سلايد
مقابلة يوسف العظمة مع الملك فيصل قبيل معركة ميسلون
قبيل معركة ميسلون، وفي ليلة 23 تموز، اجتمع الوزراء وحاشية فيصل في القصر لاستعراض ما يمكن أن يحدث، وكان يوسف العظمة ممتقع الوجه. وكلمه رشيد رضا على ادعائه بقدرة الجيش العربي على مقاومة الفرنسيين، بينما تبين العكس باعتراف العظمة نفسه. فأجابه العظمة بأنه مذنب ويتحمل تبعة عمله، وقال: (كدت البارحة انتحر من الغم فلا تزد علي)[1].
وكذلك قال أسعد لداغر وهو دامن العين : (كان الفوز مكفولاً لنا، فأضعته بيدي، وإني أعرف ما يجب على وسأقوم بواجبي، ولست آسفاً على نفسي، بل أسفي على الأمة التي ستظل سنوات كثيرة أو قليلة، هدفاً لكل أنواع المحن والمصائب، وإني مطمئن إلى مستقبل الأمة، لما رأيته وخبرته بنفسي، من قوة الحياة الكامنة فيها، وواثق من عطف أصدقائي على طفلتي، فسأذهب مستريح البال، مطمئن القلب في طريق الواجب المفروض علي).
ثم انتحى جانباً بالحصري وأوصاه بابنته باللغة التركية، وكانت زوجته وابنته قد وصلتنا من تركيا قبل أسبوعين.
ثم دخل إلى غرفة فيصل وجرى بينهما الحوار التالي:
العظمة: أتيت أتلقى أوامر جلالتكم.
فيصل: بارك الله فيك، إذن أنت مسافر لميسلون.
العظمة: نعم يا مولاي، إذا كنتم لا تودون قبول الإنذار الأخير.
العظمة: لأني لم أكن أعتقد، بأن الفرنسيين يتمكنون من دوس جميع الحقوق الدولية والإنسانية، ويقدمون على احتلال دمشق. وكنت أتظاهر بمناورة للمقابلة بالمثل.
فيصل: وهل يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم؟
العظمة: إذن فهل يأذن لي جلالة الملك أن أموت؟
فيصل: بعد أن انتهت الأمور إلى هذا الحد، يجب علينا أن نموت جميعاً، وننقذ البلاد من حرب أهلية أيضاً.
العظمة: إذن فأنا أترك ابنتي الوحيدة أمانة لدى جلالتكم[2].
ثم سلم يوسف وذهب الى منزله وارتدى ملابسه الرسمية العسكرية، وودع زوجته وابنته، وخرج بالسيارة، ومر أمام القصر، وتابع سيره إلى ميسلون[3].
[1] في مقابلة مع فريد البدوي في ربيع 1978، ذكر أن يوسف العظمة بعد ذهابه إلى بيته بعد قبول الحكومة لإنذار غورو، صوب المسدس إلى رأسه يريد الانتحار، فدخلت ابنته ليلى الصغيرة، فتوقف عن تنفيذ الانتحار.
[2] روى هذا الحوار الطبيب أحمد قدري عن الضابط ياسين الجابي مرافق العظمة الذي حضر المقابلة بين فيصل والعظمة، أحمد قدري، مذكرات، صـ 261.
[3] سلطان ( علي)، تاريخ سورية 1918 -1920م، صـ 378