د. عزة علي آقبيق – التاريخ السوري المعاصر
ولد في دمشق، أمضى طفولته في حي القنوات. وتلقى علومه الأولية والثانوية، في مدارسها.
يقول المهندس خليل الفرا: اجتمعت به في المدرسة الابتدائية في حي القنوات عام ١٩٢١م وكانت القوات الفرنسية قد دخلت الشام، وكان يتقدمني بصفين، لنجتمع مرة أخرى في مكتب عنبر( التجهيز الرسمية)، أوائل الثلاثينيات، حيث أتم هو المرحلة الثانوية بحصوله على البكالوريا، ليغادر دمشق إلى فرانسا ليلتحق بمدرسة الهندسة في أستراسبورغ، وفيما بعد التحقت بالجامعة اليسوعية في بيروت وكان ذلك عام ١٩٣٦م، أنهى الدردري دراسته، وكان قد تزوج من فرنسية، وعاد إلى دمشق، حيث أسس مكتب هندسي، وكان عدد المكاتب الهندسية في تلك الفترة عشرة مكاتب فقط، في نفس العام تأسست أول نواة لنقابة المهندسين ، ترأسها المهندس الأستاذ صلاح الدين شيخ الأرض.
بدأ الدردري العمل ليكون من أوائل المهندسين الذين أسهموا في النهضة العمرانية لمدينة دمشق، وليكون من أهم المهندسين مع زملائه عبد الرزاق ملص، وشكيب العمري، ليترك بصمته في أحياء عدة منها الشعلان، وشارع العابد، وبعد الحرب العالمية الثانية، بدأ العمل في حي أبو رمانة وعين الكرش.
يقول الأستاذ الفرا: جمعنا المجلس البلدي لمدينة دمشق عام ١٩٥١م، حيث شغل الدردري منصب نائب رئيس المجلس، وعضو في مجلس الأوقاف الأعلى، ليتولى بعدها منصب مدير عام لمؤسسة الكهرباء، التي انتقلت ملكيتها إلى الحكومة السورية، وترأس مجلس إدارتها، وفي تلك الفترة تم البدء بإنشاء نقابة المهندسين، وكانت عضويتها لأصحاب المكاتب الهندسية فقط، برآسة المهندس عبد الوهاب المالكي، وليشغل الدردري أمانة السر فيها، وكان دورها مقتضباً لقلة عدد أعضاءها المؤسسين، حيث عمل في تلك الفترة أغلب المهندسين كموظفين في وزارة الأشغال العامة، لذلك وبعد اجتماع ضم نخبة من المهندسين، تم إقرار إنشاء جمعية تضم غالبية المهندسين، من كافة الاختصاصات، أطلق عليها جمعية المهندسين السوريين، وذلك عام ١٩٣٦م برآسة المهندس الأستاذ صلاح الدين شيخ الأرض، وفيما بعد الأستاذ المهندس نور الدين كحالة عام ١٩٤٠م، وكان الدردري عضواً فاعلاً فيها، من أهم إنجازات الجمعية، تنظيم المؤتمر الثالث للمهندسين العرب في دمشق عام ١٩٤٧م، ليكون من أنجح المؤتمرات على الاطلاق.
تم إنشاء جمعية المواساة السورية١٩٤٣م، فيما بعد بغرض إنشاء مستشفى عام على غرار مشفى المواساة في مصر، هنا برز منيب الدردري، كعضو فاعل من خلال ماقدمه من جليل الأعمال، كانت محط اعجاب الجميع، فوضع تصاميم الهندسية للمستشفى،وأشرف على تنفيذ بنائه، وبعد اتمام البناء على الهيكل، تعذر على الجمعية الاستمرار في أعمال الانشاء، فتم الاتفاق مع جامعة دمشق، على أن تقوم الجامعة بإتمامه، ليكون فيما بعد تابعاً لكلية طب جامعة دمشق، تابع الدردري اتمام أعمال البناء، وكان العمل تحت إشراف الجمعية ولو شكلياً.
وعن نقيب نقابة المهندسين مختار دياب رحمه الله: قدم لي الدردري، فكرة إنشاء نقابة المهندسين، لتكون أسوة بنقابات الأطباء والصيادلة والمحامين، فوافقت.
بدأ الدردري العمل النقابي من خلال مجموعة من المهندسين الشبان، ومن بينهم الزملاء خليل الفرا وعبد الرزاق ملص وشكيب العمري حيث أسسوا نواة أول نقابة للمهندسين بدمشق عام 1936 م، وسميت آنذاك جمعية المهندسين بدمشق، ليشغل الدردري منصب أمانة السر حينها، وتولى آخرون وضع الأسس الناظمة لذلك، وعقدت اجتماعاتهم في مكتب المهندس خليل الفرا الخاص مقابل البرلمان، وبالحوار النقابي تم التأكيد على تشكيل تجمع مهني نقابي هندسي وكان عدد المجتمعين في أول اجتماع تسعة مهندسين، وكلف منيب الدردي بإجراء المراجعات المطلوبة، على أن يعقد الاجتماع الثاني بعد الحصول على الترخيص من وزارة الداخلية لتأسيس نقابة المهندسين بدمشق.
