اعلام من الشهباء .. اعلام جمعية العاديات بحلب
طه اسحاق الكيالي (١٩١٩-١٩٩٧).
ولد الدكتور طه الكيالي ابن الشيخ محمد اسحق الكيالي في صبيحة يوم من أيام سنة / 1335 / هـ – 1919 م/،في حارة وراء الجامع في حلب، وكان والده يدير الزاوية (التكية) الكيالية في حارة وراء الجامع الكبير أو الجامع الأمويدرس الدكتور طه الكيالي فترة في كتّاب الشيخ (بشير الأسد) القراءة والحساب والخط والقرآن الكريم، وكان الشيخ بشير معروفاً بشدة تعامله مع الطلاب، ثم درس في المدارس الخاصة التي أخذت بالظهور آنذاك، مثل المدرسة الفاروقية للمرحوم الأستاذ عبد الغفور المسوتي في خان الصابون، والمدرسة العربية الإسلامية في حارة الباشا،وحصل على الشهادة الابتدائية من المدرسة العربية الإسلامية عام / 1930 م/ وقد منحته إدارة المدرسة وسام الافتخار من الدرجة الثانية لحسن سلوكه واجتهاده.
وبعد حصوله على الشهادة الابتدائية أمضى سنة واحدة في المدرسة الفاروقية، ثم انتقل بعدها إلى مدرسة (اللاييك)الفرنسية، وكانت آنذاك في برية المسلخ، وكانت تسمى أيضاً مدرسة (ويفاند)، نسبة إلى المندوب السامي الفرنسي الثاني الذي جاء إلى سورية بعد الجنرال (غورو)، وقد حصل الدكتور طه على الشهادة الثانوية (البكالوريا) عام 1937 م بفرعيها الفلسفي والعلمي.
كان الدكتور طه يطمح بالسفر للخارج لدراسة الكيمياء والتخصص فيها، إلا أن ظروف البلد المحلية آنذاك لم تكن تساعد، إضافة إلى الظروف الدولية التي كانت هي الأخرى غير مواتية، لذلك نصحه الدكتور عبد الرحمن الكيالي وهو ابن عم له، وكان وزيراً للمعارف في حكومة الكتلة الوطنية (1936 – 1938) أن يعمل في وزارة المعارف كمعلم في المدارس الابتدائية والتريث عن السفر إلى الخارج إلى حين تكون الظروف ملائمة، فاشتغل الدكتور طه معلماً في المدارس الابتدائية من عام (1937 – 1939) م في مدينة حلب، مثل مدرسة العرفان والنجاح والاستقلال، وقد أجاد التدريس، وكان عند حسن ظن المسئولين في مديرية المعارف في حلب، مما حداهم إلى ترشيحه للدراسة في دار المعلمين العليا في دمشق، فقضى فترة قصيرة في دار المعلمين العليا، إلا أنه ما لبس أن تركها عام 1939 م إلى كلية الطب في دمشق، وكانت تسمى آنذاك (المعهد الطبي العربي) في جامعة دمشق التي كانت تسمى الجامعة السورية.
تخرج الدكتور طه اسحق الكيالي من كلية الطب عام 1948 م، وكان قد تأخر في دراسته، وهذا يعود إلى بعض العقبات التي واجهته والتي ذكر بعضها، كتعرضه لكسر في ساقه ترافق بالتهاب في نقي العظام مما جعله يترك الكلية لفترة والعودة إلى حلب قبل أن يتخرج منها.
اختص الدكتور طه الكيالي في التخدير والإنعاش، وعمل في شعبة التخدير والإنعاش سنة 1949 م في مستشفى الغرباء بدمشق، إلا أن وفاة والده الشيخ محمد اسحق الكيالي في هذه السنة فرضت عليه أن يترك هذه المهمة ويعود لحلب.
بعد رجوعه إلى حلب عمل لمدة شهرين في عيادة المرحوم الدكتور (محمد عاشوري) في بلدة معرة مصرين، ثم عين طبيباً في المستشفى الوطني في حلب (تحت القلعة)، وبقي في هذه المستشفى إلى أن أصبح مديراً لها عام 1952 م، ثم سنحت له الفرصة للإيفاد إل كوبنهاجن (الدانمارك) على نفقة منظمة الصحة العالمية للتخصص في التخدير والإنعاش عام 1954 م، وبقي فيها حتى عام 1955 م، ليصبح أول طبيب مخدر في مدينة حلب، ثم رجع إلى كوبنهاجن مرة ثانية عام 1961 م في دورة تقوية إضافية في علم التخدير والإنعاش لبضعة أشهر، ومن ضمن دراسته العليا مشاركته في دورة علمية في أمراض الكبد عام 1982 م في لندن، وكانت الدورة بإشراف الدكتورة الشهيرة في هذا الاختصاص (شيلا شيرلوك).
لعب الدكتور طه دوراً في تأسيس كلية الطب في حلب بحكم موقعه مديراً لصحة حلب ونقيباً للأطباء، ودرّس فيها منذ بداية تأسيسها وحتى وفاته عام 1997 م مادة تاريخ الطب وآداب الطبيب، كما درّس لمدة سنتين أمراض الكبد والمرارة من 1972 – 1974 م، وأعطى بعض المحاضرات في الأمراض العصبية من 1976 – 1977 م، والطب النفسي من 1976 – 1978 م في قسم الأمراض الداخلية، وأشرف على عدد من الأطروحات.
أسس مدرسة التمريض في المستشفى الوطني حين كان مديراً له، وبذل قصارى جهده أن تثمر هذه المدرسة، وكان أول مدير لها وأول مدرس فيها.
كان الدكتور طه من رواد (معهد التراث) الأوائل، وكان من أوائل المتعاونين مع الدكتور (أحمد يوسف الحسن) في تأسيس الجمعية السورية لتاريخ العلوم، وحين افتتح معهد التراث شارك الدكتور طه في جميع نشاطاته وخاصة حينما افتتح دبلوم الدراسات العليا في تاريخ العلوم، وكان نشاطه في قسم تاريخ الطب في معهد التراث، وتولى عام 1984 م تدريس مقرر تاريخ الطب الحديث وتاريخ طب الأسنان، وبقي في تدريسه حتى عام 1993.
كانت من سمات المرحوم الدكتور طه هوايته في القراءة والبحث، وفي اقتناء الكتب، فمكتبته العامرة الموزعة في العيادة وفي البيت دليل على ذلك.
للدكتور طه اهتمام كبير في الأدب والشعر والتاريخ وعلوم التفسير، كما أن له اهتمامات في نظم الشعر.
…..
صالح عبدالعزيز زكور عضوجمعية العاديات بحلب
المصدر فصلية العاديات اعلام راحلون
من أرشيف التجهيز الأولى ثانوية المأمون و معاوية بحلب