حافظ قرقوط – جيرون 6 شباط 2018
طبيب عيون سوري، من مواليد مدينة حماة عام 1900، لعائلة ميسورة ومحبة للعلم، دفعَته إلى تحصيل العلم ومتابعة الدراسة في كل الظروف، حيث درس المرحلة الابتدائية والإعدادية في مدارس حماة، ثم تابع دراسة المرحلة الثانوية في مدينة حمص، لينتقل إلى دمشق، ويكمل تعليمه في معهد الطب العربي فيها.
غادر الشواف، بعد تخرجه من معهد الطب، إلى مدينة جدّة في الحجاز، حيث بدأ مشواره طبيبَ عيون، وعند انطلاق الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي؛ غادر الحجاز عائدًا إلى مدينته حماة، وبدأ التخطيط مع أصدقائه على كيفية مواجهة الاحتلال الفرنسي، حيث تميّز مطلع القرن الماضي، بأن غالبية الشخصيات السورية المتنورة، انحازت إلى الناس، والتزمت الخط الوطني، وكان الشواف واحدًا من هؤلاء الرجال.
انطلقت ثورة حماة بقيادة فوزي القاوقجي، في تشرين الأول/ أكتوبر 1925، لتخفيف الضغط عن ثورة جبل العرب بقيادة سلطان الأطرش، وقد اعتُبرت امتدادًا لها، وكان الشواف أحد رجالها، لكن الفرنسيين قابلوها بعنف شديد، منتبهين إلى أهمية مدينة حماة وموقعها الجغرافي وسط سورية، واستقدموا قوات كبيرة لإخمادها بسرعة، وقصفوا قلب المدينة ودمروا جزءًا مهمًا من أحيائها وأسواقها التاريخية؛ ما اضطر ثوارها، ومنهم الشواف، إلى المغادرة نحو جنوب سورية، فتابع نضاله الوطني في الثورة السورية الكبرى، في مناطق السويداء وغوطة دمشق، واستمر هناك نحو عام كامل، وقد حكمت عليه سلطات الاحتلال بالإعدام.
بعد دخول الفرنسيين إلى مناطق السويداء، وتقلص مساحة العمل العسكري للثوار؛ قرر الثوار اللجوء إلى منطقة (الأزرق) في الأردن، وكان الشواف من بينهم، وبعد تدخل سلطات الاحتلال الإنكليزي للضغط عليهم، غادر الجميع كلاجئين إلى (وادي السرحان) ومنطقة (قريات الملح) في السعودية، ثمّ غادر الشواف تلك المنطقة الصحراوية إلى مدينة الرياض، وقابل الملك عبد العزيز آل سعود، وكان قد تعرف عليه سابقًا في أثناء عمله بجدة كطبيب، قبل التحاقه بالثورة السورية ضد الفرنسيين.
عُيّن الشواف طبيب عيون في الإدارة الصحية بالرياض، ثم أوفد عام 1934 إلى مدينة إسطنبول في تركيا، ليختص بمعالجة الرمد، وفي عام 1936 سقط حكم الإعدام عن الذين حكمتهم به سلطات الاحتلال، ومنهم الشواف، نتيجة اتفاقية 1936 بين سورية وفرنسا، وبعد مشاركته في مؤتمر الرمد بالقاهرة عام 1937، استطاع زيارة مدينته حماة لأول مرة بعد مغادرتها، مستفيدًا من سقوط حكم الإعدام، حيث استُقبل في مدينته استقبالًا حافلًا كأحد رجالها الوطنيين.
استلم الشواف عام 1943، إدارة الشؤون الصحية في المدينة المنورة بالمملكة السعودية، وفي عام 1948 جاء مع القوات السعودية التي توجهت إلى فلسطين، وعاد بعد النكبة إلى متابعة عمله بالسعودية. قلده الرئيس (فوزي السلو) وسام الاستحقاق السوري عام 1953، وأثناء مشاركته في مؤتمر طبي في مدينة الإسكندرية بمصر عام 1954، تعرض لنكسة صحية، توفي على إثرها في أثناء المؤتمر، عن 54 عامًا من العمر.
يُعد الشواف من رعيل الرجال السوريين الذين انخرطوا مبكرًا في النضال الوطني السوري، وذلك في الربع الأول من القرن الماضي، حيث جاهد لتحقيق استقلال البلاد، كما بقي خلال مسيرة حياته مرتبطًا بكافة القضايا العربية، ومنها قضية فلسطين، وقد أكد العديد من الذين دوّنو عنه، أنه نال ثقة ومحبة كل من عرفه، كما شكلت مدينته حماة، بأهلها ونهرها ونواعيرها ودفء عاداتها كما وطنه سورية، جزءًا مهمًا من شخصيته وطباعه، فلم يبخل بجهد وطني أو إنساني، وقد غادر الحياة، وهو في ذروة عطائه الإنساني والعلمي.