أعلام وشخصيات
لؤي كيالي
الفنان التشكيلي العالمي المرحوم لؤي كيالي 1934 – 1978
ولد في حلب 1934
نجم الستينيات في حركة التشكيل السورية
أعماله تحمل كيمياء تثير حواسنا… وتهيجنا
خريج أكاديمية روما للفنون الجميلة.
حائز الميدالية الذهبية للأجانب في مسابقة “رافيتا” .
بدأ أولى خطواته بالرسم في عام 1945 ليعَرْضٍ أولى لوحاته في مدرسة التجهيز بحلب عام 1952.
أقام عدة معارض في مدن عديدة مثل :روما وميلانو وبيروت ودمشق وحلب.
حاضر كمدرس لمادتي الرسم والزخرفة في كلية الفنون الجميلة بـدمشق.
الباحث والناقد “أنور محمد” المهتم بالفنون عموماً وبالفن التشكيلي قال عن الفنان لؤي كيالي :
– إنَّ “لؤي كيالي” لم يكن يسبق عصره، لكنَّه كانت تخامره أحاسيس بأنَّه عبقريٌّ، بأنَّه رسَّامٌ يتعجَّل الزمن، لم يكن منحازاً للجماهير!! إنَّما أعماله كانت تحمل في داخلها كيمياء، ذبذبات كيميائية تثير حواسنا، تهيِّجها، فنعرف أنَّّ لـ”لؤي” علاقة بأحلامنا، أو أنَّه يرسم لنا فنحبُّ أعماله. لأنَّ سعيه لتجسيد لذَّته بالجمال /جمال الفكرة/ التي يطرحها كموضوع لعمله، وجمال المشهد اللوني الذي يزيِّن الفكرة يدفعنا للتساؤل: هل هناك أفكار جميلة وأفكار بشعة؟.
– “لؤي” يدفعني للقول أنَّه كان مثل الطفل، كان طفلاً كلَّما زاد بكاؤه، كلَّما ازدادت أمُّه تعلُّقاً؛ حباً، وليس شفقةً به. “لؤي” كان يعتبر نفسه ولداً وحيداً ليس له رفيق غير فنِّه، غير رسوماته، الفن كان ملاذه الأخير.
– “لؤي” كان من الذكاء بأنَّه يلفُّ على خصومه من بعيد، يثيرُ معاركَ لكن دون أن يخسر سهماً، ولسببٍ قد يبدو عادياً إلا إنَّه عند “لؤي” مهم، وهو أنَّ “لؤي” لا يعترفُ بالنقد، النقد الذي ينال من أعماله وليس من شخصه. فهو يدَّعي أنَّه يُجسِّدُ الفكرةَ في أعماله في لحظات سموِّها وألقها، إنَّه يريد أن يحسِّن العلاقة ما بين اللوحة وبيننا، أو قل يقوِّيها، لأنَّها برأيه (حقيقة). الحقيقة التي نبحث عنها، نفتقدها. وأعتقد أنَّ لؤي على حقٍّ لأنَّه يرسم بعد أن تكون الفكرة قد استوت لديه – نضجت- فمثلاً عندما يرسم المرأة، لا يسعى إلى رسم الشهوة، المتعة. فالجسد الأنثوي بقي عنده إنسانياً، سيِّداً، المرأة بقيت قوية».
الروائي “فيصل خرتش” قال عنه:
– لقد تميز “لؤي” بالجهد الدؤوب والعمل الجدي المستمر في البحث الفني، فتارة يتخذ قرية “معلولا” مركز بحثه، فلا يترك منها زاوية إلا ويتأملها بخطوط سوداء ومساحات رمادية أو زرقاء، أو ألوان ضبابية متداخلة، في (صباح الخير.. أيها الحزن). وتارة ينقل جهده إلى جزيرة “أرواد” ويحاصر الصيادين في ساعات ترميمهم الشباك، ويقنصهم في أوضاع جلساتهم الغريبة، ويحلو له الركن في مقهى “القصر”، فلا يترك الباعة الصغار دون اهتمام فيرصدهم في أكثر أعماله، وإنما التعبير عن المضامين الإنسانية وبؤس الإنسان الحزين التي ترتبط بالمعاني النفسية والمتصلة بالحزن والألم بوجه عام.
