أعلام وشخصيات
محمد بهجت البيطار
محمد بهجت البيطار
علامة الشام
(1311هـ/1894م-1396هـ/ 1976م)
محمد بهجت بن محمد بهاء الدين البيطار، العالم الفقيه، والمصلح الأديب، والمؤرخ الخطيب، ولد بدمشق سنة (1894م) في أسرة دمشقية عريقة، اشتهر كثير من أبنائها بالعلم والأدب والتقوى، وكان جدها الأعلى هبط دمشق مهاجراً من «بليدة» من أعمال الجزائر في المغرب العربي، واختار لسكناه حي الميدان الكبير.
نشأ محمد بهجة البيطار في حجر والده الشيخ محمد بهاء الدين بن عبد الغني حسن إبراهيم الشهير بابن البيطار، كان والده هذا عالماً أديباً يقرض الشعر، محبوباً من الخاصة والعامة لمؤانسته إياهم، فقد تولى الإمامة فيهم بعد وفاة أبيه، وقد تزوج من ابنة عمه الشيخ عبد الرزاق ابن حسن البيطار الذي كان من كبار علماء دمشق العاملين على نشر المذهب السلفي، وكان بارعاً في علوم اللغة العربية وآدابها، حسن الرواية حاضر البديهة، ترك عدداً من المؤلفات أهمها كتاب «حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر»، حققه وتولى التعليق عليه سبطه محمد بهجة البيطار، وقام مجمع اللغة العربية بطبعه في دمشق في ثلاثة أجزاء.
ومن المفارقان أن والده كان من غلاة الصوفية، يقول الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله-: (ومن أعجب العجب، أن والد الشيخ بهجة كان صوفياً من غلاة الصوفية، القائلين بوحدة الوجود، على مذهب ابن عربي، وابن سبعين والحلاج …) [1]
تلقى محمد بهجة البيطار مبادئ علوم الدين واللغة على والده الشيخ محمد بهاء الدين، وأتم دراستيه الابتدائية في المدرسة الريحانية والإعدادية في المدرسة الكاملية بدمشق، وتابع دراسته العالية في العلوم الدينية والعربية على والده وعلى جده لأمه الشيخ عبد الرزاق البيطار، وعلى كل من الشيوخ الأعلام في عصره: جمال الدين القاسمي الدمشقي، محمد خضر حسين التونسي نزيل دمشق وعلى محدث الديار الشامية الكبير محمد بدر الحسيني، ونال الإجازة منهم في مختلف العلوم النقلية والعقلية.
وكان تأثره بالشيخ جمال الدين القاسمي كبيراً، قال عاصم البيطار ولد الشيخ بهجة: (وكان والدي ملازماً للشيخ جمال الدين، شديد التعلق به، وكان للشيخ -رحمه الله- أثر كبير، غرس في نفسه حب السلفية ونقاء العقيـدة، والبعد عن الزيف والقشور، وحسن الانتفاع بالوقت، والثبات على العقيدة، والصبر على المكاره في سبيلها، وكم كنت أراه يبكي وهو يذكر أستاذه القاسمي).
والحمد لله أسهم الشيخ في نشر العقيدة الصحيحة .. وتولى عدداً من المناصب العلمية .. وقد اختير الشيخ «بهجة البيطار» في جمعية العلماء، ثم في رابطة العلماء في دمشق.
- تولى البيطار سنة (1910م) الخطابة والتدريس في جامع «القاعة» بحي الميدان خلفاً لوالده، وكان خطيباً بارعاً يخطب ارتجالاً، ثم تولى سنة (1917م) الخطابة والتدريس في جامع «كريم الدين» الشهير بالدقاق خلفاً لخاله، وهذا الجامع هو مسجد المحلة التي تقطن أسرة البيطار فيها، وكانت الإمامة والخطابة فيه في أسلاف البيطار مما يمتد لأكثر من مائة عام، وظل محمد بهجة البيطار يخطب ويدرس الناس مختلف العلوم في مسجد محلته إلى أن التحق بالرفيق الأعلى، ما انقطع عن ذلك إلا لمرض أو سفر.
- سافر للحجاز وحضر مؤتمر العالم الإسلامي في مكة المكرمة عام (1345هـ – 1926م)، وأبقاه الملك عبد العزيز فجعله مديراً للمعهد العلمي السعودي في مكة، ثم ولاه القضاء، فاشتغل به مدة ثم استعفاه، فولاه وظائف تعليمية، وجعله مدرساً في الحرم، وعضواً في مجلس المعارف.
وقد كان سبباً في هداية عدد كبير من طلبة العلم والمثقفين والأدباء إلى العقيدة الإسلامية الصحيحة.
ومنهم الشيخ الأديب علي الطنطاوي حيث يقول عن تلكم الحوارات: (لقد وجدت أن الذي أسمعه منه يصدم كل ما نشأت عليه، فقد كنت في العقائــد على ما قرره الأشاعرة والماتريدية، وهو شيء يعتمد في تثبيت التوحيـد من قريب أو بعيد على الفلسفة اليونانية، وكنت موقناً بما ألقوه علينا، وهو أن طريقة السلف في توحيد الصفات أسلم، وطريقة الخلف أحكم، فجاء الشيخ بهجة يقول: «بأن ما عليه السلف هو الأسلم، وهو الأحكم»… وكنت نشأت على النفرة من ابن تيمية والهرب منه؛ بل وبغضه، فجاء يعظمه لي، ويحببه إليّ، وكنت حنفياً متعصباً للمذهب الحنفي، وهو يريد أن أجاوز حدود التعصب المذهبي، وأن أعتمد على الدليل، لا على ما قيل… وتأثرت به، وذهبت مع الأيام مذهبه مقتنعاً به، بعد عشرات من الجلسات والسهرات في المجادلات والمناظرات … )
الشيخ محمد بهجة البيطار يزور الرئيس فارس الخوري في مشفى المجتهد 1960
المراجع والهوامش:
(1). عزة أقبيق، التاريخ السوري المعاصر
المراجع والهوامش:
(1). عزة أقبيق، التاريخ السوري المعاصر