سامرة القواص – التاريخ السوري المعاصر
من أعلام بلدي الدكتور هيثم الكيلاني الباحث الاستراتيجي 1926-2007
ولد الدكتور هيثم الكيلاني في مدينة حماة عام 1926من أسرة عريقة، والده الشيخ أمين بن مصطفي زين الدين الكيلاني الحموي، عالم عامل، وأديب شاعر، وباحث مؤرخ مدقق، وخطيب مسقع، وسياسي حكيم، جمع بين العلم والأدب والفن، نفاه الفرنسيون إلى حلب عام . ووالدته السيدة صبا رفعت المؤيد العظم من أسرة عريقة بالنسب وكان له ثلاثة أشقاء.
حصل على شهادة كلية أركان الطيران عام 1953 وشهادة الكلية العليا للحرب الجوية من باريس عام 1956 كما حصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ المعاصر من جامعة لايبزغ عام 1973 وكان يتقن اللغات العربية والفرنسية والانكليزية.
ويعد الدكتور الكيلاني من أهم العسكريين والديبلوماسيين والاستراتيجيين العرب. وقد شارك في العام 1955 في مؤتمر باندونغ الذي عقد في أندونيسيا بحضور وفود 29 دولة أفريقية وآسيوية. تقلد الراحل خلال حياته الحافلة العديد من المناصب في السلك العسكري ثم انتقل بعدها الى السلك الدبلوماسي في نهاية العام 1961. شغل في السلك الدبلوماسي عدة مناصب نذكر منها :
– سفير لدى الجزائر ثم المغرب في الستينات، ثم لدى المانيا الديمقراطية (1969-1972).
– المندوب الدائم لسوريا بين عامي (1972-1975)، ثم مدير إدارة المنظمات الدولية بوزارة الخارجية بين عامي 1975 ـ 1983.
كما شغل منصب عضو الوفود السورية الى مؤتمرات القمة العربية ومجلس جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي وحركة عدم الانحياز ودورات الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي عقدت ما بين 1975-1983.
– عمل كمستشار لدى جامعة الدول العربية (1984-1999) ورأس خلال ذات الفترة تحرير دورية الجامعة (شؤون عربية(. – عمل في السلك التعليمي وكان أستاذاً لمادة المنظمات الدولية في المعهد العالي للعلوم السياسية في الفترة الواقعة بين (1978-1981).
ورأس تحرير مجلة شؤون عربية بين عامي (1984-1999) وهي دورية الجامعة العربية ولها صفة اكاديمية (يتم اعتماد الدراسة المنشورة فيها في ترفيع الاكاديمي الذي حررها)، ثم مجلة قضايا استراتيجية بين عامي 1999-2002.
– أنجز عدداً من الكتب الهامة في مجال البحث الاستراتيجي تصل إلى 22 كتاباً، هذا إلى جانب أكثر من أربعمئة دراسة ومقالة في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية والسياسية نشرت في مجلات ودوريات حيث عمل مدرساً هناك. صدرت في لبنان ومصر وسورية والسعودية والامارات العربية المتحدة والمغرب والجزائر وتونس..
وتسلط السيدة رالة ابنة الدكتور هيثم والصديقة العزيزة على بعض الجوانب الإنسانية التي كانت تلمسها في والدها: “ربما لا أعرف الكثير عن والدي رحمه الله كضابط سابق أو دبلوماسي أو حتى كباحث في مجال يهتم فيه المتخصصون، إنما لدي الكثير من الفلاشات عن هيثم الكيلاني الانسان، الكتاب ونظارات القراءة التي لم تكن تفارقه في المنزل وتكريسه لما تبقى من وقته خارج العمل والكتابة لعائلته. ما زلت أشعر بملمس كفه على كتفي. لم يعاتبني يوما، بل آزرني في الصعاب. ربما أضيف مفاجأتي لبكائه المرير حين سمع بوفاة عبد الناصر، رغم أنه لم يكن ناصريا، ولعه بأغاني عبد الحليم الرومنسية، وربما أمرا قد يبدو تافها ولكن يعني لي الكثير عن والدي… مثابرته على وضع وردة حيث دفن (زورو)، الكلب الصغير الذي اعتنى به لعشر سنوات – حين مضيت وأخي، كل لحياته- بعد أن كفنه ب(السلك) الحموي. وختاماً برحيل الدكتور هيثم الكيلاني فقدنا باحثاً وعلماً ومعلماً وعالماً كبيراً وقبل أي شيء فقدنا إنساناً أعطى وطنه بكل تفان واخلاص، وأغنى المكتبة الاستراتيجية والسياسية والعسكرية العربية بمؤلفات مهمة ستبقى مراجع لكل دارس وباحث في الفكر السياسي العربي القديم والمعاصر.