الفنان والناقد التشكيلي “طاهر البني” قال:
– لم يكن “لؤي كيالي” نجم الستينيات في حركة التشكيل في مدينة حلب وحسب، فقد كان وما زال رغم رحيله نجم الحركة التشكيلية السورية، لا لكونه الفنان الأكثر إبداعا والأغزر إنتاجا، بل لأنه الفنان الذي استطاع انتزاع إعجاب الجمهور الفني بأعماله، وشخصه ومسيرته الإبداعية، التي قدم فيها أعمالاً تتسم بالواقعية التعبيرية التي تخاطب الجمهور بلغة بسيطة تحمل في مفرداتها نبرة شاعرية حزينة.
الفنان التشكيلي “سعد يكن” قال عن “لؤي كيالي”:
– “لؤي” صديقي بكل معنى الكلمة، ولا يمكن التساهل معه في الحوار أو السلوك أو في العمل، استطاع من خلال موقفه أن يترك بصمة واضحة في تاريخ حركة الفن التشكيلي السوري، بصمة إنسانية وشخصية من خلال مجمل العلاقات التي مرت في حياته، بالرغم من قلتها نسبيا. وخلال تواجده في حلب بعد عام/ 1969/ ما كان “لؤي” هو نفسه الذي كان في “دمشق” بداية الستينيات في مرسمه في الروضة أو العفيف. لقد تحول إلى شخص منزو حاد الطباع، شفاف وعنيف وهادئ في الوقت نفسه. وتعتمد ثقافة “لؤي” على الثقافة الاجتماعية والتجربة الشخصية أكثر من الثقافة الفكرية التي تعتمد على البحث والتاريخ والتراث.
د.”عمر التنجي” أستاذ جامعي، يقول عن تجربة “لؤي كيالي”:
– لقد خالف المدرسيين و”الحداثيين” في آن واحد، ولم يكن يجيد الدبلوماسية كثيرا كعادتنا نحن أهل “حلب”، لذلك سمعنا أيامها أنه لم يكن على وفاق كبير مع بعض زملائه. كما أن عددا من مثقفي تلك الفترة لم يكونوا يكنون له كل الود. عاد إلى “حلب” بعد أزمته، وكنا نجلس صامتين، وعموما كان “لؤي” قليل الكلام فقد كان ضعيفا “إيديولوجيا”! ثم بدأ يتعافى تدريجيا ويتجاوب مع الأصدقاء والمعارف، ولكنه كان ما يزال هشا سريع العطب. لم يعرف الخبث، بل كان بسيطا طيبا، قد ينفجر ضاحكا كالطفل لسماع طرفة، وقد يحتد في الكلام لسماع ما يعتقده سيئا أو لا أخلاقيا، لكنه في كل الأحوال كان شديد التهذيب». الأديب “وليد اخلاصي” قال: «لقد ظهر “لؤي” كشعلة في سماء الإبداع السوري، وغاب الجسد وظل إبداعه متناثرا داخل “سورية” وخارجها لذا فإن استقطاب ما يمكن من أعماله الأصلية في المتحف سيجعل من شعلة “لؤي كيالي” متوقدة أبدا في ضمير بلده».
“هناء طيبي” صحفية وناقدة تشكيلية قالت:
– كلما تمعنت في النظر إلى لوحات “لؤي”، أجد أن التناول ينبع من إحساس إنساني جمالي عام إنه لا ينظر إلى الواقع براهنيته، إنما يرمي بأنظاره إلى عمق الآن ثم يستشرف الآتي، فهذا الطفل الذي يتوه في أزمة المدينة الواسعة يبحث عن لقمته ولقمة أسرته، هذه اللقمة الشحيحة لا تفجر يأسا في أعماق الفنان بقدر ما تفجر حنوا بالغا ومحبة للطفولة فلا يخون ذلك الحب بتشريح مبالغ فيه، ولا بتشويه يبتعد عن الجمال الذي يعشقه الفنان والذي يكرس حياته بمجملها لهذه القضية بدون جعجعة أو إطناب خطابي.
توفي عام 1978 ودفن في حلب في مقبرة الصالحين..
بتاريخ في 20 شباط عام 1979 أقيم، في دار الكتب الوطنية بحلب، حفل تأبين له من قبل نقابة الفنون الجميلة بالتعاون مع وزارة الثقافة. وفي مساء اليوم ذاته تمّ افتتاح معرض لأعماله في صالة المتحف الوطني بحلب(1).
(1) باسل عمر حريري، الموسوعة التاريخية لأعلام حلب