعت وحاولت تهرب. ناداها وقاللا: يا أميرة أنت مرتي على سنّة الله ورسولو وواجبك تطيعيني، وتعتني في وما راح تندمي بإذن الله تعالى.
اطمأنّت البنت شوي واقتربت منو، وقعدت جنبو وصارت تحاكيه وتسألو، وتسمع منو فلقتو شخصيي لطيفة، رقيقة، كلو فهم وعلم وأدب وذكا، فتونست فيه وصار قريب لألبا، وفهما أنو ما بدو منا غير تعتني فيه وترعاه وتحن عليه، وراح تكون مقابل هالشي أغنى ملكة في العالم.
قعدوا الجماعة الصبح لقو أدام بيتن قصر ضخم أفخم من جميع قصور الملك، انتقلوا عليه وعاشوا فيه أحسن عيشي، وزاد حبن ورعايتن لراس الحصان.
وعاشوا على الحال فترة من الزمن، في ليلي من الليالي نامت نور الصباح بجنب راس الحصان وصارت تمسح رأسو بحب وحنان وهي حاسي بالسعادي، قامت سهت وأخدت غفوي، وهي نايمي حسّت بحركة غريبة بالفراش، وكأنّو إنسان كامل نايم جنبها، فقامت فزعاني وشعلت الضو، وإلاّ شب وسيم الطلعة بهيّ الجمال سبحان اللي خلقو نايم بالفراش، وما في لا راس حصان ولا شي، استغربت الأمر مدت إيدا وصارت تهز الشب وتفيقو من نومو، ففتح عيونو وهو عما يتشاهد: لا إله إلاّ الله وأن محمدا رسول الله، والتفت على الأميرة وقالا: لا تخافي أنا جوزك راس الحصان، وقعد يحكيلا قصتو وكيف سحرتو جنّية لأنو رفض يتجوزا، وأنو كان مرصود وما بينفك السحر عنو حتى يصير ألو أهل وزوجي يرعوه ويحبوه، والله أرسللو الحطّاب ومرتو حبوه ورعوه متل ابنن، وأرسلو الأميرة حبتو متل ما هوي وهادا اللي خلّصو من السحر والحمد لله.
فرحت نور الصباح وأيقظت الحطّاب ومرتو، وبشرتن بالخبر وفرح الجميع، وأقاموا الاحتفالات وجدّدوا الأعراس، وعاشوا في ثبات ونبات وخلّفوا صبيان وبنات.[1]
[1] نقلاً عن موقع مدونة سورية