سلايد
د. عادل عبدالسلام (لاش): عيد الفصح في التراث الشركسي
د. عادل عبدالسلام (لاش) – التاريخ السوري المعاصر
هلت أيام عيد الفصح المجيد على العالم يوم الأحد (1 – نيسان 2018) ، وهو وإن كان واحداً من أعياد الأخوات والأخوة المسيحيين فإن أغلب البشر احتفلوا به كلٌ على طريقته وبيئته، وتبادل التبريكات والتهاني والأماني بأن يعم الكون السلام والمحبة. فللجميع أطيب الأماني والتحية.
وذكرتني هذه المناسبة بما يقابل هذا العيد من طقس مشابه كان أسلاف الشراكسة يمارسونه في العهد الوثني والعهد المسيحي، يعرف بـ (IутIэжь). وكان يحتل مكاناً مهماً في الثقافة الروحية والمعتقدات الشركسية المتوارثة. ولقد تحدثتُ عنه في أكثر من مناسبة وموقع….وهنا أكرر الحديث عنه لتصل المعلومة إلى من لم يسمع بها أو لم يقرأ عنها من القراء الكرام، مقتبسة حرفياً من (القاموس العربي- الشركسي) لـ ( عادل عبدالسلام-لاش-) الذي أصدرته (الأكاديمية الدولية للثقافة الشركسية) في عماّن سنة 2013 . ص. 487. فالكلمة:
” تعني (الفِصح) و (الصيام) وهو عيد عند اليهود والمسيحيين. وهو طقس قديم كان الشركس يمارسونه في العهد الوثني قبل دخول المسيحية إلى ديارهم. وهو احتفال ديني كان يقام في فصل الربيع. إذ كان للشركس القدماء أماكن للعبادة تقع في الخلاء والمروج أو الغابات، يحفظونها نظيفة ومحمية، وكانت لها قدسية وحرمة كبيرة تحمي العائذين بها من العقاب مهما كان جرمهم. وكان الشركس يصومون 48 يوماً قبل عيد الفصح. وكانوا يمتنعون عن أكل اللحوم وغيرها، تماماً كما هو الحال عند المسيحيين. ففي يوم الفصح كان الشركس يخرجون إلى مكان العبادة حاملين الأطعمة الشهية، ومرتدين أجمل الحلل النظيفة.
يبدأ الاحتفال بالتوسل والدعاء لشجرة الرب حيث يؤتى برأس من الأنعام (بقرة أو ثور أو غيره) إلى قاعدة الشجرة. حيث تذبح الأضحية في مكان بعيد عن الشجرة، ثم يسلخ جلدها، وتقطع في مكان غير مكان الذبح. ثم يطبخ لحمها في مكان آخر. كما تؤكل في موقع مغاير. أما العظام فتطمر أسفل الشجرة وأصلها.
وكان المحتفلون كلهم، ذكوراً وإناثاً، يعقدون حلقة رقص في دائرة مغلقة، يضع فيها الواحد يده على كتف الآخر مع الدوران (على الأغلب حول شجرة الرب) بانتظار نضج الطعام. ويردد الجميع أثناء الرقص الأغاني والابتهالات الخاصة بالمناسبة. ثم يجتمع الكل للطعام حيث يتبادلون كلمات المديح والدعاء والأنخاب. بعد ذلك يتابع الفتية أفراحهم وألعابهم بإشعال نار يقفزون عنها، ثم يركضون حاملين مشاعل من القش، يجوبون بها الحقول والبرية داعين الرب أن يمنحهم البركة والخصب.
لم يعد الشركس يمارسون هذا الطقس اليوم، وأصبحت الكلمة تعني عيد الفصح عند المسيحيين. وتذكر الأخبار أن بعض بقايا هذا الطقس شوهدت في القرن التاسع عشر في الوطن الأم”.