من مواليد دياربكر بتركيا عام 1909 نشأ وترعر في كنف عائلته المشهورة بالمنطقة وبدأ دراسته في مدرسة الطائفة اللملحقة بكنيستها الشهيرة كنيسة السيدة العذراء المعروفة بكنيسة (مريمانا ).
تابع دراسته في دياربكر ثم توجه إلى استنبول لأستكمال دراساته العليا في كلية الآداب فرع اللغة الفرنسي , وبعد وفاة والده انتقلت عائلته إلى القامشلي بسبب الضغوط التي تعرضت لها هناك وتوجه صاحب السيرة إلى بيروت مباشرة حيث حصل هناك على ليسانس ( إجازة) في الأدب الفرنسي وتم تعينيه مديرا للميتم السرياني لمدة عامين توجه بعدها للقامشلي عام 1933 ليستقر مع ذويه وانطلاقا من مفهومه التربوي في أن تقدم أية أمة وتحضير اية جماعة لا يتم إلا بالتربية والتعليم, كانت مساندته لمدرسة السريان التي كانت الأولى في القامشلي والتي تم فتحها عام 1928 . وبهمته العالية الغيورة تسلم إدارتها عام 1933 وظل يساندها ويقدم لها الدعم المادي والمعنوي ليضمن استمرارها ونجح مسعاه في نشر العلم والوعي بين أفراد المجتمع, وكان له دور واسع في تنمية روح المطالعة وحب اللغة السريانية في نفوس الشبيبة وطور طريقة التعليم وحث المجلس الملي على فتح مدرسة للبنات وبناء صفوف إضافية بسبب تزايد الطلاب.
وقد أرسل بعض الطلاب إلى بيروت ليتموا دراستهم في الميتم السرياني ومنهم حنا موري ويوسف اسطيفو.
وبدأ يفكر في لم شمل الشباب والشابات في تجمع حضاري تربوي سباق في المنطقة كلها فكانت فكرته في تأسيس الفوج الكشفي الرابع في 8-3-1936 تابعا لجمعية مدارس السريان مع رفاقه الغيورين مثل عيسى طباخ وغيره حيث تشكلت فرقة كشفية قوامها أربعون فرداً. وكان لحماس الشباب السرياني والعائلات السريانية الموقرة ونجاحه في تأسيس الفوج الكشفي أثره البارز في دفعه لطرح فكرة تأسيس نادي أجتماعي يستفيد من طاقات الشباب المتحمس ويبرز وجودهم ونشاطهم داخل المحافظة وخارج الوطن ايضاً. فكان نادي الرافدين الرياضي الذي أخذ ينشط شيئاً فشيئاً وسمعته الرياضية يتردد صداها في كل واد , وأسس جمعيتي ( أنا وأنت , محبة الوطن) وكانت هاتان الجمعيتان تتنافسان في الألعاب الرياضية المختلفة ما بين الأعوام 1938- 1941.
وهكذا حقق بجهده وجهد أصدقائه وتلاميذه ماكان يصبو إليه ويحلم به أي داع للتحضر والتقدم.
يقول عنه الأديب السرياني موسى غزال في كتابه الفكر السرياني : كان الملفونو شكري جرموكلي يرغب في تقريب الأدباء ومحبي العلم والملة والاستفادة من مواهبهم وليحثهم على فتح المدارس والمؤسسات والجمعيات الخيرية كل ذلك وداره كان ناديا ومدرسة ومزرعة وكنيسة, لقد كان طوداً عظيماً صنع أدباء و أساتذة وتاريخ وتجار وأبناء طائفة.
جاء في كتاب رجالات الجزيرة ص 20 تحت : الوجيه الكبير شكري جرموكلي ( دبلوماسي في حديثه ومظهره, عالي الثقافة, كريم الاخلاق, ممتاز الصفات, عذب الحديث, يسحرك ببلاغته وسعة اطلاعه, مرب قدير, مارس سال التعليم ردحاً من الزمن, وتخرج من على يديه عدد كبير من الشباب والنجباء الذين تفتخر بهم الجزيرة ).
وسرعان ما فكر بخدمة الجزيرة عن طريق الزراعة وإذ به وبسنوات قليلة من كبار المزارعين الناجحين وشعاره في العمل يقول: التفكير الصحيح الناضج والدراسة الوافية قبل الاقدام.
ولو لم يكن مزارعاً لأصبح سياسياً ناجحاً لأنه إذا ما حدثك عن السياسة يتكلم كرجل خبير في خفاياها وبواطنها لاتشك في أذنك أمام أحد أقطابها, لم ينتم الى حزب من الأحزاب ولم يرشح نفسه للنيابة رغم كثرة أنصاره, كان عملاقا مع الكبار وصغيراً مع الصغار وكان العين الساهرة التي لا تنام يحمل هم وأحزان شعبه, ولرئيه المكانة المرموقة والكفة الراجخة دوماً.
سمي خلال حيانه: ألأفندي وألأستاذ والمربي والفاضل والبيك والملفونو ولكن أحلى التسميات وأفضل الألقاب لديه كانت تسمية الملفونو شكري.
كان قلبه مع هذا الشعب ويتسع له, هذا القلب الذي توقف عن الخفقان أثناء زيارته لبيروت في 13-2-1974 ووري الثى هناك, وقام الكشاف السرياني اللبناني بمراسيم التشييع.
وللحق والحقيقة نقول: لقد كان المرحوم مفخرة للسريان يعتزون به وشمعة مضيئة تنير لهم دروبهم.
تم نقل الموضوع عن كتاب وجوه سريانية
بقلم الأستاذ جوزيف اسمر ملكي
المصدر: موقع الجزيرة كوم