تحدث دياب: عن بداية مهنة الهندسة في سورية بعدد محدود من المهندسين، الذين تميزوا بمنجزات هندسية، لهاطابعها الجمالي المميز.
وبصدور المرسوم التشريعي رقم ( 19 ) لعام 1950، القاضي بتنظيم مهنة الهندسة، تم تأسيس ثلاث نقابات للمهندسين، نقابة المنطقة الجنوبية ومقرها دمشق، وتشمل محافظات حوران والسويداء وحمص وحماة، ونقابة المنطقة الشمالية ومقرها حلب، وتشمل الحسكة، دير الزور، إدلب، الرقة، ونقابة المنطقة الساحلية، ومقرها اللاذقية وتشمل اللاذقية وطرطوس.
كما حددت أربعة اختصاصات للتسجيل في النقابة هي: الهندسة المدنية، والهندسة المعمارية، والهندسة الميكانيكية، والهندسة الكهربائية.
بدأ العمل النقابي والمهني قبل صدور المرسوم التشريعي رقم (١٩) الخاص بتنظيم مهنة الهندسة في الجمهورية العربية السورية.
بعد صدور موافقة وزارة الداخلية اجتمع المهندسون وأجمعوا الرأي على اختيار المهندس مختار دياب ليكون النقيب الأول لنقابة المهندسين.
وكان عدد المهندسين في تلك الفترة لا يتجاوز 200 مهندس، منهم 20 مهندساً لم يتموا تخرجهم، بل مارسوا العمل بالخبرة منذ فترة الانتداب الفرنسي، فصدر قرار منحهم شهادة عمل من النقابة، ليكونوا تحت اسم المهندس المتدرب.
أسس المرحوم الدردري منذ عودته إلى دمشق مكتباً هندسياً خاصاً عام 1936 م، واستمر في عمله الحر حتى تقاعده في عام 1985 م، تدرب على يده عدد كبير من المهندسين.
قام بدراسة العديد من المشاريع السكنية والتجارية والمباني الإدارية ومنها دراسة وتنفيذ تحويل القشلة- الحميدية بدمشق إلى قاعات للمحاضرات لصالح جامعة دمشق، كان له الفضل في إنشاء العديد من المدارس العامة، وعُدّ مكتبه نواة ومرجعاً لمديرية الأبنية المدرسية.
من أهم منجزاته، وضع تصميم مستشفى دمشق(المجتهد) والإشراف على بنائه.
عين الدردري مديراً عاماً لمؤسسة كهرباء دمشق، ورئيسا لمجلس إدارتها، وتم خلال ترؤسه لها تنفيذ مشروع توليد الكهرباء بالعنفات المائية من سد التكية في سوق وادي بردى وتنفيذ مشروع توليد الكهرباء بالطاقة البخارية في منطقة الهامة، وتم إنارة جميع قرى الغوطتين الشرقية والغربية.
انطلق الدردري إلى العمل الاجتماعي والخيري والإنساني فكان:
أحد أعضاء جمعية المواساة السورية ثم رئيساً لها، قام بتنفيذ دار المواساة للمسنين خلف مشفى الاطفال بدمشق، واستمر في رئاسة جمعية المواساة حتى وفاته عام 1995.
ليكون الدردري أحد أعضاء جمعية مكافحة السل ثم رئيساً لها حتى وفاته عام 1995 م، من أهم أعمال الجمعية إنشاء مشفى السل بحرستا الذي تحول إلى مشفى عسكري بعد حرب حزيران 1967 م، أشرف على بناء وتنظيم مشفى السل بحلب، الذي ضم إلى جامعة حلب، ومشفى السل للأطفال المصدورين جانب مشفى ابن النفيس بدمشق، بالإضافة إلى عدد من المستوصفات في الأحياء لتقديم الدواء والعلاج والمساعدات العينية للمرضى.
حصل المهندس منيب الدردري على أوسمة أهمها، وسام الاستحقاق السوري، وأوسمة عديدة من دول صديقة نظراً لما قدم من أعمال وإنجازات في مجال الأعمال الخيرية والإنسانية.
توفي الدردري، في شهر أيلول عام 1995 م، وهو يتابع مشاريع الجمعيات الخيرية التي ترأسها بالرغم من اعتلال صحته، ودفن بدمشق وبهذا انطوت صفحة ناصعة ومشرفة لأحد أبناء هذا الوطن.
المصادر:
مقابلة مع الأستاذ المهندس خليل الفرا، بتاريخ ١ /٢٠١٤/٧
نعمة زيدان، عالمنا العربي، سورية ولبنان، بيروت،١٩٥٦م، ص٣٧٥.
عبد الرحمن العطار، رسالة خطية.
مجلة المهندس العربي.